دعوا الله لإنزال الغيث
سكان القبائل يحيون عادة ”أنزار”

- 995

خرجت يومي الخميس والجمعة، العائلات القبائلية نحو مقامات الأولياء الصالحين الموزعة بعدة بلديات وقرى الولاية، لإحياء عادة ”انزار”، عبر تنظيم وعدات إطعام الفقراء وعابري السبيل، تضرعا ودعوة للخالق سبحانه وتعالى لإنزال الغيث وسقي الأرض العطشى بعد أشهر من الجفاف.
عملت العائلات منذ أزل بعيد، على حماية العادات من الزوال، من خلال ممارستها كل حسب وقتها والحاجة إليها، حيث تربت الأجيال على عادات موروثة آبا عن جد، وأصبحت تشكل وترسم نمط حياتهم بشكل يضمن بقاءهم أحياء أمام صعوبة الحياة والتضاريس، في ظل نقائص عديدة، حيث استطاعوا أن يتجاوزها بفضل الاستمرار في إحياء عادات مختلفة وكثيرة، كعادة ”انزار” التي تلجأ إليها العائلات عند الجفاف. تواصل إحياء عادة ”انزار” رغم قدمها، دليل على مكانة العادات في رسم معالم الحياة بقرى منطقة القبائل، حيث يؤكد ارتباط السكان بالأرض وحاجتهم للمطر، من أجل الحرث والزرع والغرس، إذ يعيش السكان من الفلاحة والزراعة، في حين أن عدم سقوط المطر ينبئ بسنة كارثية، حيث تكون الحقول جرداء وتشهد قلة النباتات، بالتالي يتوجهون بالدعاء إلى الله ليغيثهم بماء المطر، وهو دعاء تناقلته الأجيال ويتم الاستعانة به عند جفاف الأرض.
يقول الشيخ ”دا شعبان” من قرية تا قونيتس ببلدية آيت يحيى، إن ”انزار” عادة قديمة موروثة، يدعو السكان خلالها الله بإنزال الغيث، موضحا أن العادة تحييها النساء دون مشاركة الرجال، حيث يجتمعن مع إشراك الأطفال الصغار الذين يجوبون المنازل لجمع الخضر والبقول والزيت والكسكس والدقيق، وغيرها من مستلزمات تحضير الوعدة، فيما تذكر ”نا زوينة” في هذا الشأن، أنها لما كانت صغيرة كانت تشارك في إحياء عادة ”انزار”، من خلال تجمع الأطفال ذكورا وإناثا، واختيار أحدهم ليكون آخر العنقود الذي يقود المجموعة، التي تجوب أرجاء القرية وتطرق جميع الأبواب، موضحة أن كل ربة بيت تتبرع بما يمكنها وما يوجد لديها من خضر أو بقول وغيرها، مضيفة أنه ولتشجيع وتحفيز الأطفال على المشاركة، وضمان ترسيخ العادة في أذهانهم، بهدف الاستمرار في إحيائها، تم إضفاء جانب ترفيهي تنكري، بتزيين ملعقة كبيرة وتجهيزها بشكل تنكري، وعلى طول الطريق، يردد الأطفال دعاوي التضرع لله ”انزار، انزار اربي سويتيد ارازار”، أنزار، أنزار اربي اسويت أرازار، أربي أرزد اغورار يعنايا قما عيشة ادغلين ومان لعشى”، بمعنى يطلبون الله أن يسقي الأرض حتى الجذور وتزهر الحياة في الحقول، وبعد الانتهاء من جمع ما يحتاجون إليه، تختار نساء القرية مكانا لتحضير الوعدة، التي غالبا ما تكون مقامات الأولياء الصالحين وأحياء المنازل.
أشار ”دا ارزقي” من جهته، أن هذه العادة تذكر السكان بأن الحياة والعطاء في يد الله، من جهة، ومن جهة أخرى، يزيد توطيد العلاقات من خلال مشاركتهن في تحضير الواعدت ومناسبة إطعام الفقراء والمساكين، مؤكدا أنه، حسب ذكرياته، كان السكان كلما نظموا العادة سقط المطر، وأحيانا الثلوج، موضحا أن الله يستجيب لمن يطلب رحمته وإغاثته ويترجى لطفه ومغفرته، مذكرا بأن ارتباط القرويين بالأرض، هو ما كان وراء تنظيم هذه العادة لطلب الغيث. للإشارة، أحيت القرى عادة ”انزار” وسط تدابير وقائية صارمة بسبب ”كوفيد ـ 19”، حيث قام المشاركون والمنظمون بارتداء الكمامات، إلى جانب احترمهم مسافة التباعد الاجتماعي، والتعقيم المستمر للأماكن، وكلهم آمال في أن يسقي الله الأرض ويرفع عنا البلاء.