"التحرش الجنسي الرقمي"

ظاهرة خطيرة تستفحل في مواقع التواصل

ظاهرة خطيرة تستفحل في مواقع التواصل
  • 722
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

شددت الخبيرة في علم الاجتماع، الأستاذة حياة عراب، على ضرورة تحسيس المرأة بأهمية التبليغ في حالة تعرضها للتحرش الجنسي، مشيرة إلى أن المرأة حول العالم، تعاني ولو مرة في حياتها، إلى حالة من حالات التحرش جنسيا، بدرجات متفاوتة، سواء في بيتها، عملها ومدرستها، خاصة في الشوارع، مؤكدة أن هذه الظاهرة باتت تأخذ أبعادا جد مقلقة في الجزائر.

أوضحت المختصة، أن تلك التهديدات لم تعد مرتبطة بالخروج من البيت، بل باتت المرأة معرضة للتحرش حتى دون خروجها، عن طريق بلوغ المتحرش ضحيته من خلال الأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وخلقت بذلك مصطلحا جديدا للتحرش، وهو "التحرش الرقمي"، قائلة في هذا الصدد، إن امرأة واحدة فقط من أصل العشرات، تقدم تبليغا بشأن تعرضها للتحرش عن طريق تلك المواقع، لوقف المتحرش ومحاسبته عن فعلته، في حين يظل البقية طلقاء، يجدون بذلك راحتهم في بلوغ عشرات الفتيات، من خلال تصفحهم مختلف منصات التواصل الاجتماعي.

التحرش انتقل من الشارع إلى العالم الافتراضي

ذكرت المختصة، أن استفحال ظاهرت التحرش الجنسي، انتقلت من الشوارع إلى العالم الافتراضي، متيحة بذلك أمام المتحرش، فضاء سهل الولوج، وأكثر أمانا ـ في اعتقاده ـ لبلوغ الضحية وإشباع ميولاته الغريبة، دون أن يتم القبض عليه، أو محاسبته على فعلته، مؤكدة أن على عكس اعتقاد البعض، فهذه الظاهرة المجتمعية "الخطيرة" لم تعد تحدق بفئة أو نوع معين من الفتيات، بل باتت تمس الجميع وتهددهن بنفس درجة الخطورة، إذ قد تتعرض المرأة للتحرش، بغض النظر عن عمرها أو لباسها.

وأضافت الخبيرة، أن غياب الوازع الديني والأخلاقي للمتحرش، وراء استفحال هذه الظاهرة في المجتمع الجزائري، مؤكدة على ضرورة تحسيس المرأة منذ طفولتها، بأهمية الانتفاضة وعدم الصمت وقبول تهديدات المتحرش، لوقف تصرفات المعتدي "القذرة"، على حد تعبيرها.

العالم الأزرق يخفي كثيرا من مرضى النفوس

كما أكدت أن العالم الافتراضي اليوم، يخفي الكثير من المرضى النفسانيين، من المتحرشين، الذين يحاولون بلوغ ضحاياهم في الخفاء، دون داعي إظهار شخصه، بالتالي يجد لنفسه الحرية المطلقة في التعبير عن ما يريده دون خوف أو حرج، كل ذلك يدفع إلى الإساءة للفتاة لفظيا، ويحاول استدراجها في أحاديث جنسية يغذي بهم رغباته الجنسية، لينتقل من ضحية إلى أخرى.

وأضافت: "إن ظاهرة التحرش الجنسي الإلكتروني، من جرائم العنف الرقمي، الذي يلحق بالضحية ضررا على المستويين النفسي والجسدي على السواء، قد يكون له في بعض الحالات نفس أثر الاعتداء الجنسي، خاصة على الضحايا الأكثر حساسية، كالفتيات الصغار، أو المرأة الحساسة وهشة الشخصية"، موضحة أن مواجهة المتعدي "الرقمي" تكون من خلال التبليغ عنه.

التحرش يؤدي إلى الكآبة والحزن وفقدان الثقة في النفس

في الكثير من الحالات، تدخل الفتاة التي واجهت نوعا من أنواع التحرش الرقمي، الكآبة، وتشعر بالخزي والعار، والانتهاك لشخصيتها وحرمتها، وتشعرن بانعدام الثقة في نفسها ومن حولها، كما أن الكثيرات يفقدن شغف أداء هواياتهن وما يرغبن فيه من مهام يومية، بل ويفضلن الانطواء والانعزال تماما.

كل تلك الآثار النفسية، تضيف خبيرة الاجتماع، نتاج بعض الإساءات التي قد يتعرضن لها، من خلال وصول متحرش لهن عن طريق وسائط تواصل اجتماعي، ومنصات المحادثات، كـ"الفيسبوك وتويتر وانستغرام" وغيرها، حيث يجد المتعدي فرصة إرسال صور مخلة بالحياء لها، أو محادثتها بألفاظ دنيئة، أو عرض أشياء أو أفعال جنسية عليها، ويحاول البعض من خلال كلامهم، عرض المال أو حتى القيام بتهديدات وابتزازات، وغيرها من السبل التي دائما ما يحاول الإبداع فيها، وغايته الوحيدة بلوغ مبتغاه وإشباع رغباته الجنسية.

وتضيف أن أكثر ضحايا التحرش الجنسي السيبراني، هم الأطفال والفتيات الصغار، اللواتي لا يدركن تماما واقع ذلك العالم، فيجدن أنفسهن في فخ هؤلاء الذين يحاولون استغلال براءتهن وسذاجتهن لبلوغ غايتهم المقرفة، تقول حياة عراب، مشددة على أن على الأولياء مراقبة أطفالهم عند تصفحهم الأنترنت، وحجب ما لديهم من مواقع يمكن أن تكون تهديدا لسلامتهم العقلية ونفسيتهم.

وقالت الخبيرة: "المتحرش شخص يعاني من مرض نفسي، ويمكن أنه تعرض هو الآخر إلى مشكل وسط مجتمعه في صغره، ذلك ما قد يجعله منحرفا جنسيا وينعدم لديه الوازع الأخلاقي".

في الأخير، شددت الخبيرة على أهمية التبليغ وكشف هوية كل من يسيء إليه، بالرغم من رفضها ذلك، موضحة أن إيجابية التعرض للتحرش عبر الأنترنت، هي سهولة كشف هوية المتحرش من طرف أعوان الأمن، إذ تم منذ سنوات، ضبط سلطة خاصة للتحقيق في الجريمة الالكترونية، لاسيما أن التحرش الجنسي الرقمي لا يقل جرما عن الاعتداء الجنسي المباشر، ففي نظر خبراء النفس، وفق محدثة "المساء"، كل متعدٍ رقمي هو شخص مهيأ للتعدي الجنسي في حال أتيحت له فرصة لذلك.