مازالت العائلات السكيكدية محافظة عليها
طقوس "الختان"... عادات قديمة تأبى الاندثار

- 279

ماتزال العائلة السكيكدية متمسّكة بعادات الختان التي تأبى أن تزول، لتظل القاسم المشترك بين كل العائلات أو تكاد على الرغم من بعض العادات التي تغيّرت بفعل الزمن. لكنّ طقوس الختان حتى وإن اختلفت في بعض التفاصيل من منطقة إلى أخرى، تبقى سمة تشترك فيها عوام العائلات السكيكدية، كون أغلبها تتمّ على الطريقة والتقاليد المتوارثة في ما يخص طقوسها، لأنّها في عرفها، تحمل قيمة دينية واجتماعية كبيرة.
ويتم الشروع في الاستعداد ليوم الختان بالعديد من مناطق ولاية سكيكدة، بأيام؛ حيث تستعد العائلات بتنظيف البيوت، وتحضير بعض أطباق الحلويات التقليدية، خاصّة البقلاوة والمقروض والتشاراك. كما تقوم العائلات القاطنة في مناطق الريف بفتل الكسكسي، ونشره قبل موعد حفل الختان، إلى جانب تحضير جبّة الصبي التي تكون إما بيضاء اللون مع طربوش أحمر مطرّز، أو ببرنوس مطرّز أيضا، مصنوع من "القطيفة" أو لباس كراكو صغير بالقطيفة، ومطرز بالفتلة الذهبية أو المجبوذ، إلى جانب حذاء يُعرف بـ« البابوش" .
وفي ليلة "الطّهارة" تحرص العائلة السكيكدية على وضع الحناء للطفل المبللة بماء الزهر، وكذا بعض أفراد العائلة، مع الحرص على وضع في إناء الحناء قطعة من الفضة، وسط حضور العمات والخالات والجدة والجد إن وُجدوا في ليلة ساهرة، تُطهى فيها بعض الأطباق التقليدية، فيما تُسمع الزغاريد وسط الأهازيج الشعبية التي تطلقها حناجر النسوة، بينما على مستوى المدن والتجمعات الكبرى، يتم الاعتماد إمّا على الأشرطة الموسيقية، أو غالبا ما يتمّ إحضار فرق الطبلة والزرنة والبارود الذي يعوَّض عند البعض بالشماريخ، ناهيك عن تزيين البيت بالأنوار المتلألئة، وكذا المائدة بقصعة كبيرة أو"سينية" بها مكسرات مختلفة وحلويات وشموع. كما تقوم بعض العائلات بوضع منديل أحمر على رقبة الطفل، وهي من العادات الأكثر شيوعا في وسط العائلات المحافظة التي ماتزال تؤمن بالعين؛ لإبعاد عين الحسود عنه.
الختان بطرق عصرية
وفي يوم الطهارة وبخلاف الماضي حيث كانت تتم عملية الختان داخل المنازل والمساكن، يتم إحضار "الطهّار" ، وهو رجل كبير محترف أو ممرض، إلى البيت، يقوم بعملية الختان بطرق تقليدية بدائية، فإنّ اليوم يؤخذ الصبي من قبل الأب، وعند بعض العائلات من طرف الجد أو العم، ويكون مرفقا من قبل الأب أحيانا، والأطفال الذين يرتدون أجمل الثياب في موكب للسيارات، إمّا إلى المؤسسة الاستشفائية أو عند عيادة طبية، حيث يقوم الجراح بعملية الختان بطرق عصرية وحديثة. وعندما تتم العملية وسط بكاك للصبي وفرحة للعائلة، تقام الأفراح في المنزل على وقع الزرنة وفرقة العيساوى، بينما تقوم النسوة بتحضير البغرير أو المسفوف وحتّى الطمينة. كما يقوم الحضور بوضع في طربوش الطفل الذي يعامَل كالملك أو على مستوى "السينية" ، النقود، وهي عادة ماتزال إلى يومنا هذا أو كما يُعرف بـ "الرشق" ، وسط أهازيج النسوة، وزغاريدهنّ.
ومن العادات التي ماتزال متجذرة في العائلة السكيكدية، تنظيم وليمة يحضرها أفراد العائلة والأقارب، وبعض الجيران لتناول إمّا العشاء أو الغداء، في قعدة عائلية تقدّم من خلالها أطباق الكسكس باللحم أو بالدجاج، أو الشخشوخة، أو الثريدة، وغيرها من الطباق التقليدية.
ومن العادات التي ماتزال إلى يومنا قيام بعض العائلات ممن ماتزال تحافظ على عادات الآباء والأجداد، بأخذ تلك القطعة من اللحم، ودفنها في التراب؛ سواء على مستوى المسجد أو بمحاذاته.
للإشارة، فإنّ العديد من الأسر تختار فصل الصيف لختان أبنائهم، بينما يفضّل البعض الآخر ليلة 27 من رمضان تبركا بشهر القرآن.
وعلى الرغم من أن بعض تقاليد الختان تغيرت إلا أنّه يحمل في سكيكدة أهمية دينية واجتماعية كبيرة.