بن بسي خديجة حرفية في الطرز التقليدي القبائلي لـ”المساء”:

غلاء المواد الأولية ومشكل التسويق يطاردان الحرفي باستمرار

غلاء المواد الأولية ومشكل التسويق يطاردان الحرفي باستمرار
  • القراءات: 671
❊   س. زميحي ❊ س. زميحي

تأسفت الحرفية خديجة بن بسي من بلدية تيزي وزو، عن جملة المشاكل والنقائص التي يواجهها الحرفي لضمان استمرار ممارسة الحرف، في مقدمتها غلاء المواد الأولية، وكذا مشكل التسويق الذي جعل المنتوج التقليدي حبيس جدران ورشات  الخياطة والصناعة وغيرهما، بسبب نقص فضاءات تحفز الحرفيين على الإبداع أكثر، مما يتطلب، حسبها، تدخل الدولة لدعم ومرافقة الحرفيين، على اعتبار أن هذا المجال وديعة يمكنها المساهمة في ترقية الاقتصاد.

الحرفية بن بسي التي التقتها المساء بدار الثقافة مولود معمري في تيزي وزو، على هامش مشاركتها في سوق يناير، بمناسبة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، قالت إن ممارسة الحرف التقليدية يواجهه صعوبات ومشاكل، فإلى جانب غلاء المواد الأولية ومشكلة التسويق، تواجه الحرفية مشكل نقص العتاد وارتفاع تكاليف كراء المحلات، وهو ما يؤثر على تحديد سعر المنتوج، وتجد بذلك الحرفية صعوبات في عرض حرفها على الزبائن، لأن بيعه بثمنه الحقيقي يكون مكلفا، في حين أن بيعه بأقل يكون خسارة بالنسبة لها، حيث أعقبت أنها تستعمل الصوف بنسبة 100 بالمائة، وهو غير متوفر بقوة في السوق، وإن وجد، فإنه يباع بأثمان خيالية، حيث لا يمكن للحرفية التخزين، ودائما تضطر إلى تسجيل طلبات اقتناء ما تحتاجه لإعداد الطلبيات.

عبرت الحرفية عن أمالها في أن تجد يد المساعدة من السلطات، خاصة فيما يخص العتاد، لتضمن بذلك ممارسة حرفتها بإتقان، مع تكوين أجيال وأجيال، على اعتبار أن هذه الحرفة جزء من التراث الجزائري، متأسفة عن الصعوبات التي تواجهها، لكن دون التقليل من عزيمتها في إبداع موديلات تعرضها بمحلها بدار الصناعات التقليدية والحرف لتيزي وزو، والتي تستقطب أنظار الزوار للدار، لكنها تحلم بأن تسوق كل منتوجاتها، بغية تحقيق أرباح تستغلها لاقتناء المواد الأولية، وهكذا تستمر حلقة ممارسة الحرفة والإبداع والإنتاج وتلبية طلبات الزبائن.

تطرقت الحرفية لمسيرتها في مجال حرفة الطرز التقليدي، حيث قالت، إنها تعتمد على اليد لطرز ملابس لكل الشرائح الرجال، النساء وحتى الأطفال، وهذا يتوقف على طلب الزبون من ملابس تقليدية وعصرية في الطرز، مضيفة أنها تمارس هذه الحرفة منذ أكثر من 15 سنة، حيث ورثت الحرفة من والدتها التي نقلت إليها خبرتها التي ورثتها هي الأخرى عن أجدادها، حيث تعلمت خديجة الحرفة، وهو ما كان وراء الاستمرار في ممارستها إلى اليوم على نفس الطريقة والتقنيات التقليدية، التي جعلت إبداعاتها وموديلاتها غاية في الجمال.

أعقبت أنها عاشت وترعرعت وسط عائلة تمارس حرفة الطرز التقليدي، وهو ما كان وراء حبها لهذه الحرفة، الأمر الذي دفعها إلى تعملها في سن مبكرة، لتتقن بجدارة وكافأة فن الطرز وتوسع المجال للإبداع في موديلات مختلفة، وفي كل مرة تأتي بالجديد، مما جعلها اليوم حرفية فنانة بالنظر إلى الأشكال التي تبدع في طرزها.

تقول خديجة وكلها ثقة في النفس، إن حب المهنة جزء مهم من النجاح، حيث وسعت مجال الطرز لتمس أفرشة وأغطية، وكذا الطرز على الوسادة وغيرها من أغراض جهاز العروس، وشراشف ومفارش مطرزة خاصة بغرفة الجلوس، غرفة النوم وغيرها، تستعمل لتزيين الموائد والخزانات.

بخصوص الزبائن، تقول الحرفية، إن التعريف بمثل هذه الحرفة يتطلب التنقل والمشاركة في معارض وصالونات خارج الولاية، لتمكين الزبائن من الاطلاع على إبداعاتها، ولأنها ربة بيت، فإنها تشارك في المعارض القريبة من مقر سكناها، كما أنها تكتفي ببعض الزبائن القاطنين بالجوار، ورغم ذلك، فكل من وقعت عيناه على ما تبدعه خديجة في الطرز، يعود لطلب تجهيز ملابس، أفرشة وأغطية، وكل من اطلع على هذه الملابس بمنطقة أخرى، طلب عنوان الحرفية، وهكذا أصبح لها زبائن من كل مكان، فبينما بقيت هي في تيزي وزو، جابت إبداعاتها عدة مناطق من الوطن بفضل الزبائن.

قالت؛ إن لديها بطاقة حرفية، وطلبت من غرفة الحرف بالولاية المساعدة، لكن في كل مرة هناك وعود لا ترى النور، مؤكدة أنها بحاجة إلى عتاد، موضحة أنها تقوم بطرز برنوس يستغرق شهر ونصف الشهر مثلا، بعدها يحتاج لجهاز من أجل التكفل بالرتوشات الأخيرة، ويكون جاهزا تماما، ولا يمكن بلوغه بسبب افتقارها للعتاد الخاص بهذه الرتوشات التي تسمح بتحويل القماش إلى تصميم ناعم خال من التجاعيد والتموجات، مضيفة أنه أمر مؤسف، حيث بعد جهد وتعب على مدار أيام، يكون المنتوج ناقصا، مما يؤثر على معنويات الحرفي، لأن من يحب عمله يعمل على إتقانه.

عن الأشكال التي تضعها خديجة على الملابس والأفرشة والأغطية، تقول إنها تعلمتها من جدتها ووالدتها، ولكل رسم معنى، حيث تضيف أن المرأة القبائلية في الماضي، كانت عند زيارة لأهلها، تعبر بالرسومات عن حياتها، بما فيها أخبار سارة ومشاكل زوجية وغيرها، فتقوم بوضع رسومات على الفخار، الحلي، الملابس وغيرها، وتكون بمثابة رسائل موجهة وهادفة، ومع استمرار ممارسة الحرف، نقلت معها هذه الأشكال.