قالمة تناقش "الطلاق: التحديّات والحلول"

تقديم مقاربات قانونية، ثقافية وسوسيولوجية

تقديم مقاربات قانونية، ثقافية وسوسيولوجية
  • 553
وردة زرقين وردة زرقين

ناقش أكاديميون وأساتذة جامعيون ومتخصّصون، أهم العوامل التي تساهم في انتشار وتفاقم ظاهرة الطلاق. وسلّطوا الضوء في الملتقى الوطني، حول "ظاهرة الطلاق في المجتمع الجزائري، التحديات والحلول" ، والذي نظّمته كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة "8 ماي 1945" بقالمة، الأسبوع المنقضي، على الإحصائيات، والتأثيرات على الفرد والمجتمع. كما حاولوا الكشف عن الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى الطلاق من مقاربات قانونية وثقافية وسوسيولوجية، مع تقديم حلول ممكنة للحدّ  من الظاهرة، وانتشارها.

قالت رئيسة الملتقى الدكتورة لمياء بخوش، إنّ الهدف من تنظيم هذا الملتقى هو دراسة الطلاق كظاهرة لا كمشكلة سلبية، موضّحة أنّ الطلاق ظاهرة سلبية، لكن ما لا يَخفى على الجميع، أنّ الله عز وجل حلّله، وهو أبغض الحلال. وجعله وسيلة لحياة لا يمكن استمرارها، وبالتالي عندما يصبح الطلاق حلاّ، فهو، في هذه الحالة، علاج لا ظاهرة سلبية. وأبرزت  أنّ الملتقى يكشف عن الأسباب، والعوامل التي تسبّب الطلاق، منها الظاهرة والخفية، ومناقشة أهم النتائج المترتّبة عنها سواء للزوج أو الزوجة، وخاصة الأبناء. والغرض الأساسي هو الكشف عن الأسباب، وسبل معالجتها أكثر من الحلول.

سهيل يخلف: 93 ألف حالة طلاق في 2025

أكّد الدكتور سهيل يخلف من جامعة "8 ماي 1945" بقالمة، أنّ الجزائر كانت تتذيّل الترتيب العالمي في ظاهرة الطلاق، فيما أصبحت في السنوات القليلة الأخيرة، تحتلّ المراتب الأوائل من بين الدول العربية رغم أنّ أسباب الطلاق في بعض البلدان العربية، تختلف عن الأسباب في بلادنا. وهي الثراء والرفاهية؛ على غرار الكويت، وقطر، والإمارات والسعودية.

وقدّم الدكتور يخلف في مداخلته الموسومة بـ"التحليل الديمغرافي في ظاهرة الطلاق في الجزائر"، عرضا تطرّق فيه لنظرة عامة ووصفية لتطوّر أنواع الطلاق المختلف، ونسب ارتفاعه في مدّة أقل من 20 سنة الأخيرة انطلاقا من آخر تحقيق، إضافة إلى سمات المطلقين الرجال والنساء.

وحسب المعطيات الإحصائية اعتمادا على الإحصائيات الوطنية وبيانات للديوان الوطني للاحصائيات ومعطيات مراكز البحث وتحقيقات وطنية ومصادر رسمية، قال المتدخّل إنّ عدد المطلقين يتضاعف في كلّ سنة، حيث ارتفع من 30 ألف حالة طلاق سنة 2008، إلى 93 ألف حالة سنة 2025؛ أي أنّ العدد تضاعف ثلاث مرّات في مدة 17 سنة! وهي مدة قصيرة جدا؛ بسبب ظهور قوانين حديثة؛ مثل الخلع وآثاره وقوانينه، التي ساهمت في تضاعف الظاهرة. وبالموازاة، تضاعفت معدلات الطلاق في الفترة المذكورة؛ إذ كانت في حدود 11.9 بالمائة، فيما تجاوزت 20 بالمائة.

وقدّم المتحدّث إحصائيات كلّ حالة من أنواع الطلاق الذي ينقسم إلى 4 أنواع، وهي: الحالة الأولى: التطليق، الذي ارتفع من 17 ألفا إلى 30 ألفا في الفترة المذكورة. والحالة الثانية وهي الطلاق بالتراضي بين الطرفين، الذي انتقل من 11 ألفا إلى 17 ألف حالة.

أما الحالة الثالثة فهي بناءً على طلب الزوجة، وارتفع من 3 آلاف إلى 4 آلاف. وأوضح الدكتور يخلف أن في هذه الحالة، المرأة ترفض الطلاق، وهي حالات قليلة، فيما قال إنّ للحالة الرابعة، وهي الخلع، الحصة الرهيبة في ظاهرة الطلاق؛ حيث ارتفع من 2000 حالة إلى 18 ألف حالة في 17 سنة؛ ما ساهم في انتشارها.

وأرجع يخلف بعض أسباب الطلاق إلى نقص الوازع الديني، وعدم نضج الزوجين، وعدم تحمّل المسؤولية من الطرفين، وكذا ضعف التواصل والحوار بين الزوجين، والتأثير السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي والمؤثّرين، والعلبة السوداء التي تتمثل في الهاتف الذكي، وعدم التوافق الاجتماعي بين الزوجين. وكلها قال عنها أسبابا عميقة، مسبّبة للطلاق.

