الحمّامات الشعبية بالعاصمة
روتين أسبوعي بعبق عثمانيّ

- 753

تحظى الحمّامات الشعبية أو كما يطلق عليها المؤرخون "الحمامات العثمانية"، بشعبية كبيرة وسط الجزائريات، اللواتي يرفضن التخلي عن عادة "التحميمة" نهاية كل أسبوع رغم الانتشار الكبير للحمامات العصرية عبر العديد من بلديات العاصمة؛ لما للتقليدية من خصوصيات، تجعلها من أولويات الروتين الأسبوعي للكثيرات؛ لطرازها، ولبساطتها، وكذا لأسعارها التي هي في متناول الجميع.
ويزيد إقبال الجزائريين على الحمامات التقليدية كل موسم شتاء، مع انخفاض درجات الحرارة؛ حيث يكون الجو مثاليا لتدفئة الجسم بحرارة تلك الحمّامات التي لا يطيقها الكثيرون خلال الصيف، حيث يمثل الحمام لهؤلاء لا سيما النسوة، تقليدا "مقدسا" لا يمكن التخلي عنه ولو بالإقبال عليه مرة واحدة كل أسبوعين على أقل تقدير. ولا تجد العاصميات أفضل من الحمامات العثمانية التي شيدها الأتراك خلال فترة وجودهم بين 1436م و1830م؛ حيث تعود بهن بفضل ديكورها العتيق، إلى أزمنة غابرة، مازالت مجسدة في بعض الحمامات المتبقية، لتبقى شواهد قائمة إلى يومنا هذا. وحمامات أخرى شُيدت بنفس طراز الحمامات القديمة، لتأخذ نفس طابعها، ويكون لها نفس التأثير على الراغبات في أخذ حمّام على الطريقة التقليدية.
وتَعد الكثيرات الحمام التركي أكثر من مكان لأخذ "حمام"؛ حيث ترى فيه المقبلات عليه، مكانا للقاء، ولتطبيق الكثير من روتين العناية بالبشرة، وبالشعر، وكافة الجسم؛ إذ إن لهؤلاء تقاليد مرتبطة بهذا المكان، لا يمكن تفويتها عند الذهاب إلى الحمام، ولا يمكن كذلك تطبيقها في البيت؛ ولهذا تربط روتينات العناية بالحمامات التقليدية مباشرة.
وفي هذا الصدد، أجمع عدد من النساء اللواتي كان لـ "المساء" حديث معهن، على أن للحمام خصوصياته التي تميزه؛ إذ يعتبرنه وجهة للاستمتاع بالوقت أكثر من أي شيء آخر، وهذا ما أكدته أمينة قائلة: "إن الحمام نوع من وجهاتنا المفضلة مع الصديقات، فعلى الأقل مرتين أو ثلاث مرات كل أسبوعين نتوجه نحو الحمام للتحمم من جهة، ولتطبيق الكثير من العنايات الخاصة بالفتيات؛ على غرار التقشير، وتطبيق الصابون البلدي، وإزالة الشعر، وغيرها من التفاصيل التي لا يمكن أبدا تفويتها ولو كان الذهاب إلى الحمام كل أسبوع؛ لأنه من الروتينات التي تعشق الفتيات القيام بها داخل الحمامات التقليدية، التي تتميز بحرارة مياهها، ووجود رطوبة فيها مثالية لعملية التقشير، وترطيب الجسم".وقالت هند إن عشقها للحمام جعلها تخصص مستلزمات كاملة له؛ من ملابس خاصة بدخول الحمام، ونعل بلاستيكي خاص، وفوطة استحمام، وبساط للجلوس، والكثير من مستلزمات التجميل، والعناية بالشعر والبشرة، مشيرة إلى أن الحمام هو تقليد الكثيرات سواء من كبيرات السن، أو حتى شابات في العشرينيات، يفضلن أكثر الاستحمام في الحمام التقليدي بدل البيت؛ لما يمنحه من متعة خاصة لا تعرفها إلا المعتادات عليه، على حد تعبيرها.
وقالت الحاجة يمينة، مسؤولة عن حمام بالعاصمة، إن الحمامات الشعبية تحظى بإقبال كبير مقارنة بالحمامات العصرية، فرغم جمال هذه الأخيرة إلا أنها مرتفعة الثمن؛ فتكاليف خدماتها عالية مقارنة بالتقليدية التي هي أقل تكلفة، وفي متناول الجميع، حيث معدل سعر الاستحمام بين 250 و350 دينار جزائري. كما إن الحمامات الشعبية لها ميزة خاصة في ديكورها، ونوعية الإنارة، التي تعطي للمرأة تجربة "الحمام التركي" الشهير، الذي لايزال رائدا حول العالم إلى يومنا هذا.وأضافت المتحدثة: "قديما كانت الحمامات تقبل عليها النسوة، بشكل خاص، خلال حفلات الزفاف، في جماعات لتنظيم "حمام العروسة"، حيث كانت النساء يحجزن الحمام لمدة أسبوع أو أسبوعين كاملين، لاستحمام العروس، وأهلها، ومرافقاتها".