حرفيون يتحدثون عن رأيهم في القروض:
رغم أهميتها يظل التسويق أكبر مشاكلنا

- 444

وقّعت الغرفة الوطنية للصناعات التقليدية والوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر مؤخرا، اتفاقية تعاون بهدف الدفع بالحرفيين إلى الحصول على قروض تمكّنهم من اقتناء المادة الأولية والعمل بأريحية؛ للمساهمة في إنعاش قطاع السياحة. «المساء» حاولت جس نبض بعض الحرفيين لمعرفة مدى إقبالهم على القروض بمختلف صيغها، وإذا تمكن المستفيدون من إيفائها في آجالها المحددة.
البداية كانت مع الحرفية نادية مقنانة، مختصة في الطرز التقليدي، قالت على هامش مشاركتها في معرض للصناعات التقليدية المقام بفضاء مصطفى كاتب، إنها مارست الحرفة في سن صغيرة جدا بالمنزل، ثم قررت احترافها خاصة أن الطلب على الألبسة المطرزة تقليديا كبير، غير أن حاجتها إلى المال بعد الطلب الكبير عليها لممارسة نشاطها، دفعتها إلى التفكير في الحصول على قرض مصغر بعد أن أقنعها العاملون بالوكالة بالامتيازات التي تُمنح للحرفي؛ من خلال الأموال المقدمة، ليتسنى له العمل بأريحية.
بلغت قيمة القرض الذي حصلت عليه السيدة نادية 100 ألف دينار، وهو مبلغ تراه غير كبير، موضحة أنها رغبت في أول الأمر، في خوض التجربة بمبلغ صغير؛ لأنها تخشى كثيرا الدين. وبعد أن اتضح لها أن القرض ساعدها في الحصول على المادة الأولية ولم تنقطع عن عملها تقول إنها تمكنت من تسديد ثمن قيمة القرض، وأنها تفكر في الحصول على قرض مصغر آخر بعد دفع أخر الأقساط لإنعاش نشاطها وتجنب اللجوء إلى الأصدقاء أو الجيران لاقتراض المال؛ لما يشكله هذا من متاعب لها.
من جهة أخرى، تعتقد الحرفية نادية أن القرض بقدر ما هو مفيد ويساهم في دعم الحرفي غير أنه لا يُعتبر بالنسبة لها الحل لمشاكل الحرفيين، لأن الإشكال الكبير الذي يتخبط فيه الحرفي هو التسويق. وفي المقابل تقترح أن تقوم الدولة بشراء ما يبدعه الحرفيون وتقوم بتسويقه بنفسها. وبهذه الطريقة تقول إنه يتسنى للحرفي إنعاش نشاطه من خلال التفرغ للإنتاج، والاستفادة من قيمة القروض المصغرة للذي يكون على يقين بأنه قادر على سدادها في آجالها؛ لأن التسويق مضمون.
القرض المصغر مهم لكنه لا يحل مشكل التسويق
من جهتها، الحرفية كريس، مختصة هي الأخرى في الطرز التقليدي، كان لها رأي آخر؛ حيث قالت في دردشتها إنها على اطلاع بكل ما تقدمه الوكالة من قروض لدعم الحرفيين، غير أنها لم تفكر مطلقا في الحصول على قرض، وأنها تعتمد على أجرها بحكم أنها سيدة متقاعدة لاقتناء ما تحتاجه، مشيرة إلى أن المشكل عند الحرفي ليس القرض، وتعلّق: «حقيقة، القرض يلعب دورا كبيرا في تمكين بعض الحرفيين من اقتناء ما يحتاجون إليه؛ من مواد أولية، غير أن الإشكال الكبير هو السوق التي يتم فيه بيع السلع، وتسأل: «فرضا أن الحرفي حصل على قرض ولم يتمكن من بيع معروضاته، كيف له أن يسدد قيمة القرض؟». وتجيب من أجل هذا: «لم أرغب مطلقا في خوض تجربة القروض رغم أنها مصغرة، وجعلت إنتاجي على قدر إمكانياتي».
لم أحصل على القرض بحجة التقشف
أما السيدة نادية شايد، حرفية في الحلي التقليدية غير الثمينة، فكانت قصتها مع القروض المصغرة مختلفة، حيث أكدت أنها قصدت الوكالة لتقديم ملفها؛ بغية الحصول على قرض مصغر يمكّنها من اقتناء المادة الأولية، غير أن طلبها قوبل بالرفض بدافع أن الأموال غير متوفرة، وأن الحرفيين الذين سبق لهم أن استفادوا من القرض لم يتمكنوا بعد من إرجاع كل المبلغ. وفي المقابل طلب منها إيداع الملف، والانتظار إلى أجل غير مسمى بسبب التقشف. وأمام هذا تقول: «كيف لي أن أنتظر الحصول على مبلغ القرض لأجل غير مسمى؟ بهذه الطريقة لن أتمكن من العمل!»، مشيرة إلى أن حاجتها إلى المال دفعتها إلى الاقتراض من المقربين، ليتسنى لها العمل والاعتماد على مشاركتها البسيطة في المعارض المجانية لتسديد قيمة الدين».
خوفي من الربا أبعدني عن القرض
بينما حصر عدد آخر من الحرفيين ابتعادهم عن القرض بسبب الخوف من الربا، وهي حال الحرفية زينة عسوس، المختصة في صناعة الحلي الفضية التقليدية التي قالت في معرض حديثها، إن امتهانها حرفة صناعة الحلي تعود إلى كونها تنتمي إلى عائلة حرفية، وبالتالي كان من الضروري أن تتعلم الحرفة شأن كل أفراد الأسرة، غير أنها بعد أن تزوجت وجدت نفسها تنشط بصورة فردية، وكان من الصعب عليها تأمين كل ما تحتاجه لقلة الدعم. وبحكم تجربتها مع المعارض فكرت في طلب الدعم، غير أن الإشكال بالنسبة لها لم تكن في قيمة القرض المصغر، وإنما رغبت في الحصول على قرض كبير، لتتمكن من اقتناء المادة الأولية وسيارة تمكّنها من التنقل للمشاركة في المعارض على المستوى الوطني، غير أن فكرة الفوائد الربوية، حسبها، حالت دون إتمام حلمها لكون القرض كلما كان كبيرا كان يحوي على نسبة ربوية؛ الأمر الذي أحبط عزيمتها وجعلها تكتفي بالقروض الصغيرة التي أثرت على مردوديتها من جهة، إلى جانب شح المعارض المجانية.