تحول دورها إلى شريك اجتماعي وتربوي فعال

رياض الأطفال من حاضنات للرضع إلى مؤسس لنهج تعليمي جديد

رياض الأطفال من حاضنات للرضع إلى مؤسس لنهج تعليمي جديد
  • القراءات: 338
رشيدة بلال رشيدة بلال

أصبحت رياض الأطفال خلال السنوات الأخيرة، محطة هامة لابد أن يمر عليها أغلب الأطفال، من أجل الالتحاق بمقاعد الدراسة، بعدما كان ينظر إليها على أنها مؤسسات تهتم فقط برعاية ومرافقة الأطفال إلى حين عودة أوليائهم، أخذت أدوارا أخرى، حيث أصبح يعول عليها من أجل تحضيرهم للالتحاق بمقاعد الدراسة، وفق برنامج تعلمي، يشرف عليه أساتذة ومختصون نفسانيون، ويشمل الطورين التمهيدي والتحضيري، يضبطهم برنامج  تعليمي معتمد من وزارة التربية.

في جولة استطلاعية، قادت "المساء" في زيارة إلى عدد من روضات الأطفال الخاصة على مستوى بلدية العفرون بولاية البليدة، وقفت على التواجد المكثف لرياض الأطفال عبر إقليم البلدية، بعدما أصبح ينظر إليها على أنها مشاريع استثمارية هامة، الأمر الذي دفع بعدد من خريجي الجامعات، إلى الاستثمار في هذا النوع من الأنشطة التجارية، من أجل تلبية الطلب المتزايد عليها، والذي عززه التحاق أغلب النساء بسوق الشغل، بعد تراجع القدرة الشرائية وارتفاع تكاليف الحياة.

وفي دردشة مع السيدة "سميرة. ع"، معلمة بروضة أطفال في مدينة العفرون، قالت بأن "روضة الأطفال تحولت إلى ضرورة ملحة كمؤسسة، ليس فقط لاحتواء واحتضان الأطفال، إنما أيضا لتهيئتهم وتحضيرهم من أجل الالتحاق بالمؤسسات التعليمية".

وحسبها، فإن الروضة التي تعمل فيها، عبارة عن مؤسسة صغيرة، بالتالي فإن طاقة استيعابها ليست كبيرة، ومع هذا، تلقى مع بداية كل موسم دراسي إقبالا كبيرا عليها، وتظل التسجيلات مفتوحة طيلة السنة، حيث تتكفل بمرافقة الأطفال الصغار إلى غاية سن التمدرس، وتخصص لكل فئة برنامجا خاصا بهم، فمثلا بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الخمس سنوات فما فوق، يتم توزيعهم على أقسام التمهيدي والتحضيري، بينما الأطفال الأقل سنا، يتم إحاطتهم برعاية خاصة، تشمل برامج اللعب والترفيه.

أشارت المتحدثة، إلى أن البرنامج المعتمد في العملية التعليمية، هو نفسه المطبق في المؤسسات التعليمية لوزارة التربية الوطنية، حيث يتم استخدام نفس الكتب ونفس المنهاج الدراسية، مع إدخال بعض اللغات، نزولا عند رغبة الأولياء، الذين يميلون إلى تلقين أبنائهم في سن مبكرة، بعض اللغات الأجنبية، مثل الإنجليزية والفرنسية.

وحول الأسعار المعتمدة على مستوى الروضة، أشارت المتحدثة إلى أنها تختلف حسب نوعية الخدمات المقدمة، والتجهيزات المعتمدة لضمان راحة الأطفال، وعلى العموم، تقدر بـ6 آلاف دينار للطفل الواحد خلال الشهر. وهو سعر رمزي، مقارنة مع بعض روضات الأطفال التي فاق السعر فيها 10 آلاف دينار للشهر.

وأردفت: "وأكثر من هذا، قدمنا بعض التسهيلات حتى نرضي كل الأولياء، حيث يبلغ سعر الاحتفاظ بالطفل خلال يوم واحد فقط، بالنسبة للأطفال الصغار، 800 دينار لليوم الواحد، مع ضمان وجبة الغداء، أما بالنسبة للأطفال الذين يتركهم أولياؤهم لمدة نصف يوم فقط، فتبلغ التكلفة 400 دينار دون وجبة الغداء". مشيرة إلى أن الروضة تقدم وفق برنامجها، تسهيلات، حتى تلبي كل الطلبات وتتماشى مع ميزانية العائلات، لأن بعض الأولياء، وبحكم عملهم، لا تسمح لهم الفرصة باسترجاع أبنائهم، بينما يتعذر الأمر على آخرين.

