العصير التقليدي لمشمش نقاوس

سيّد الموائد في كل المناسبات

سيّد الموائد في كل المناسبات
  • 1072
 حكيم حكيم

قبل حلول شهر رمضان من كل عام تسارع ربات البيوت بانقاوس في الأوراس، إلى تحويل ما يكفي عائلاتهم طول السنة من العصير التقليدي المحلي المستخلص من مادة المشمش الطبيعي الذي تشتهر به مدينتهن، ليُستهلك لاحقا في شكل عصائر طبيعية، تتنافس النسوة ويتباهين في تقديمه في الأعياد والمناسبات، ويزيّنّ به موائد الإفطار خلال الشهر الفضيل من كل عام، والذي يتم تحضيره بطرق خاصة، لا تستطيع إتقانه والتفنن فيه إلا المرأة النقاوسية التي دأبت على ذلك منذ عشرات السنين.

وتتمثل طريقة تحويل العصير التقليدي المحلي الشهير من طرف معظم العائلات بنقاوس خاصة الشهيرة في الأوراس ومناطق الحضنة بوجود مئات البساتين المنتجة لفاكهة المشمش منذ أمد طويل، تتمثل، حسب عدد من ربات البيوت، في التحويل اليدوي للمشمش الطبيعي الناضج، بحيث يتم طحن وعصر كل نوع على حدى بعد جنيه مباشرة من البساتين باستعمال مطحنة يدوية أو كهربائية، وذلك بعد غسله وتنظيفه جيدا ونزع النوى وتنقيته من الشوائب ونزع الحبات الفاسدة، ثم يغلَّى على نار هادئة بعد إضافة كمية من الماء لمدة تتراوح 15 دقيقة، ليمَلأ أخيرا في أكياس بلاستيكية صغيرة  بحجم لتر واحد، ويُحفظ بكميات كبيرة في الثلاجات بدون إضافة المواد الحافظة؛ ما من شأنه أن يبقى صالحا لعدة سنوات. 

وبالرغم من كون ذلك تقليدا عريقا إلا أن تحويل المشمش تقليديا والذي لا يكاد يخلو منه بيت في انقاوس ومناطقها طيلة السنة، أصبح في السنوات الأخيرة مفضلا بشكل منقطع النظير من طرف الأسر، وأكثر من ضرورة، بل العلامة البارزة التي تميز شهر رمضان الكريم، حيث تتزين وتتعطر موائد الإفطار بشتى الأطباق المتنوعة من الحلوى والمربى ذات الذوق الرفيع، والعديد من أشكال قنّينات وزجاجات مشروب المشمش المنعش الذي يقدَّم خالصا بإضافة مادة السكر فقط، أو مخلوطا بإضافة فواكه طبيعية أخرى، وبالأخص الليمون أو البرتقال للحصول على الطعم المميز والذوق المطلوب، وذلك نظرا لخصوصيته الطبيعية من جهة، ومن جهة أخرى لشهرته العالمية، والذي، بدون شك، لا يقبل منافسة ومضاهاة أي علامة أخرى من العصائر والمشروبات مهما كانت درجة تحضيرها وإتقانها، ما جعل الكثيرين يستغنون عن شراء العصائر الأخرى أو يستهلكونها بكميات أقل، لا سيما مع ما توفره وحدات المنطقة من المشمش المحول الجاهز لتحضير العصير الذي يُعرض بالمحلات التجارية بأثمان معقولة طيلة أيام السنة.

الأمر الذي يجعل الكثير من المواطنين عبر الوطن يفضلون استهلاك هذا العصير الثمري، حسب السيد عاطف برو مخبري ومسؤول سابق في ورشات الإنتاج بوحدة نقاوس مصبرات، زيادة على كونه منتوجا عائليا تشارك وتتفنن في تحضيره منزليا بصورة جماعية الأمهات والعجائز والبنات وحتى الرجال بشكل راق، أنه يتميز بخاصية لا تتميز بها العصائر الأخرى؛ ليس كونه طبيعيا فحسب، بل لأنه صحي، مما جعل مدينة نقاوس تتحول إلى قبلة لإنتاج العصائر في الجزائر بدون منازع؛ من خلال مصانعها المنتشرة هناك، والتي تشتهر في إنتاج مختلف العصائر الطبيعية وفي مقدمتها عصير مشمش نقاوس الطبيعي الشهير الخالي من المواد الحافظة، الذي ما فتئ يشهد إقبالا واسعا ليس في الأسواق الوطنية فحسب، بل كذلك الخارجية؛ من خلال مصنع نقاوس – مصبرات –  الذي استطاع بجودة وشهرة منتجاته أن يفتك علامة "إيزو" للتصدير إلى مختلف أسواق الدول الأوربية والآسيوية العربية والأمريكية، التي يكثر فيها الطلب على مختلف أنواعه، حيث يكون التهافت والإقبال كبيرين، لاسيما مع ارتفاع درجة الحرارة خلال فصل الصيف.