الباحث الاجتماعي الدكتور محمد طيبي:
تغيير الذهنيات يصحح صورة المرأة في مخيلة الرجل

- 1124

لا زالت العلاقة الجدلية بين الرجل والمرأة تشغل بال الكثير من الباحثين والأخصائيين الاجتماعيين للوصول إلى فهمها، خاصة في شقها المرتبط بضرورة احترامها وتقديرها وعدم التعدي عليها، ومن بين هؤلاء الباحث الاجتماعي الدكتور محمد طيبي، الذي حاول خلال مشاركته مؤخرا، في لقاء وطني نظم إحياء لليوم العالمي للحد من العنف ضد المرأة بالعاصمة، أن يوضح، بناء على جملة من البحوث والدراسات التي قام بها، أن ما يحمله الرجل من تصورات عن المرأة تتحكم فيه عدة عوامل يتداخل مع بعضها البعض، ولعل أهمها تنشئته الاجتماعية والكيفية التي تصور له بها هذه المرأة، والبيئة ونوع الأدب الذي يقرأه وما يصوره له الإعلام عنها والثقافة والعادات والتقاليد.
كل هذه العوامل، حسب الدكتور طيبي، تساهم في تحديد الميكانيزم الذي يبني تخيّله لها في عقله، بالتالي يكشف في حديثه مع ”المساء”، عن أن الإشكالية التي ينبغي بحثها لمعرفة طبيعة العلاقة بينهما هي ”كيف تتركب صورة المرأة في ذهن الرجل”؟.
من جهة أخرى، أرجع محدثنا سبب بناء الرجل لبعض التصورات السلبية عن المرأة، والتي تسمح له بممارسة العنف عليها إلى المرأة في حد ذاتها، التي تساعده حتى دون قصد منها ولا اعتراض، على بناء بعض المصطلحات التعبيرية لتحطيمها والإساءة لها، ويستدل الباحث في ذلك بمصطلح تعبيري كانت تكنى به امرأة قديما، حيث كانت تسمى بـ«النصلة”، وتعني المرأة التي تشبّه في أفعالها بـ«إبليس”، حيث ظل هذا المصطلح يستعمل من الرجال عند وصف بعض النساء، وهذا يحمل في طياته عنفا تعبيريا تقبتله النساء ولا زال، يقول الباحث، يتداول إلى يومنا هذا في المناطق الريفية وحتى الحضرية منها.
عند البحث في طبيعة العلاقة التي تربط الرجل بالمرأة، حسب رأي محدثنا، لابد أن تكون الانطلاقة من القرآن، فالدارس لكتاب الله، حسب الدكتور، يجد أن المولى عز وجل لم يشر إلى عبارة الحب، إنما إلى المودة والرحمة والألفة التي على أساسها يبنى ويستمر مشروع الزواج، مشيرا إلى أن الابتعاد عن هذه القيم الأخلاقية، هو الذي أساء إلى طبيعة العلاقة بين طرفين وأضفى عليها عنفا سلطه الرجل على المرأة، و«أكثر ما أخشاه أن يسير الرجل وفقا للعقلية الغربية التي تربط العلاقة بين الطرفين على أساس الحب الذي سرعان ما يزول مع أول أزمة، ويفتح المجال بينهما لجملة من الممارسات العنيفة”، يقو الدكتور طيبي.
عن مكانة المرأة الجزائرية اليوم، أكد الباحث الاجتماعي أن الرجل مدعو إلى تغيير بعض الذهنيات التي تكوّنت لديه بسبب عدة عوامل حول المرأة، من ناحية، ومن جهة أخرى، يقول ”المرأة الجزائرية اليوم حازت على تطوّر مدهش في الفضاء العام، حيث تمكّنت من الظهور وإثبات الوجود والنجاح في عدة مجالات، وهو ما ينبغي تسليط الضوء عليه”، مشيرا إلى أن العنف ضدها موجود، لكنه ليس بنسبة كبيرة، لأن ”الرجل يميل إلى المسالمة معها، يبقى فقط الرجوع إلى تفعيل بعض القيم المدنية والأخلاقية التي تتطلب ـ طبعا ـ البدء بتغيير الذهنيات”.