نصيرة مهنة: التكتّم الانفعالي يؤدي إلى انعكاسات عميقة

من جهتها، تناولت الدكتورة نصيرة مهنة من جامعة "محمد الشريف مساعدية" بسوق اهراس، في مداخلتها بعنوان "التناول النسقي لاضطراب التكتم الانفعالي عند أبناء المطلقين: دراسة حالة"، مسألة التكتّم الانفعالي عند الأمهات المطلقات. وقالت إنّه موضوع ذو أهمية بالغة في مجال علم النفس والاجتماع في شقيه النفسي والاجتماعي، موضّحة أنّ علاقة النسق الأسري وظاهرة التكتّم الانفعالي لدى المراهقين الذين لهم أولياء مطلقون، يترك انعكاسات عميقة، تتمثل في كبت أشياء داخل نفسية هذا المراهق، تؤثّر على حياته، وطريقة التعامل مع المواطنين. وتسبّب له التوتّر، والقلق، وفقدان الإحساس بالأمان. ومن خلال هذه الدراسة أكّدت مهنة التوصّل إلى أنّ التكتّم الانفعالي يؤدي، بدرجة كبيرة، إلى غياب الدعم النفسي والأسري للطفل، وبالتالي الشعور بالاضطرابات، وعدم التكيّف الإيجابي. 

عبد الحليم بوشكيوة: اقتراح تعديل المواد القانونية المتعلقة بالطلاق

أهم ما جاء في مداخلة الدكتور عبد الحليم بوشكيوة من جامعة "محمد الصديق بن يحي" بجيجل، "تأثير تعديل قانون الأسرة على ظاهرة الطلاق في المجتمع الجزائري" . وتساءل: "هل التأثيرات التي جاءت كانت، فعلا، نابعة عن حاجة المجتمع إليها؟".

وحسب البحث عن إحصائيات في المجالس والمحاكم القضائية، قال إنّ النتيجة توصّلت إلى أنّ حالة الطلاق ارتفعت بكثير، مشيرا إلى وجود بعض الضغوط من اللجان الدولية لتعديل بعض المسائل في قانون الأسرة الجزائري، لا تتوافق مع العادات والتقاليد الجزائرية، ومع الخصوصية الدينية والثقافية والاجتماعية الجزائرية؛ ما أدّى إلى انعكاس هذه التعديلات، مبرزا أنّ أسباب الطلاق كثيرة. والمتغيّرات التي تتدخّل في الظاهرة كثيرة. لكن القانون أحد وسائل الضبط الاجتماعي. واقترح بوشكيوة في حديثه، تعديل نصوص قانون الأسرة الجزائري في المواد التي تتعلّق بظاهرة الطلاق، ومحاولة تكريس جانب وقائي من الطلاق أكثر من الجانب العلاجي.

وردة زرقين: الظاهرة تجاوزت كل الخطوط الحمراء

من جهتها، أكدت الإعلامية وردة زرقين أنّ ظاهرة الطلاق في بلادنا تجاوزت كلّ الخطوط الحمراء رغم أنّ الله شرّعه في كتابه العزيز. وأصبحت هذه الظاهرة من أهم المشكلات التي تواجه الأسر الجزائرية؛ لما لها من انعكاسات وآثار سلبية تهدّد نسيج المجتمع؛ لأسباب عدة. وذكرت المتدخلة في مداخلتها أسباب تفشي الظاهرة، وآثار الطلاق السلبية على الزوجين والأبناء والمجتمع، منها النفسية، والمالية، والاجتماعية والاقتصادية. وحسب دراستها الميدانية والإحصائيات، توصّلت النتائج إلى أنّ عوامل عديدة ساهمت في استفحال الظاهرة، خاصة قانون الأسرة "الخلع"، ووسائل التواصل الاجتماعي بدرجة كبيرة.

نور الدين بودبوز: اقتراح دورات تكوينية للمقبلين على الزواج

أما الأستاذ نور الدين بودبوز، إمام بمسجد "لقمان" بقالمة، فأكّد أنّ المجتمع الجزائري افتقد المودّة والرحمة؛ حيث أصبح التوافق بين الزوجين منعدما. وقال إنّ ظاهرة الطلاق أصبحت عجيبة، وخطيرة جدا، استفحلت في المجتمع الجزائري، وخرجت عن المعقول. وأردف أنّ الطلاق في بعض الحالات، يصبح رحمة لمّا تصبح الحياة الزوجية مستحيلة، مذكّرا في مداخلته، بالأسباب التي أدّت إلى انتشار هذه الظاهرة، ومن بينها الاستقلالية المالية للزوجة، وتدخُّل الأهل في الحياة الزوجية، واختيار الزوجة والزوج. واقترح بودبوز، في حديثه، دورات تكوينية ينظّمها، على سبيل حديثه، قطاع الشؤون الدينية والشؤون الاجتماعية للمقبلين على الزواج.

سعاد نزاري:  زلزال أسري حدث في 2024 

أما الدكتورة نزاري سعاد من جامعة قالمة، فقد تناولت في مداخلتها مجموعة من العناصر والمداخل. وركّزت على الإحصائيات التي يصدرها الديوان الوطني للإحصاء؛ حيث بلغت نسبة الطلاق 240 حالة في اليوم. وقالت إنّ سنة 2024 سميت بالزلزال الأسري نتيجة خطورة هذه الظاهرة.