متقاعدات بمديرية الموارد البشرية بالأمن الوطني:
رغم صعوبة العمل تعلمنا الانضباط وحب الوطن

- 2146

تعتبر مهنة الشرطة من المهام الصعبة، غير أنّ الرغبة في رفع التحدي وإثبات الوجود دفع ببعض النساء إلى اقتحام هذه المهنة، والتأكيد على أن المرأة قادرة على العطاء والعمل في أي مجال كان، لأن العبرة في هذا الخصوص، بالكفاءة لا بالجنس، ولعل هذا ما أكدته المفتش الرئيسي حياة زبروط، والملازم الأول ليلي مزيان، اللتان اختارتا هذه المهنة عن حب ولم تغادرانها إلا بعد إحالتهما على التقاعد. التقتهما "المساء" مؤخرا بمناسبة تكريمهما، وعن مسيرتهما كانت هذه الدردشة.
البداية كانت مع السيدة حياة زربوط، مفتش رئيسي سابق بمديرية الموارد البشرية التابعة للأمن الوطني، حدثتنا عن تجربتها التي فاقت 37 سنة في العمل بسلك كان إلى وقت ما يرفض المجتمع انتماء المرأة إليه، اعتقادا منه أنه يخص الرجال دون النساء، فقالت في معرض حديثها أن التحاقها بالمديرية العامة للأمن كان اختيارا منها، رغم العراقيل الكثيرة التي واجهتها، غير أن دعم والدها لها جعلها تتمسك أكثر فأكثر بهذه المهنة، وأشارت إلى أنها يوم اختارت العمل بسلك الأمن كان سنها لا يتجاوز 18 سنة، غير أن حبها للمهنة ورغبتها في العمل جعلتها تنجح في مهمتها على أكمل وجه.
تعتبر السيدة زربوط، من النساء الأولويات اللواتي التحقن بمصلحة الموارد البشرية بالمديرية العامة للأمن، ورغم ذلك استطاعت أن تثبت وجودها بين الرجال وتقول "أهم ما كان مطلوبا منا هو أداء العمل بإتقان والحرص على الانضباط، وهما الأمران اللذان كنت أحرص عليهما حتى في المنزل"، مشيرة إلى أن أهم ما تعلمته طيلة مسيرتها هو الإصرار وإثبات الوجود، من خلال رفع التحدي والانضباط، تعلق "اليوم أشعر بالحنين بعد إحالتي على التقاعد إلى هذه المهنة التي كنت أشعر فيها وكأنني في عائلتي الثانية".
أردفت أن التكريم بالنسبة لها يعتبر بمثابة العرفان، نظير ما قدّمته طيلة مشوارها، وهو محطة تعتز بها في حياتها وتشعر بالكثير من الامتنان".
من جهتها، حدثتنا السيدة ليلى مزيان ملازم أول، بمصلحة الموارد البشرية، عن تجربتها بعد أن أحيلت على التقاعد، وأمضت أكثر من 31 سنة في مهنة وصفتها بالصعبة، حيث قالت "ولجت مهنة الشرطة في سن مبكرة وكان دخولي إليها اختياريا، وعلى الرغم من كثرة العمل والعراقيل والصعوبات التي واجهتها كامرأة من جهة، وأمّ لديها مسؤوليات كثيرة، لم أفكر مطلقا في التخلي عنها لسبب واحد، هو أنّ هذه المهنة جعلتني دائما أشعر بأنني في عائلتي الثانية بالنظر إلى جو التضامن والتراحم والتعاون الذي كان قائما بيننا"، مشيرة إلى أن دعوتها للتكريم ولحظة دخولها إلى مقر المديرية أحيا فيها ذكريات أعادتها إلى السنوات الأولى لالتحاقها بالمهنة، ومرت في مخيلتها كالشريط السريع.
أشارت محدثتنا إلى أن أهم ما تعلمته طيلة مسيرتها في عملها، هو الانضباط إلى درجة أنها كانت تعيش هذا الانضباط وتفرضه حتى في منزلها، وعلى أفراد عائلتها -تبتسم وتعلق- "الأمر الذي جعل ابني يصفني بالشرطية حتى في المنزل".
تختم المتحدثة بالقول "العمل في سلك الأمن رغم صعوبته وصرامته، يظل ممتعا، لأنه يقوم على جملة من المبادئ التي تجعل الفرد دائما يشعر بحب الوطن، ويحثّه على المساهمة في بنائه والدفاع عنه من خلال خدمته".