اقتناء الحصالة أو”الشحيحة”

سبيل لتعليم الطفل الادخار وحسن تسيير المال

سبيل لتعليم الطفل الادخار وحسن تسيير المال
اقتناء الحصالة أو”الشحيحة”
  • القراءات: 2772
❊  نور الهدى بوطيبة ❊ نور الهدى بوطيبة

 

لاتزال الحصالة أو ما يُعرف بالعامية الشحيحة تشهد إقبالا كبيرا من طرف العديد من المواطنين الذين يقتنونها لأطفالهم، بهدف تعليمهم سبل الادخار وكيفية الاقتصاد؛ من خلال تخزين بعض الأموال للضرورة، وهذا ما تبين من الاستطلاع الذي أجرته المساء خلال تجوالها ببعض محلات العاصمة.

 

يعود تاريخ الحصالة إلى القرن السابع في فترة كان الإنجليز يخزنون ذخيرتهم في قلل من الطين في ظل غياب مؤسسات خاصة لتخزين المال، وهذا ما جعل تلك الثقافة تنتشر، وتسمى مادة الطين باللغة الإنجليزية البيغيي، ومع مرور السنين تحوّل الاسم من بيغيي إلى بيغي بنفس اللفظ، إلا أنه يُقصد به الخنزير، وأصبح صنّاع الحصالة يصنعونها على شكل خنازير وردية اللون من الطين، وهي عبارة عن كتلة واحدة تحتوي فقط على فتحة صغيرة لإدخال المال منها وصغيرة كفاية حتى لا يتمكن الفرد من إعادة إخراج المال منها إلا عند كسرها تماما. وتتوفر في الأسواق اليوم أشكال وألوان مختلفة من تلك الحصالات المصنوعة من الطين والنحاس والحديد وحتى الزجاج والخزفية منها.

في هذا الصدد حدثنا منتصر، بائع بمحل للأواني بالعاصمة، أن الإقبال على تلك القطع لايزال يعرف استمالة الكثيرين، لاسيما الأطفال والمراهقون.

وأوضح عبد الوهاب بائع بمحل ثان، أن الإقبال على تلك القطع يكون من طرف الأولياء غالبا، خصوصا من الذين يحاولون تعليم أطفالهم طريقة تخزين المال وعدم التبذير، وهي موجودة على أشكال ممتعة وجميلة، بعضها على شكل سيارات وأخرى حيوانات، أو تحتوي على رسومات ممتعة، كما تحمل القطع معاني التربية المالية، إذ يتم من خلالها تعليم الطفل تخزين المال وادخاره لأيام يحتاجها أكثر.

ومن جهتها، قالت صبرينة أم لطفلتين، إن أغلب الأولياء يقتنون حصالات لأطفالهم، باعتبار هؤلاء الصغار يتحصلون على بعض القطع النقدية بين الفينة والأخرى من طرف  أفراد عائلاتهم الكبيرة، خاصة خلال المناسبات؛ كعيد الفطر أو عيد الميلاد وحتى الختان. ويحاول الأولياء تعليم أطفالهم خلال تلك المرحلة أحسن وسيلة لادخار المال حتى يكثر عدد الدنانير في تلك القلل، ثم يفتحونها لتحصيل ما فيها واستغلال تلك القيمة لاقتناء شيء ذي قيمة للانتفاع بها أكثر من إنفاقها على حلويات مثلا.

وعلى صعيد ثان، قالت مريم إن الحصالة ليست موجهة فقط للأطفال؛ فحتى بعض كبار السن يقتنون تلك القطع لتخزين الدنانير الصغيرة التي مع مرور بعض الشهور تشكل مبلغا ماليا ذا قيمة لا بأس بها بدل إنفاقه بدون شعور، مضيفة أن الممتع في الأمر أن في الحصالة يمكن وضع كل سنتيم ولو كان دينارا واحدا، وجمعه مع بعض لتكوين مبلغ مالي، خصوصا أن هذه العملية لا يمكن القيام بها في البنك، كما أن وجود حصالة في البيت يُشعرنا دائما بنسبة من الأمان لاستعمالها والخروج من أزمة صغيرة أو ضيق مالي بسيط، وهذا ما يساعد في تخطي ذلك بفتحها واستغلال المال المتواجد فيها. وأشارت المتحدثة إلى أن أحسن الحصالات هي المصنوعة من الطين والمتوفرة في الأسواق بأسعار منخفضة؛ فلا يمكن فتحها بسهولة على عكس تلك التي تتوفر على فتحة بلاستيكية في جزئها السفلي؛ إذ يشعر الفرد دائما برغبة في فتحها وإخراج ما بداخلها من مال، لكن إذا كانت من الطين وجميلة الشكل فلن يرغب الفرد في كسرها لمجرد قيمة صغيرة بداخلها.