ترتبط بالطبخ الجزائري التقليدي
صناعة "القصعة" حرفة قديمة توارثتها الأجيال

- 2974

أوضح حسين آيت سي سالمي، حرفي من عين الحمام بتيزي وزو، مختص في تدوير الحطب وصناعة الجفان "القصعة"، أن هذه الحرفة اليدوية الضاربة بجذورها في القدم، توارثتها الأجيال واستطاعت أن تضمن استمرارها، رغم قدمها واستغناء العديد عنها، وهو الحال بالنسبة للحرفي الذي يعتبر من الجيل الثاني من العائلة المحافظة على هذه الصنعة.
كثيرة هي الحرف اليدوية التي تقاوم الزمن ويحاول روادها تكييف تصاميمها مع التطورات الاجتماعية والاقتصادية، لتفادي تراجعها واختفائها، هذا ما أكّده الحرفي سالمي من عين الحمام، المنطقة الغنية بالأشجار كالتوت، الجوز، البلوط، وكذا الزيتون، كلها تعتبر بالنسبة للحرفيين الذين يمارسون حرفة كآيت سي سالمي، مكسبا لهم وبمثابة رأس مال، باعتبارها المادة الأولية لمصدر رزقهم.
تعد صناعة القصعة نشاطا حرفيا ينتشر بكثرة في ولاية تيزي وزو ومناطق أخرى من شرق البلاد، كولايتي ميلة وجيجل، حيث اختص منذ سنوات عديدة سكان تلك المناطق بهذه الحرف وعاشت بها العائلات لعقود من الزمن، وتظل اليوم ثروة بالنسبة لبعضها، إذ تحترف صناعة القصعة بكل أنواعها وأشكالها، كونها ترتبط بالنظام الغذائي الشعبي للجزائريين.
عرض المتحدث خلال مشاركته في معرض الحرف والصناعات التقليدية مؤخرا، بساحة البريد المركزي، العديد من الأواني الخشبية الجميلة، من قصعة ومهراس وبعض الأواني الخاصة بالأكلات التقليدية، كـ«الزفيطي"، إلى جانب الأواني العصرية كحاملات السكر وغيرها، مؤكدا أن رجوع بعض الأكلات التقليدية كـ«الشخشوخة والزفيطي والكسكسي" وغيرها، هو ما أعاد الاعتبار لتلك الأواني، فلا تكتمل لذة الطبق دون الأواني الخاصة به، إذ تضفي تلك الأواني الخشبية على المائدة أصالة لا يضاهيها شيء من العصرنة، فباستمرار تلك الأكلات تستمر الأواني الخشبية التي تستخدم في إعداد مثل هذه الأكلات الشعبية.
يقول الحرفي بأنه ليس كل الأشجار صالحة لصناعة الأواني الخشبية، فهناك ما لا يصلح لهشاشة حطبها وعدم مقاومته للحرارة والبرودة وغيرها، مشيرا إلى أن أفضل أنواع الأشجار في صناعة القصع هو شجر الأرز، المعروف بتسميته القديمة "الباقنون"، لكن لقلته في المنطقة يستعمل الحرفي شجرة الجوز، الدردار، التوت، والزيتون، وحتى شجر "حب الملوك"، لكن قلته تحول دون استخدامه من قبل الحرفيين، لكن منتوجاته تكون الأجود والإقبال عليها كبير.
وقد اختلفت أسعار القصع المعروضة، حسب نوع الخشب المستعمل، وتتراوح بين 4000 و7000 دينار، كما تختلف أيضا حسب حجمها وعمقها، علاوة على اللمسات الخاصة بالجانب الخارجي بألوان منطقة القبائل التي زادتها جمالا.
❊نور الهدى بوطيبة