حملة نوفمبر الأزرق تتواصل
دعوة للكشف المبكر عن سرطان البروستات
- 195
نور الهدى بوطيبة
أطلقت مديريات الصحة بالتعاون مع الأطباء والمختصين، عبر العديد من المصالح الطبية والساحات العمومية والمؤسسات الطبية، حملة "نوفمبر الأزرق" للتوعية بسرطان البروستات؛ في خطوة تهدف إلى تشجيع الرجال على إجراء الفحص المبكر، وتغيير النظرة السائدة تجاه هذا المرض الصامت. حملة التحقت بها المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك، التي ارتأت أن حماية الفرد لا تكون فقط بحمايته كمستهلك، وإنما في المساهمة في رفع وعيه الصحي. وتأتي الحملة في ظل تزايد حالات الإصابة، والوفيات المسجلة سنويا، خاصة مع تأخر التشخيص، وغياب الوعي الصحي الكافي.
أكد الدكتور مهدي مصطفى ساكر، أستاذ مساعد ومختص في جراحة الكلى والمسالك البولية وعضو لدى المنظمة، أن الهدف من هذه المبادرة هو تحفيز الرجال على الاهتمام بصحتهم، والكشف الدوري؛ لأن سرطان البروستات يمكن علاجه بسهولة إذا اكتُشف في الوقت المناسب. وسرطان البروستات من أكثر أنواع السرطانات شيوعا لدى الرجال في العالم، حسب إحصاءات المنظمة العالمية للصحة. حيث يأتي في المرتبة الثانية بعد سرطان الرئة من حيث عدد الإصابات، والثالث من حيث عدد الوفيات.
وحسب نفس الإحصائيات، تَسبب هذا المرض في وفاة أكثر من 375 ألف رجل بسبب مضاعفاته؛ ما يجعله من أبرز السرطانات المهددة لحياة الرجال خلال السنوات الأخيرة. وفي الجزائر تم تسجيل نحو 3500 حالة إصابة جديدة سنة 2020، من بينها حوالي 1300 حالة وفاة. ومع ذلك يؤكد الأطباء أن هذه الأرقام تبقى تقديرات منخفضة مقارنة بالواقع نظرا لتزايد الحالات التي تكتشفها المصالح الطبية في مراحل متقدمة من المرض؛ بسبب تردد وحتى امتناع الرجال عن إجراء الفحص المبكر.
المحافظة على الصحة الجسدية والنفسية صمام أمان
في هذا الصدد، أوضح الدكتور مهدي مصطفى ساكر، أستاذ مساعد ومختص في جراحة الكلى والمسالك البولية، أن شهر نوفمبر الأزرق هو فرصة لتشجيع الرجال على الاهتمام بصحتهم، خاصة ما يتعلق بالكشف المبكر عن سرطان البروستات، ومشاكل صحية أخرى تتعلق بهذا الجنس، ناهيك عن الصحة النفسية والعقلية التي كثيرا ما تهمَل، والتي قد تكون محفزا على تطور بعض السرطانات؛ بسبب الضغوطات النفسية، والقلق المستمر.
وأضاف الدكتور ساكر أن غدة البروستات هي غدة صغيرة موجودة لدى الرجل، تحيط بالإحليل أسفل المثانة. ويقارب حجمها حبة الكستناء بطول 4 سم وعرض 3 سم، ووزن حوالي 20 غراما عند الرجل البالغ. وتفرز هذه الغدة 20 إلى 30 بالمائة من مكونات السائل المنوي، ما يجعلها أساسية في الوظيفة الإنجابية عند الرجل.
وأوضح الطبيب أن الغدة يمكن أن تتعرض لمجموعة من المشاكل؛ مثل الالتهابات الحادة أو المزمنة، أو الانتفاخ الحميد للبروستات، وهو مرض مختلف كليا عن سرطان البروستات؛ إذ إنّ لكل منهما أعراضا مختلفة. ونبه إلى أن زيادة حجم البروستات لا تعني بالضرورة وجود مرض خطير، لكن من المهم مراقبة الحالة، وإجراء الفحوصات الدورية، لأنه وإن كانت حالات حميدة عند وجود تلك الأعراض، يمكن، كذلك، أن تشير الى وجود مشكل أكثر خطورة. وعلى هذا من الضروري ـ يشدد ـ إجراء فحوصات دورية، واستغلال هذا النوع من الحملات لتذكر أهمية إجراء الكشف المبكر كروتين حياة صحي وواع.
وأشار الدكتور ساكر إلى أن سرطان البروستات غالبا ما يتطور ببطء، ولهذا سميت السرطانات بالأمراض الخبيثة الصامتة؛ حيث لا تُظهر أعراضا واضحة في البداية، لكن سرعان ما تصبح خطيرة، ولا رجعة فيها؛ إذ تبرز أعراض جانبية واضحة، وحينها لا يشعر المريض بأي مشكلة إلا في المراحل المتقدمة، لذلك يُعد الكشف المبكر السبيل الوحيد للوقاية، وإنقاذ الحياة، يضيف مصطفى ساكر.
وفي ما يخص أسباب الإصابة أكد المتحدث أن الأسباب الأساسية غير واضحة، لكن مع التقدم في العمر ترتفع احتمالات الإصابة. كما تلعب العوامل الوراثية ووجود تاريخ عائلي للمرض دورا أساسيا في الإصابة، إلى جانب الطفرات الجينية التي قد تكون مشتركة مع أنواع أخرى من السرطان، لهذا ينصَح الرجال فوق سن الخمسين بإجراء الفحص الدوري. وأضاف الدكتور ساكر أن النظام الغذائي غير المتوازن والسمنة يمكن أن يؤثرا كذلك، على توازن الهرمونات، خاصة هرمون التستوستيرون المرتبط بتطور سرطان البروستات، الى جانب العوامل البيئية؛ مثل النفايات الصناعية والبلاستيك التي قد تزيد من خطر الإصابة.
وأكد الدكتور مهدي ساكر أن سرطان البروستات من السرطانات القابلة للشفاء بدرجة كبيرة، شرط أن يتم اكتشافه في مراحله الأولى، داعيا الرجال إلى عدم التردد في الكشف المبكر، واستغلال هذه المناسبة للتوعية؛ لأن الكشف المبكر لا ينقذ الحياة فقط، بل يحافظ على جودة الحياة أيضا، على حد تعبيره.