البيطري حسان هجيرة لـ«المساء»:
ثقافة إسعاف الحيوانات غائبة في المجتمع

- 2687

يسعى البيطري حسان هجيرة، إلى توظيف شهادته في فعل الخير من خلال الإحسان الذي قد يهمشه البعض ويستصغره، رغم أهميته الكبيرة، وهو مساعدة الحيوانات الضالة المتضررة، وبدون مقابل ينتظره حسان من تلك الحيوانات، وإنما حبه الكبير لمخلوقات الله الذي يراها ضعيفة أمام بشاعة البعض الذين يتسلون في تعذيبها.
في حديثه لـ«المساء»، تطرق البيطري هجيرة، إلى ظاهرة دخيلة على مجتمع مسلم يتسم بصفات الرحمة والقلوب اللينة، ظاهرة مستنكرة عالميا، وهي تعذيب بعض الحيوانات الضالة، هذه الأخيرة التي ليس لها مأوى أو مالك يدافع عن حقوقها، حتى تلك الحقوق التي منحها الله إياها أصبحت مهضومة في ظل القوانين غير المعمول بها وغير المطبقة، في هذا الخصوص قال البيطري: «دخولي عالم البيطرة كان حلم طفولة، فشغفي الكبير بالحيوانات منذ الصغر دفعني إلى امتهان هذا التخصص قبل عشر سنوات، ليفاجئني الواقع بعد تخرجي مباشرة من الجامعة وفتحي لعيادة خاصة بالحيوانات في ولاية ميلة، بعالم وصفته آنذاك بالكارثة العظمى في هذا المجال، حيوانات تتعذب وتتألم يوميا أمام أنظار المارة دون أن يحركون ساكنا أو يشعرون بأية مسؤولية تجاه تلك المخلوقات من كلاب وقطط أو حتى طيور وعصافير، حيث يبدو للأغلبية أنها مشاهد عادية ولا تستدعي التدخل».
أشار المتحدث إلى أن ثقافة إسعاف الحيوان المتضرر غائبة لدى غالبية أفراد المجتمع، هذا ما تؤكده بعض الحالات التي وقف عليها المختص طيلة خيرته في المجال قائلا: «كثيرا ما نشهد على قارعة الطريق حيوانات تم صدمها بالسيارات، وما يفعله هؤلاء المتسببون في ذلك هو «لاشيء»، حتى أنهم قد يجرحونها ولا يزيحونها حتى على الطريق، فقد تقتلها سيارة أخرى، أو يترجلون من السيارة لمعاينتها مهما كان الحيوان، إلى جانب أن بعض الأشخاص الذين وصفهم المختص بالنفوس المريضة يتلذذون بتعذيب بعض الحيوانات التي يربطونها ويحرمونها من الأكل أو الشرب أو يضربونها.
وفي هذا الصدد، روى حسان هجيرة، آخر حادثة عاشها مع الكلبة «كاتي» التي أسعفها من ولاية قسنطينة، والتي كانت محبوسة لدى رجل في ساحة بيته، حيث كان يعذبها يوميا، ثم قام في أحد الليالي بتقطيع أحد أطرافها وكسر طرف آخر باستعمال المطرقة، ثم ألقاها في الشارع، الأمر الذي أثار دهشته لبشاعة تلك الأفعال لشخص يصب جم كراهيته على حيوان ضعيف لا قوة له، قائلا: اليوم «كاتي» بعد أسابيع من العلاج استطاعت أن تركض من جديد..
حدثنا حسان عن صفحته الخاصة على موقع الفيسبوك، التي اعتبرها الوسيط بين خدماته والمجتمع، الذي يحاول من خلالها إطلاق حملاته الوطنية لدعوة المواطنين إلى الشعور بحس المسؤولية تجاه تلك الكائنات والاتصال به في حالة عثورهم على حيوان في خطر مريض أو معنف، مؤكدا أنه قادر على التنقل بين مختلف الولايات المجاورة لولاية ميلة لإسعاف حيوان وعلاجه، مشيرا إلى أن خدماته مجانية ولا تكلفه الكثير، داعيا مختلف البياطرة عبر التراب الوطني إلى القيام بالمثل حتى تكون في كل ولاية عيادة خاصة تهتم بمساعدة تلك الحيوانات وعلاجها.
ولا تزال العناية بالحيوانات عندنا تقتصر على الماشية، يضيف المتحدث، وعادة ما يكون ذلك خوفا على رأس المال، إذ يهتم مربو الماشية ـ من بقر وكباش ـ بحيواناتهم خوفا على مرضهم وموتهم، إلا أن الاهتمام بباقي الحيوانات لا يزال يقتصر على فئة جد ضعيفة من المجتمع لا أكثر، رغم أن علاج حيوان لا يكلف الكثير، وقد تكون مجانا في كثير من الأحيان.
ودعا البيطري في الأخير إلى ضرورة تفعيل القوانين التي تحمي الحيوانات، والتي لا تزال مجرد مواد تم نقلها من قوانين دولية، وهي حبر على ورق غير معمول بها إلى حد الساعة، إذ لابد أن تفرض غرامات مالية على الأشخاص الذين يتعمدون تعذيب حيوانات، لها هي الأخرى حق العيش في سلام.