الأستاذة سهيلة دهماني من جامعة قسنطينة:

صناعة العلامة التجارية للمدن طريق السياحة الناجحة

صناعة العلامة التجارية للمدن طريق السياحة الناجحة
  • 3828
رشيدة بلال رشيدة بلال

قالت الأستاذة سهيلة دهماني، تخصص إعلام من جامعة قسنطينة 3، بأن العلامة التجارية هي الهوية التي تميز كل مدينة من خلال خصائصها الجغرافية، العمرانية، الثقافية... ، حيث يتم استخدامها لبناء تصورات إيجابية عن المدينة بهدف تشجيع السياحة، وهو ما ينبغي للجزائر العمل عليه بغية ترقية سياحتها خاصة وأنها تحوي على العديد من عناصر الجذب السياحي التي تكفي لصناعة العديد من العلامات التجارية المتنوعة لكل مدينة على حد، كالجسور المعلقة بقسنطينة التي تعد وحدها علامة تجارية ومكسبا سياحيا غير مستغل. تقول الأستاذة سهيلة، في بداية مداخلتها بمناسبة مشاركتها في الملتقى الدولي للسياحة" بأن حلم كل مدينة في العالم أن يكون لها اسم وسمعة وعلامة تجارية تساعدها في أن تكون على الخريطة الجغرافية محليا وعالميا". وتعلق "الأمر بطبيعة الحال ليس بالبساطة التي يتصورها الكثيرون، لأن التحديات كبيرة نظرا لاعتبارات عديدة من أهمها المنافسة الشرسة على المستويين المحلي والدولي وكذلك المستلزمات الضرورية التي يجب أن تتوفر عليها المدينة من مرافق وبنية تحتية ومعالم وآثار واستراتيجية تسويقية تكون على أعلى مستوى". ويعتبر تسويق المدن، تضيف المحاضرة، وبناء صورتها وإدارة سمعتها من أهم التحديات التي تواجهها المراكز الحضرية والمدن في مختلف دول العالم. والسؤال الذي ينبغي أن يطرح: كيف نسوق مدينة ونبني صورتها وندير سمعتها؟ وما هي الاستراتيجيات الأنسب لتحقيق ذلك؟ وما هي الجهات ذات الصلة التي ينبغي إشراكها في مثل هذه العملية؟ وتجيب بالقول؛ "إن الكلام عن تسويق المدن وصناعة علامتها يرتبط بدرجة كبيرة بالسياحة التي أصبحت الصناعة الأولى في العالم والمصدر الأول للدخل في العديد من مدن ودول العالم. مشيرة إلى أنه حتى نصل إلى مفهوم "العلامة التجارية أو الهوية المميزة للمدينة، لابد أن نطلع على الخلفية التاريخية لها، وكيف ومتى بدأت؟ 

المرجع التاريخي للعلامة التجارية للمدن

تقول المحاضرة بأنه بدايات العلامة التجارية ارتبطت بظهور أيقونات المدن من خلال الصور السياحية أو البطاقات البريدية، والتي كانت دوما تحمل رسما أو صورة خلفية لمواقع مميزة، فارتبط بذلك الموقع المحدد بهوية المدينة ككل، وأصبحت لكل مدينة أيقونة تميزها، فمدينة باريس، مثلا، اشتهرت ببرج إيفل، وهكذا كان لكل مدينة معلم مميز يعرف به من خلال الصور، إلى أن تطورت الأمور ودعمت الرؤى الاقتصادية هذه الإمكانات لتحقيق الاستفادة من تلك الأيقونات بشكل تجاري، فصنعت، تضيف "من أجل ذلك، الهوية التجارية للمدن والتي هي في حقيقتها تعبير عن رغبة مسؤولي المدينة بأن تكون مدينتهم مختلفة. وطرحت السؤال التالي: ما هو مفهوم العلامة التجارية للمدينة وعلى أي أساس تبنى؟ وتجيب؛ العلامة التجارية هي الهوية التي تتميز بها المدينة من خصائص جغرافية وعمرانية وثقافية وعادات وتقاليد يتم استخدامها لتغيير التصورات الخارجية للمدينة بغية تشجيع السياحة، وتعتمد العلامة التجارية على نقاط القوة والعناصر التي تشكلها وتميزها عن المدن الأخرى. إذن ما هي إلا الاستغلال الأمثل والتوظيف المثالي لما تنفرد به المدينة من قيم وخصائص، بالتالي فنجاح صناعة العلامة التجارية للمدينة يقوم أساسا على الاستثمار في الماضي لبناء المستقبل وفق المعطيات الوطنية والدولية، خاصة إذا علمنا أن بناء العلامة التجارية للمدينة هو عملية طويلة المدى واستثمار في المستقبل. 

التجربة الأردنية في بناء علامتها التجارية

اعتمدت المحاضرة على تجربة الأردن في بناء العلامة التجارية للمدينة، حيث قالت "بأن هذا البلد الشرق أوسطي العربي تعد السياحة واحدة من أهم القطاعات في اقتصاده، حيث وصلت عائدات السياحة إلى نحو 3 ملايير دولار في عام 2009، وزار الأردن 3.5 ملايين سائح من مختلف الدول"، مشيرة إلى أن أماكن الجذب السياحية به تضم زيادة على المواقع التاريخية مثل البتراء الشهيرة (موقع اليونسكو للتراث العالمي اعتبرها منذ عام 1985، واحدة من عجائب الدنيا السبع الجديدة في العالم)، ونهر الأردن، جبل نيبو مادبا، والعديد من المساجد والكنائس من القرون الوسطى، بالإضافة إلى المواقع الطبيعية غير الملوثة، مثل وادي رم، كما يقدم الأردن السياحة العلاجية، بالأخص في منطقة البحر الميت، وفي مناطق أخرى عديدة، حيث تتوفر كل مقومات العلاج الطبيعي من مياه دافئة غنية بالأملاح، إلى طين بركاني. وصولا إلى ممارسة رياضة المشي والغوص في الشعاب المرجانية في العقبة، حيث بدأ الاهتمام بالسياحة في الأردن منذ تأسيس الإمارة الأردنية عام 1921، واستمر الدعم الحكومي للنشاطات السياحية في الازدياد، خصوصا على الصعيد الاقتصادي ولأسباب عديدة منها المقومات السياحية الكبيرة، ومنه يمكن القول "إن الأردن استطاعت بفضل مقومات الجذب السياحي أن تصنع علامتها التجارية وهو ما نحتاج إليه في الجزائر، فمثلا مدينة قسنطينة العريقة جسورها فقط يمكن أن تكون أحسن عناصر جذب سياحي، ويمكن أن تتحول إلى علامة صناعية تصنع موردا سياحيا هامها للجزائر، والمطلوب فقط تسطير الاستراتيجة ليكون لكل ولاية علامة تجارية تميزها، ومنه تساهم في إنعاش السياحة الجزائرية.