المختصة في بناء الشخصية وتعديل السلوك حياة بركوكي لـ"المساء":
رسوم "الأنيمي" خطر على العقيدة وتروج للانحراف

- 5915

يعتبر الجيل الذهبي، كما يطلق عليه من مواليد السبعينات والثمانينات، نفسه محظوظا، حيال التنشئة الاجتماعية التي حصل عليها من الأهل والمحيط، وحتى من تلقيه بعض القيم عبر الرسوم المتحركة، التي كان يشاهدها على التلفاز وينتظرها بشغف كبير على الخامسة مساء، وقت افتتاح القناة التلفزيونية الجزائرية... حينها كان يركض الصغار ركضا للوصول إلى البيت، والجلوس أمام الشاشة التي تضرب موعدا لهم مع "الليث الأبيض"، "سالي"، "الكابتن ماجد"، "سنديبال"، ثم "غرندايزر" و”جنقر"، أسماء لرسوم متحركة لا تزال محفورة في الذاكرة، شارتها الغنائية محبوبة وكلماتها رنانة ورافعة للهمة ... خصال وصفات ومستوى لم تعد تحظى به الرسوم المتحركة في زمن التكنولوجيا، فعلاوة على العنف الذي طالها، أصبحت تحث على الانحراف والإباحية وأمور أخرى تضرب العقيدة وقيم المجتمع، وهو ما تحدثت عنه المختصة في بناء الشخصية وتعديل السلوك، حياة بركوكي لـ"المساء".
لا يزال أبناء الجيل الذهبي يحفظون الشارات الغنائية للكرتون المفضل لديهم، على غرار مسلسل "الكابتن ماجد، النجم الحساس والمهذب... والذي يعرف كيف يستغل أخطاء الغير ليكون اللاعب الأفضل ... يعرف أن اللعب فن ومهارة وتدريب متواصل"، ضربة الكابتن ماجد ... التي تحدث عنها اللاعب الجزائري يوسف بلايلي، في بطولة في كأس العرب، وهي إشارة إلى مدى تأثير تلك الأعمال القيمة على الأجيال التي استفادت من مزاياها الإيجابية، سواء أخلاقيا أو لغويا أو من حيث الفن والموسيقى. ما نعرفه الآن من رسوم متحركة أو "انمي"، أصبح مغايرا تماما لما كان يعرفه الجيل الذهبي سابقا، علاوة على تأثيرها السلبي على الأطفال، وهو ما قالت عنه المدربة في التنمية الذاتية والمختصة في بناء الشخصية وتعديل السلوك، حياة بركوكي: "الانيمي الجديدة فيه إيحاءات جنسية، القتل والسحر... وهي قيم تستهدف الأطفال بالدرجة الأولى". تشرح المختصة بقولها في هذا الشأن: "توجد في الرسوم المتحركة الحالية (الكودومو)، وهو يستهدف الأطفال، و(الشونين) يستهدف المراهقين، و(الشوجو) يستهدف البنات المراهقات، و(الهانتاي) هو الانيمي الإباحي و”الياوي" يحمل في طياته مشاهد الشذوذ.. أما "المانجا، فهي قصص مصورة ... مثلا انمي "يوغي" الذي يشكك في وجود الله ويردد عبارات مثل (لا أهتم إن كان الإله موجود أم لا) (لا أصلي أبدا للاله)".
وهنا تؤكد المختصة، أنه لزام على الآباء أن لا يتركوا فرغا في حياة أبنائهم، "لأن المراهق غير الراضي عن الأسرة والمجتمع يعيش الفردية ويحب الانتماء، فتقوم الرسوم المتحركة بمخاطبة مشاعره، فيزيده عزلة وانطوائية"، موضحة التالي: "في اللغة اليابانية (الاوطاكو) تعني متلازمة المنزل وتطلق على المهوسين بالانيمي، فيصبح الطفل مدمن على الرسوم المتحركة ومن يحيطون به أيضا مدمنين عليها". مؤكدة في السياق، أن الفكر الغربي جعل من الألعاب الإلكترونية سجنا للأطفال، مثل "بوبجي" و"فري فاير". وتوضح بركوكي، أنه توجد أكثر من دراسة تبين أثر مشاهدة الانيمي، في التحرش والاعتداء الجنسي على الآخرين، وتقول: "ففي دراسة مسيحية أجريت في إحدى الجامعات البولندية على 6463 طالب، متوسط أعمارهم 14 سنة، ونشرت في شهر ماي من عام 2019، خلصت إلى أن 78,6٪ من الطلاب تعرضوا للإباحية عبر مشاهد الانيمي".
طرق إنقاذ الطفل من الإدمان والانطوائية
فيما يخص طريقة التعامل مع الأطفال أو الأبناء المحبين لهذا النوع من الرسوم المتحركة، تقول المختصة الأسرية: "أهم سؤال يتبادر للآباء، خاصة الأم، عن كيفية التعامل مع أبنائهم المحبين لهذا النوع من الكارتون؟ الجواب هو؛ لابد أن نقسم الأطفال إلى قسمين: الأول المدمن على الانيمي، وهذا يجب عرضه على مختص لوضع خطة علاجية ـ طبعا ـ مع متابعة الأهل. أما القسم الثاني، فهو من يتابع الرسوم المتحركة بكثرة دون إدمان، في هذه الحالة وجب على الأهل اتخاذ عدة إجراءات تربوية، منها مشاهدة الوالدين ما يشاهده الأبناء والجلوس معهم، لمعرفة ذوقهم وما يحبونه، ثم مناقشتهم بالأفكار التي يشاهدونها ليوضحوا لهم الخطأ من الصواب، والقيام ببرامج وأنشطة لشغل وقت فراغ الأبناء، حتى لا يكون ارتباطهم بالانيمي كبيرا، وبناء المراقبة الذاتية عند الأبناء، من خلال غرس الوازع الإيماني والديني في قلوبهم، بطريقة محببة وتوعوية وضبط وقت المشاهدة حسب عمر الطفل، حتى لا يتعلق ويصبح مدمنا على هذا الكرتون".
ختمت المختصة بقولها، إن كثرة مشاهدة ما تحويه من عقائد باطلة وأفكار شاذة، يخلف برودا تجاه هذه القضايا، ومن ثمة تصبح أمورا اعتيادية في حياة المشاهدين، فلا تعود الوثنية أو الشرك مستهجنا لديهم، ولعل هذا ما تستهدفه الأفلام والرسوم المتحركة وغيرها، لأنها تحاول تطبيع المشاهد على ما يريدون من شذوذ وهلاك أخلاقي، والأمر نفسه في ترويج حركات العصر الجديد، ومع جهل الناس بها، تمر مرور الكرام وتصل إلى مرادها بشكل أسهل، لهذا وجب التصدي لها، حفاظا وحماية لأبنائنا والأجيال القادمة، خاصة وأننا مسلمون.