لاستقبال زوّار عطلة الشتاء
رغم النقائص.. ساكنة الشريعة وتجارها مستعدّون
- 401
تستعدّ الحظيرة الوطنية للشريعة لاستقبال زوارها تزامنا والعطلة الشتوية. وهي المناسبة التي يَعُد لها الساكنة، خاصة التجار المحليين، العدة للترويج لنشاطهم الذي يترقب حلول المواسم لينتعش. ولا يقتصر الأمر على النشاط التجاري فقط، بل يمتد إلى أصحاب الشاليهات التي فتحت أبوابها لاستقبال عشاق الطبيعة العذراء التي تنفرد بها أعالي جبال الشريعة الخلابة، في انتظار أن تتزين قممها بالحلة البيضاء.
يعرف النشاط التجاري ببلدية الشريعة في ولاية البليدة والواقعة على ارتفاع حوالي 1500 متر عن مستوى سطح البحر، ركودا؛ بسبب قلة الوافدين عليها؛ الأمر الذي يجعل السكان؛ من تجار وأصحاب المحلات أو العربات المتنقلة وحتى الفلاحين والحرفيين، يستبشرون خيرا عند حلول بعض المواسم خاصة فصل الشتاء. فرغم قسوته إلا أن الإقبال الذي تعرفه بلدية الشريعة من كل ولايات الوطن خلال العطلة الشتوية، ينسيهم برودة الطقس، وينعش نشاطهم التجاري بشكل كبير؛ حيث يصرف صاحب الأكل السريع والشاي والصناعة التقليدية وحتى الفلاح، منتجاته، ويجد فرصة بيع بعض الخضروات والفواكه الجبلية.
رضوان بائع أكل سريع، قال إنه ينتظر بفارغ الصبر، موعد العطلة الشتوية؛ حيث تتجه أنظار الزوار من مختلف الولايات، نحو جبال الشريعة قصد استكشافها، مشيرا إلى أنه يتأمل كثيرا هطول الثلوج حتى تنتعش السياحة بالمنطقة، خاصة أنهم كتجار، يعانون كثيرا من الركود بسبب قلة الزوار؛ لهذا يراهنون على بعض المواسم، خاصة فصل الشتاء، ويعوّلون كثيرا على أصحاب وكالات السياحة لبرمجة رحلات منظمة، وعلى العائلات التي تقضي عطلتها في أعالي الشريعة قادمة من ولايات مجاورة؛ مثل المدية، والجزائر، وبومرداس، وتيبازة وغيرها. وأوضح بائع آخر يملك محلا لبيع الأواني التقليدية وبعض المنتجات الجبلية، أنه ينتظر حلول بعض المواسم مثل فصل الشتاء، ليتمكن من بيع بعض سلعته. وواصل أن التحدي الكبير للوصول إلى أعالي جبال الشريعة هو النقل؛ فرغم أن مصالح بلدية الشريعة عززت شبكة النقل بحافلة النقل العمومي، إلا أنه يظل غير كاف، خاصة مع توقف المصعد الهوائي الذي يُعد بمثابة شريان الحياة بالنسبة لبلدية الشريعة، مشيرا في السياق، إلى أن الكثير من الزوار يرغبون في التنقل إلى المنطقة عبر المصعد الهوائي، ومناشدا، بالمناسبة، الجهات المعنية للتعجيل بإعادة فتحه؛ لإنعاش السياحة.
طلب كبير على حجز الشاليهات
إذا كان التجار يستبشرون خيرا وينتظرون هطول الثلوج بفارغ الصبر، فإن أصحاب الشاليهات، أيضا، شرعوا في استقبال طلبات حجز الغرف تزامنا وعطلة الشتاء. وقال رفيق صاحب شاليه بأعالي جبال الشريعة، لقد بدأ يستقبل طلبات أشخاص وعائلات يرغبون في قضاء بعض أيام العطلة الشتوية في الشريعة. ولم تقتصر الحجوزات من داخل الوطن، بل حتى من خارجه، خاصة من تونس وفرنسا، مؤكدا أن الأسعار تظل في المتناول؛ حيث لا يتجاوز سعر الليلة الواحد في الشاليه، 8 آلاف دينار. وقال إن السؤال الجوهري الذي يطرحه الكثيرون : "هل هطلت الثلوج؟"، متمنيا أن تهطل وتنتعش السياحة بالشريعة، التي تُعد من أجمل المناطق؛ لما تتوفر عليه من مناظر طبيعية خلابة.
من جهة أخرى، أشار المتحدث إلى أنّ الأنشطة التجارية ببلدية الشريعة، مرتبطة ببعضها البعض؛ فإن استقبلت الشاليهات عائلات بغية قضاء بعض الأيام، معنى هذا أنّ نشاط أصحاب المحلات سينتعش، ومنه انتعاش السياحة بالمنطقة، داعيا بالمناسبة، السلطات المعنية لأن تولي اهتماما أكثر بتهيئة المرافق الضرورية، والاستثمار في بناء منتجعات سياحية بالحظيرة الوطنية للشريعة؛ بالنظر إلى الطلب الكبير عليها، خاصة من خارج الوطن، مؤكّدا أن عدد الشاليهات التي تفتح أبوابها لاستقبال السيّاح مقارنة بالطلب، يظلّ قليلا، الأمر الذي يؤثّر على النشاط السياحي بالمنطقة التي تعاني من نقص في أماكن الإيواء والإطعام.
محافظة الغابات تتهيأ لحماية المقوّمات الطبيعية
رغم أنّ المواطن هو مصدر التهديد الأوّل للثروة الغابية بالحظيرة الوطنية للشريعة، إلاّ أنّه لا يقوم ببعض التصرّفات المسيئة عمدا، إنّما بسبب الجهل، الأمر الذي يحتم، حسب رئيسة قطاع الشريعة فايزة تكارلي، تكثيف العمل التحسيسي، مشيرة إلى أنّ الحظيرة تستقطب الزوّار على مدار السنة، من كلّ ولايات الوطن، وتحديدا في فصل الشتاء وتساقط الثلوج، حيث يزور الحظيرة خلال وقت وجيز، كلّ سكان الجزائر من 58 ولاية.
وذكرت المتحدّثة أنّ الحظيرة الوطنية للشريعة تتميّز بمناخ خاص وغطاء نباتي نادر، حيث تم إحصاء، وفق آخر جرد، 1200 نوع نباتي و 1142 نوع حيواني، لافتة إلى أنّ ما يجعل حماية الحظيرة الوطنية للشريعة أكثر من ضرورة، أنّ عملية الجرد تكشف في كلّ مرة عن أنواع جديدة، سواء في الصنف الحيواني أو النباتي ما يفرض حتمية حثّ الزوّار على احترام هذا المكسب الطبيعي النادر.
في السياق، أوضحت تكارلي، أنّ الحظيرة الوطنية للشريعة تمتد على مساحة تقدّر بأكثر من 26 ألف هكتار، وتشكّل جبال الأطلس البليدي الحاجز الذي يجمع بين المناخ القاري ومناخ البحر الأبيض المتوسط، ما ساعد على إعطاء تنوّع نباتي وحيواني وجعلها تصنّف كمحمية عالمية في 2002، كونها تحتوي على واحدة من أندر الأشجار، وهي الأرز الأطلسي المعمّرة، ما يفرض التكثيف من النشاط التحسيسي لحمايتها ومنه زرع ثقافة السياحة الطبيعية الآمنة .