جعلهن سلطانات زمانهن

حرفيات يتحدثن عن المال المُكتسب من صنعتهن

حرفيات يتحدثن عن المال المُكتسب من صنعتهن
  • 1017
حنان.س حنان.س

أقرت الحرفيات خلال الصالون الجهوي لاحتفالية عيد المرأة المنتظم مؤخرا ببومرداس، كيف أن الاستثمار في حرفة يدوية أو هواية مارسنها من قبل في الخفاء، مكنهّن من تحقيق استقلال مادي اعتبرنه بمثابة شهادة ميلاد ثانية، واتفقن على أن المال المكتسب من صنعة اليد جعلهن «سلطانات زمنهن»..

ينطبق على الحرفيات اللواتي تحدثت إليهن «المساء» عن مدى فخرهن بالمال المكتسب من استثمارهن في هواية وأوقات فراغهن،  المثل القائل؛ «يفنى مال الجدين وتبقى حرفة اليدين»، فبالنسبة للحرفية في صناعة العجائن التقليدية مريم عياد، أرملة وأم لثلاثة أبناء، فإن وفاة زوجها قبل خمس سنوات جعلتها تدرك قيمة «الدورو»، كما يقال. ولأن احتياجات الأطفال تزداد مع الأيام،  فإنها قررت تجربة بيع «المحاجب»، تقول: «فكرت مليا في طريقة أضمن معها بعض المدخول المادي، فلم أجد أمامي سوى العجين التقليدي الذي أتقنه منذ صغري.. بدأت في صنع «المحاجب» وبيعها في بعض المقاهي.. حققت دخلا ماديا مقبولا يعينني على سد بعض الاحتياجات، وشيئا فشيئا، طورت ذلك إلى فتل الكسكسي والشخشوخة والثريدة وكل العجائن المطلوبة».

الحرفية استطاعت على مر السنوات، أن تكسب ثقة مستهلكين يطلبون العجائن التي تصنعها، مما مكنها من تحقيق استقرار مادي تعلق عنه بقولها: «المال الذي أجنيه بعد التعب المضني أعتبره فخرا واعتزازا بنفسي».

نفس الاعتزاز بصنعة اليد جعلت الحرفية في صناعة الورود الطبيعية والأصداف سميرة روان، تدخل عالم تسويق منتجاتها قبيل سنة، مما مكنها من كسب بعض المال علقت عنه بقولها: «لم أصدق نفسي لما مسكت بيدي مالا هو ثمن ما بعت من تحف.. ربحتها بعرق جبيني وربحت ثقتي بنفسي. كنت عالة على زوجي لسنوات واليوم أنا أشاطره مسؤولية المنزل جنبا إلى جنب، وهذا فخر لي». تتذكر الحرفية أول قيمة مالية ربحتها من بيع تحف فنية، فتقول بأنها مسكتها بين يديها مطولا، «أحسست أنه مال لا يشبه بقية المال المتداول، كانت البداية لأن أواصل مسيرتي الحرفية وأحقق لنفسي وجودا بين الحرفيات الناجحات».

وهو نفس ما عبرت عنه الحرفية في التزيين بالورود نصيرة قاسمي، التي قالت بأن أول مبلغ مالي اكتسبته من تسويق تحفها جعلها تشعر بثقة كبيرة بنفسها، تقول:«أول مبلغ مالي وعلى قلته جعلني أحس أن لدي قيمة في المجتمع، وأنني لست عالة على الآخرين، وأنه ليس عليّ انتظار حسنة من الغير لإعالة نفسي وأسرتي، فأنا مطلقة وعليّ مسؤولية تربية طفلين، فحتى وإن كان الكثيرون لا يقدرون حقيقة تعب الصنعة اليدوية، إلا أن ذلك زادني إصرارا على المواصلة، فكما يقال؛ ألي ذاق البنة ما يتهنى».

والحاجة أيضا جعلت الحرفية في الخياطة التقليدية الضاوية نايت سليمان، لا تسأم من حرفتها بالرغم من كونها تعمل بوظيفة في القطاع العام منذ سنوات، وبالرغم أيضا من كونها تتلقى راتبا شهريا، إلا أنها تعتبر المال الذي تجنيه من حرفتها «مخالف يشعرني وكأن لي كتفا آخر أرتكز عليه».

بالنسبة للحاجة باية، الحرفية في السلالة التي عبرت عن نفسها بالقول؛ «أشعر أنني سلطانة زماني، لما يتحقق لي دخلا ماديا بفضل حرفتي». وتسترجع الحرفية أول مبلغ مالي مسكته عن أول قفة صنعتها وباعتها فتقول: «أمارس حرفتي هذه منذ 50 سنة، بعت أول قفة بمبلغ دينار واحد في أواخر الستينات، قدمته مباشرة لوالدي ومازالت عالقة في ذهني، تلك اللحظة والفخر الذي اعتراني وأنا أساهم في ميزانية المنزل، إلى جانب والدي كوني بنته البكر». الحرفية مازالت تنشط في حرفتها إلى اليوم وتعتبر كل قيمة مالية تجنيها منها بمثابة «ستر للوجه من غدر الزمان».

تتابع من جهتها الحاجة حورية، الحرفية في السلالة، الحديث فتقول بأن الحرفة جعلتها مرفوعة الرأس حتى وسط أسرتها، تقول: «حققت استقلالي المادي منذ صغري ولست عالة على أحد،  حتى وإن كانوا أبنائي.. بعد سنوات من مسؤولية البيت والأولاد، أواصل لليوم في صنعتي لأنها تضمن لي التواصل مع ماضيي وتشعرني باستقرار نفسي».