ملتقى بتيزي وزو حول "الطفل، بين الإدارة والحياة القانونية"

حماية الطفل ومساعدته على الاندماج اجتماعيا

حماية الطفل ومساعدته على الاندماج اجتماعيا
  • القراءات: 1901
س. زميحي س. زميحي

دعا المشاركون في أشغال الملتقى الوطني حول "الطفل، بين الإدارة والحياة القانونية" الذي نظمته جمعية الأطفال المحرومين من العائلة "اراوناغ"، مؤخرا إلى ضرورة الوقاية وتحسيس المجتمع لتغير الذهنيات حول الأطفال المولدين بدون زواج، من أجل تسهيل إدماجهم اجتماعيا وتفادي أن يكون وضعهم عائقا يؤثر على مستقبلهم، مؤكدين على ضرورة إخبار الطفل بالحقيقة عبر مراحل وتدريجيا حتى يتقبل الفكرة دون تعرضه لصدمة، مع إلحاحهم على إجراء تعديل للقانون الخاص بالطفل اعترافا بحقوقه وواجباته كأي طفل عادي.

وتم التطرق خلال يومي الملتقى الذي احتضنته قاعة المسرح الصغير بدار الثقافة "مولود معمري" لتيزي وزو، إلى الواقع الذي يعيشه الطفل المولود خارج الزواج والذي تكون ظروفه صعبة، خاصة أن طريقة تعامل المجتمع معه والظروف التي ينشأ فيها مهمة جدا، لكونها تحدد مصيره وشخصيته مستقبلا، ومن أجل تفادي وقوعه في مستنقع الآفات الاجتماعية، دعا المتدخلون إلى ضرورة تعميم التربية الجنسية في المدارس مع توضيح أهمية الوقاية التي تبقى أفضل وأحسن علاج لهذه الآفات التي تنخر المجتمع.

وقال في هذا الشأن رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الأطفال؛ "ندى"، السيد عبد الرحمان عرعار، أن الجزائر تسجل سنويا بين 2800 و3300 ولادة خارج الزواج، مشيرا إلى أن هذه الفئة من الأطفال يعيشون وضعية صعبة خارجة عن القانون"، موضحا أنه لا يوجد فراغ قانوني في التشريع الوطني الذي يخص هذه الفئة من المجتمع، لكن هناك خطأ في تطبيق هذا التشريع. وفيما يخص التكفل بهذه الشريحة، دعا المتحدث إلى ضرورة وضع إجراء قانوني، منوها بأهمية إجراء فحص "لاديان" لتحديد أبوة الطفل المولود خارج الزواج، مما يسمح له بالعيش في وسط المجتمع مثل الأطفال العاديين.

كما أشارت المحامية أونسية داودي، إلى كيفية التعامل مع هذه الفئة الحساسة ومساعدتها على الإدماج في المجتمع حتى لا يعتبر الطفل نفسه "لقيطا" أو تم التخلي عنه، معتبرة الكفالة طريقة مناسبة لحمايته، موضحة أن القانون يسمح بتغير الاسم غير أنه في حال وفاة الأب تواجه الأم مشكلة الاحتفاظ بالطفل في حال معارضة عائلة الزوج تركه، داعية المشرع إلى الأخذ بعين الاعتبار الوضع الخطير ومنح الأطفال حقوقهم ليكونوا أطفالا عاديين. ودعت المتحدثة إلى ضرورة إخبار الطفل في صغره بالحقيقة تدريجيا وعبر مراحل حتى لا يتعرض لصدمة لم يكن ينتظرها يوما، ليستوعب الأمور مع الوقت، موضحة في عملية مقارنة بين الجزائر وكل من تونس والمغرب، أن الجزائر تشرع الكفالة وتمنع التبني وفقا لقانون 46، نفس الأمر بالنسبة لدولة المغرب، بينما دولة تونس تحمي الطفل المولود خارج الزواج كغيره من الأطفال العاديين، حيث تسمح بالتبني كما أنها تعتبر عملية إجراء فحص الأبوة واجب على الأم بأمر من وكيل الجمهورية، ويمكنها رفض تسمية طفلها باسمها، مما يسمح لهذه الفئة من الأطفال بالعيش كباقي الأطفال العاديين ويعتبرون أبناء عائلات مطلقة، داعية إلى استعجال تدخل المشرع لحماية الطفل.

من جهته الدكتور بودومي، تحدث عن الأسرة البديلة التي تتولى تربية ورعاية الطفل كعائلته الحقيقية، موضحا أن الكفالة أمر هام للأطفال المتخلى عنهم، غير أنه، يضيف،  أن الأرقام المقدمة حول هؤلاء الأطفال تبقى بعيدة عن الحقيقة كونها تعبر عن الحالات التي تم تسجيلها في المستشفيات، في حين هناك حالات ولادة خارج المؤسسات الصحية. وأشار الدكتور بودومي إلى أن مشكلة هؤلاء الأطفال وطنية وحلها لا يكون بالقمع، داعيا الأولياء إلى حماية بناتهم من خلال التوعية والتحسيس والتربية الصحيحة والسليمة، من أجل المساهمة في تقليص الحالات المسجلة التي تدفع ثمن خطأ ارتكبه الأولياء -في لحظة غاب خلالها العقل-.

وعرض بدوره الدكتور مكاشر كرونولوجيا الإدمان على المخدرات، قائلا: "إن الجزائر سجلت عام 1975 أول عملية حجز للمخدرات، كانت وراء صدور أول قانون لمكافحة هذه السموم، متطرقا إلى علاقة المخدرات بمختلف أنواعها، بأنواع الإجرام، على غرار العنف، الاعتداء، الاغتصاب وغيرها، موضحا أن الجزائر تعاني من مشكلة تفاقم تجارة المخدرات بحكم جوارها مع المغرب التي تعد أكبر الدول التي يقدر إنتاجها بـ3000 طن من القنب سنويا". مع تقديمه أعراض ونتائج استهلاك هذه السموم وتأثيرها على الصحة العمومية.

الجدير بالذكر أن الملتقى كان فرصة للمشاركين فيه، لطرح جملة من التساؤلات حول الموضوع، مع إعطاء أمثلة عن أمهات تكفلن بتربية ورعاية أطفال على أنهم من لحمهن ودمهن، غير أنه تم إخبارهم بالحقيقة تدريجيا، كما تم التطرق إلى المشاكل التي يتعرض لها الأطفال بعد سن 18 سنة، أي مغادرتهم مراكز الاستقبال لمواجهة حياة لا يعرفون عنها شيئا، داعين إلى التوعية بهذه الأخطار لحمايتهم في المستقبل، بهدف تجنب تعرضهم للآفات التي تزيد من معاناتهم.