زف العروس على الأقدام في باتنة

تقاليد عريقة في مواجهة رياح العصرنة

تقاليد عريقة في مواجهة رياح العصرنة
  • 6575
خ/ نافع خ/ نافع
رغبة منا في التعرف على بعض التقاليد التي تزخر بها ولاية باتنة، على هامش القافلة الثقافية لهذه الولاية التي تعيش فعالياتها هذه الأيام عاصمة الغرب الجزائري وهران، في إطار الأسبوع الثقافي، شدنا الفضول للتحدث مع إحدى العضوات، لتطلعنا على خصوصيات العرس بهذه الولاية الواقعة في الشرق الجزائري.
أبرز ما تشتهر به الأعراس في ولاية باتنة؛ زفة العروس سيرا على الأقدام، حيث ما تزال بعض قرى الولاية تمارسها بعد أن توارثتها عن الأجداد والأسلاف، وتسمى هذه العادة محليا بـ«المحفل"، حيث ينظم موكب بهيج يضم السكان، خاصة نساء القرية وحتى القرى المجاورة.
هذا التقليد كان ضاربا في القدم عندما لم تكن هناك سيارات ولا وسائل نقل، لكن اليوم ومع التطور العصري، مايزال بعض سكان باتنة يركنون سياراتهم جانبا وينضمون إلى "المحفل"، حيث تزف العروس سيرا على الأقدام على وقع الزغاريد والبارود، وتوزع في هذا المحفل "القسقشة" على الأطفال، وهو خليط من المكسرات وقطع من الحلوى والتمر توزعها "القفافة"، وهي العجوز التي ترشحها أم العروس لتبيت مع ابنتها في بيت العريس ليلة العرس.
ورغم أن الموكب يضم نساء ورجالا، إلا أن العرف في هذه التظاهرة يقضي أن يتقدم الرجال وتتأخر النساء وتسير العروس في الوسط، حيث تتميز عن باقي النساء بوضع منديل أخضر على رأسها رمزا للخصوبة والرزق. يتولى والد العريس أو من يقوم مقامه، في الغالب يكون شيخا وقورا، أمر قيادة الموكب وعلى الجميع طاعته والامتثال لأوامره.
والجميل في هذه التظاهرة؛ أناشيد وأغاني النساء اللواتي يرافقن العروس، حيث تتنوع الأهازيج حسب الموقع الذي ينزلن به، فعند خروج العروس من بيت أهلها تنشد النساء في الصلاة على النبي المختار نهاية بترديد أغنية "حلّو الباب يا لحباب".
عندما يبلغ الموكب بيت العريس، تقوم أم العريس باستقبال كنتها بطبق أو إناء من الطين به زبدة مملحة، حيث تقوم العروس بأخذ مقدار من محتوى الإناء، وتلصقه بيدها عند المدخل، ويعني ذلك أن تلتصق العروس ببيتها وبيئتها الجديدة حتى تذوي أو تموت مثلما تلتصق الزبدة بالمكان حتى الذوبان..
هذه العادة التي ماتزال بعض المناطق تحييها، لكن ليس بتفاصيل "المحفل القديم"، حيث كان "الشاوش" الذي يتكفل بحمل العروس وترصد "القفافة" لسلبها قفة "القشقشة"، ورغم أن العديد من الطقوس اختفت مع هبوب رياح العصرنة، لا يزال "المحفل" سمة وميزة العرس الباتني وزينة الأعراس هناك، كما قالت بفخر واعتزاز محدثتنا.