بسبب قلّة الطلب وارتفاع تكاليف الخشب

صنّاع الأثاث بالقليعة يُحالون على التقاعد

صنّاع الأثاث بالقليعة يُحالون على التقاعد
  • 1233
رشيدة بلال رشيدة بلال

يشهد سوق الأثاث بمدينة القليعة بولاية تيبازة، تراجعا كبيرا في النشاط التجاري، بفعل تداعيات جائحة كورونا، التي ألقت بظلالها على إنتاج مادة الخشب، والتي ارتفعت أثمانها بشكل كبير، ما عجز، أمامه، التاجر  والحرفي عن شراء ما يحتاج إليه لورشته، وهو ما انعكس، أيضا، على أسعار الأثاث، التي لم تعد في متناول المواطن، الذي اختار، هو الآخر، التوجه إلى الأثاث المصنوع من مواد أخرى أقل ثمنا، على غرار  “فوراكس”، أو “البلاستيك”.

وقفت “المساء” خلال الزيارة التي قامت بها إلى سوق الأثاث بمدينة القليعة المعروف بنوعية السلع المعروضة، والمقاييس مختلفة الأبعاد والألوان، وقفت على تراجع الطلب عن مختلف أنواع الأثاث، على غرار غرف النوم للكبار أو الأطفال، وطاولات الطعام، وتجهيزات غرف الجلوس، وغيرها من الأثاث بالنظر إلى الارتفاع غير المسبوق في الأثمان، فخزانة صغيرة لتصفيف الأحذية يفوق سعرها 30 ألف دج، فما بالك بسعر طاولة الطعام التي فاق ثمنها 70 ألف دج بشهادة عدد من التجار تحدّثت إليهم “المساء”.

وحول أسباب ارتفاع أثمان الأثاث وقلة الطلب أشار التاجر “كمال. ق« صاحب محل لبيع الأثاث، إلى أن مدينة القليعة معروفة منذ زمن، ببيعها الأثاث المنزلي بمختلف الأنواع والأشكال، وتستخدم في صناعتها أجود أنواع الخشب. وكان الزبائن يقصدونها من مختلف ولايات الوطن، لشهرتها في المجال، غير أن السنوات الأخيرة التي اجتاحت فيها الجائحة العالم والجزائر، أثرت، كثيرا، على نشاطهم بسبب توقف عملية استيراد مادة الخشب، وضعف الإنتاج المحلي، الأمر الذي أثر عليهم، وجعلهم غير قادرين على العمل بورشاتهم بسبب ارتفاع تكاليف الخشب، وضعف القدرة الشرائية، ما ترتّب عليه تراجع الطلب، لافتا إلى أنه خلال اليوم، قد يبيع قطعة واحدة، وفي كثير من الأحيان يكتفي بالرد على أسئلة الزبائن، الذين يستفسرون عن الأسعار، ومن ثمة يغادرون بدون اشتراء.

وأشار تاجر آخر صاحب ورشة لصناعة الأثاث، في معرض حديثه إلـى “المساء”، أشار إلى أن مدينة القليعة تضم أكثر من 250 تاجر متخصص في بيع الأثاث المنزلي، وأكثر من 500 ورشة. وكانت المدينة في ما مضى، قِبلة الزبائن الذين يبحثون عن أثاث مصنوع بجودة عالية، غير أن الجائحة أثرت، بشكل كبير، على نشاط الحرفيين، من النجارين بسبب غلاء مادة الخشب وقلّتها في السوق لمحلي، الأمر الذي أثر على النشاط التجاري لعدد كبير من التجار بعدما عجزوا عن تحمّل نفقات نشاطاهم بسبب ضعف عملية البيع نتيجة ارتفاع الأسعار، والنتيجة، يقول، “إغلاق عدد من الورشات، وتغييرها نشاطها”.

كما أشار آخرون إلى أن نشاطهم التجاري ينتعش، عادة، خلال موسم الصيف، الذي يُعرف بكثرة الأعراس، ولكن في السنوات الأخيرة تم تسجيل تراجع في معدل الزواج، الأمر الذي أثر، هو الآخر، على بيع غرف النوم التي تكلف التاجر مبالغ مالية كبيرة. وفي المقابل تظل السلع مركونة في المحل، مما يؤدي إلى التوقف على مزاولة النشاط إلى غاية تسويق السلع، ما انعكس، سلبا، على هذا النوع من الأنشطة، ودفع بالكثيرين إلى التخلي عن النشاط، أو تغييره.

وأكد البعض أن ارتفاع سعر الخشب أثر على ارتفاع سعر الأثاث، ما دفع بكثير من المواطنين، إلى التوجه لاقتناء أثاث مصنوع من مادة “الفوراكس” أو حتى البلاستيك، هروبا من ارتفاع التكاليف بسبب غلاء مادة الخشب وقلّتها في الأسواق، مشيرين إلى التوجه، من أجل إنعاش عملية البيع، إلى منصات التواصل الاجتماعي، وتقديم تخفيضات، لتحفيز الزبائن على زيارتهم، وإقناعهم بالاشتراء.

تداعيات الجائحة أثرت على السوق العالمي للخشب

من جهته، أرجع حاج طاهر بولنوار، رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، الارتفاع غير المسبوق في الأثاث، إلى مادة الخشب وما تبعها من رسوم على الاستيراد بالدرجة الأولى، فضلا عن نقص المادة الأولية، ممثلة في الخشب بالأسواق المحلية، وقلة الإنتاج المحلي وزيادة الطلب عليه، الأمر الذي رفع ثمن الخشب، ومن ثمة ارتفاع أسعار الأثاث المكتبي والمنزلي، مشيرا إلى أن السوق العالمية، هي الأخرى، عرفت في السنوات الأخيرة بفعل الجائحة، تراجعا في عرض مادة الخشب من طرف الدول المنتجة والمصدّرة.

وأشار المتحدث إلى أن من نتائج الارتفاع المسجل في أسعار الأثاث، نقص في الطلب من الزبائن على الأثاث، الأمر الذي دفع بالعديد من التجار، إلى التوقف عن ممارسة النشاط بسبب عدم قدرتهم على تحمل التكاليف من إيجار للمحل، والضرائب، وتكاليف النقل، الأمر الذي قلّص من عددهم، فيما اضطر آخرون للتوقف، مؤقتا، عن ممارسة النشاط.