عيد الميلاد

تراجع جلي في مظاهر الاحتفال

تراجع جلي في مظاهر الاحتفال
  • 900
❊ نور الهدى بوطيبة ❊ نور الهدى بوطيبة

أوضح عبد الحليم بن نعمان، إمام مسجد ببلدية بئر مراد رايس، أن الإرشادات الدينية التوعوية التي ركزت عليها الشؤون الدينية خلال السنوات الأخيرة، والمتعلقة ببعض الاحتفالات والبدع المرتبطة بها، أثمرت نتائجها في تراجع الكثير من السلوكيات الخاطئة التي كان المجتمع يعتمدها احتفالا بتلك الأعياد، لاسيما الأعياد الأجنبية التي يحتفل بها المجتمع الأوروبي المسيحي، والتي تتنافى ومعتقداتنا الدينية.

أجرت"المساء" جولة استطلاعية بين عدد من الشباب بالعاصمة، لمعرفة مدى إقبالهم على احتفالات رأس السنة الميلادية، التي تتجلى مظاهرها في الشوارع، لاسيما في بعض المحلات، على غرار محلات بيع الحلويات، حيث كانت تعتمد ديكورا خاصا وإضاءة مميزة، فضلا عن تحضير حلويات خاصة بهذه الاحتفالية، على غرار "كيكة لابيش" وغيرها.

رغم أن أياما قليلة فقط تفصلنا عن هذه الاحتفالية، يبدو أن الكثيرين اقتنعوا بغياب المعنى أو الهدف منها، والدليل على ذلك تراجع مظاهرها في شوارعنا، لاسيما في المحلات التي تعودت على تزيين "شجرة الميلاد" أو تحضير حلويات خاصة، ومنها ما كانت تضع مجسم "بابا نويل" لتزيّن واجهاتها.

في هذا الخصوص، أبدى الكثير ممن مسهم استطلاع "المساء"، عزوفهم عن الاحتفال بهذا اليوم في الـ25 من شهر ديسمبر، قناعة منهم بأن الأمر  مناف لقيم ديننا وعادات أجدادنا. في نفس الصدد، قالت الحاجة مريم؛ في السنوات القليلة الأخيرة ظهرت العديد من "موجات الموضة" التي لا علاقة لمجتمعنا بها، بعدما تبناها الجيل الحديث من خلال تعرضه المستمر لموجات العولمة التي نقلت سلبيات وإيجابيات المجتمعات الأخرى، ومن الشباب من ركز على السلبيات أكثر نظرا لما وجده فيها من إغراءات تثير اهتمامه، خصوصا أن روح الشاب دائما ما تتميز بحب الاحتفال وكل ما يتعلق بالحفلات، كالتزيين والموسيقى، الأمر الذي يجعله يعيش فترة من المرح والاستمتاع، دون أن يدرك الخلفيات والمعنى الحقيقي لتلك الاحتفاليات.

من جانبه، أوضح إبراهيم أن الأنترنت وشاشات التلفزيون هي السبب وراء الترويج لتلك الاحتفالية، لاسيما أن الأوروبيين يستغلون هذه الاحتفاليات كمناسبة للرفع من مبيعاتهم والترويج لسلعهم، وهذا ما يجعلهم لأيام طويلة قبل المناسبة، يطلقون الحملات الترويجية، كبث الأفلام والمسلسلات وحتى الرسومات المتحركة المتعلقة بعيد الميلاد، إلى جانب الومضات الإشهارية لكل المنتجات التي تستعمل في تلك الاحتفالية، وهو ما يجعل الشاب العربي المسلم يستهلك تلك الحملة ويتبناها تدريجيا، ليجد نفسه مؤيدا لفكرتها، ويحاول بذلك القيام بنفس السلوكيات، كوسيلة للخروج من روتين الحياة.

على صعيد آخر، أشارت فريال، طالبة جامعية، إلى أن عائلتها تحتفل برأس السنة الميلادية، ليس في 25 ديسمبر، وهو تاريخ ميلاد سيدنا عيسى، إنما بليلة رأس السنة، مثلها مثل غيرها من الذين تحدثنا معهم، حيث قالت "الاحتفال يتم بتحضير عشاء عائلي تلتقي فيه العائلة الصغيرة، مع تحضير حلويات تخصص للسهرة، تتنوع بين المكسرات والشوكولاطة والحلويات". مضيفة أن ذلك ليس إيمانا بتلك المعتقدات أو امتثالا بالأجانب، إنما هي مناسبة لتحضير شيء مميز، حتى وإن لم تبد قناعتها بالأمر، ورددت المتحدثة "إنما الأعمال بالنيات"، والنية وراء ذلك، هي قضاء وقت ممتع رفقة العائلة وكسر روتين أيام الشتاء فقط.

عن هذا الموضوع، حدثنا الإمام بن نعمان قائلا "لا شك في تحريم هذه الاحتفالات، لما فيها من التشبه بالكفار، ومعلوم أن المسلمين لا عيد لهم سوى الفطر والأضحى وعيد الأسبوع الذي هو يوم الجمعة، وأي احتفال آخر فغير جائز، إنما يعد بدعة، إن كان الاحتفال به من أجل التقرب إلى الله أو التشبه بالكفار، إن كان الاحتفال على وجه العادة والتقليد لا القربة،  لأن إحداث الأعياد المبتدعة من أفعال أهل الكتاب الذين أمرنا بمخالفتهم وعدم الامتثال بهم، واستدل حديثه بقول الله تعالى في سورة النور "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" (٦٣).

أكد المتحدث أن تراجع المجتمع الجزائري عن تلك الاحتفالات راجع إلى الإرشادات التي شددتها الشؤون الدينية، لاسيما خلال خطب الجمعة، المناسبة التي استغلها الأئمة لتصحيح مفاهيم الكثيرين، خصوصا الشبان  الذين يغيب الوعي الديني عند بعضهم، واختلطت لديهم المعتقدات بين الجائز، المكروه والمحرم، وبذلك تصحيح أفكارهم بالرجوع إلى دلائل من كتاب الله وسنة محمد عليه الصلاة والسلام.