وقالت  المتحدثة: "من أجل هذا، جعلنا لكل طفل تسعيرة خاصة به، تتماشى وظروف أوليائه"، مشيرة في السياق، إلى أن الروضة تفتح أبوابها قبل السابعة صباحا، ويمكنها الاحتفاظ بالأطفال إلى غاية الخامسة، باستثناء تعذّر قدوم الأولياء، فإن الطفل يظل في الروضة ولا يسلم إلا لوالديه.

وغير بعيد عن هذه المؤسسة، زارت "المساء" روضة أخرى، تقع في نفس الشارع، وتحدثت مع صاحبة الروضة، التي رفضت الكشف عن اسمها، قائلة بأنها اختارت أن تستثمر في هذا النوع من المشاريع، بعدما أحيلت على التقاعد، لأنها كانت تعمل رفقة زوجها في  قطاع التربية، وبعد وقوفها على الشكاوى الكثيرة للأولياء، الذين يبحثون عن أماكن تحتضن أبناءهم، قالت: "قررنا فتح الروضة التي تعتبر من أقدم الروضات على مستوى بلدية العفرون، والتي تسجل سنويا أعدادا كبيرة من الأطفال، الذين يلتحقون بالروضة من أجل التمدرس"، وحسبها، فإن فريق العمل الذي تعتمد عليه يتميز بكفاءة عالية، سواء من حيث مرافقة الأطفال الصغار أو تعليم المقبلين على دخول المدارس الابتدائية.

البرنامج المطبق شبيه ببرنامج المدارس العمومية

من جهة أخرى، أكدت المتحدثة، أنه على الرغم من الصعوبات التي تصادف فريق العمل، خاصة ما تعلق منها بالتعامل مع الأطفال الصغار، بسبب كثرة العدوى بينهم، وتأخر أوليائهم بتجاوز الوقت المحدد والجهد الكبير في مرافقتهم وتعليمهم، غير أن حبهم للأطفال يجعلهم يحاولون العمل معهم وفق برامج متطورة، بالاعتماد على مختصين نفسانيين وأطباء، مشيرة إلى أنهم على مستوى الروضة، لا يشترطون على الأولياء دفع المبلغ برسم السنة كاملة، كما تفعل بعض رياض الأطفال، لضبط ميزانيتها، إنما يتم تحصيل المبلغ كل نهاية شهر، للتخفيف من حجم الأعباء المالية على الأولياء، حيث يقدر المبلغ بـ7 آلاف دينار للطفل الواحد، مع ضمان وجبة الغداء، لافتة إلى أنها مثل باقي الروضات، تضمن أيضا الاحتفاظ بالأطفال ليوم واحد، أو نصف يوم، نزولا عند رغبات بعض الأمهات اللواتي لا يجدن مكانا يضعن فيه أبناءهن، للقيام ببعض المهام، حيث تتراوح الأسعار بين 500 دينار لنصف يوم، و800 دينار ليوم كامل.

من جهة أخرى، أشارت المتحدثة، إلى أنه بالنسبة للبرنامج الذي يجري العمل عليه، فهو يشبه البرنامج المطبق بالمؤسسات التعليمية في المدارس العمومية، مردفة: "حيث نطلب من الأولياء اقتناء الكتب الخاصة بالطورين التمهيدي والتحضيري، ونقسم ساعات الدراسة، ونشترط أن لا يزيد العدد في القسم الواحد عن عشرة أطفال، وتشرف معلمات على عملية التعليم"، وحسبها، فقد يتم إدخال بعض اللغات الأجنبية، مثل الفرنسية، ومؤخرا الإنجليزية، نزولا عند رغبة بعض الأولياء، أما بالنسبة للأطفال الصغار، فإن البرنامج المطبق يغلب عليه اللعب والترفيه، حيث تحتوي الروضة على ساحة فيها بعض الألعاب التي يحبها الأطفال، كما يتم أيضا تعليمهم بعض المكتسبات الأولية، مثل الألوان والحروف والأرقام في شكل أغان وألعاب تربوية.

يبدو أن الطلب الكبير على روضات الأطفال، حولها من مجرد مؤسسات تعنى بالأطفال، إلى شبه مؤسسات تعليمية وأخرى متخصصة، حيث بادر البعض إلى فتح رياض أطفال خاصة بالمصابين ببعض الاضطرابات، من الذين ترفض بعض رياض الأطفال استقبالهم، مثل أطفال "التريزوميا" والمصابين باضطراب طيف التوحد، حيث عمد البعض إلى فتح دور خاصة بأطفال التوحد، وهو المطلب الذي سبق لجمعية المصابين بهذا المرض على مستوى ولاية البليدة، إلى المطالبة بوجودها، في ظل قلة المراكز المتخصصة بمرافقة هذه الفئات وحاجة الأولياء الملحة لها.