معارض الصناعة التقليدية بعنابة
تراث حي على ضفاف المتوسط

- 204

انطلقت فعاليات معارض الصناعة التقليدية بشاطئ "ريزي عمر" في عنابة، لتضفي على موسم الاصطياف 2025، نكهةً ثقافيةً أصيلة، تمزج بين متعة البحر وسحر التراث. وتحول رصيف البحر إلى فضاء مفتوح يعج بالحرفيين والمصطافين، حيث تشارك عشرات التعاونيات والجمعيات في عرض منتوجات تقليدية تروي قصصًا من عمق الجزائر.
منذ الأيام الأولى للموسم، حرصت مديرية السياحة والصناعة التقليدية لولاية عنابة، على تسطير برنامج غني بالنشاطات الترقوية والاقتصادية، التي تساهم في إبراز الوجه الآخر للولاية، بعيدًا عن البحر والرمل. فالصناعة التقليدية، بما تحمله من رموز جمالية ووظائف اجتماعية، باتت أحد أعمدة التنشيط السياحي في المنطقة.
في قلب المعارض، تتوزع الأجنحة بين منسوجات ومطرزات تقليدية، أدوات نحاسية، فخار مزخرف، حلويات شعبية، وأزياء تقليدية مستوحاة من اللباس العنابي العريق. كل قطعة تُعرض، تحكي حكايةَ يدٍ بارعة وفكرٍ مبدع، حيث لا تنفصل الحرفة عن الهوية. الزوار، من مختلف الأعمار، يتوقفون مطولًا عند الزوايا التي تحتضن العارضين والعارضات وهم يشرحون بفخر تفاصيل صناعاتهم، ويؤكدون بأن هذا الفن ليس مجرد تكرار لما هو قديم، بل عملية إبداع متجددة تنسجها الروح الجزائرية.
ولا تقتصر الفعاليات على العرض فقط، بل تتعداها إلى ورشات حية يشارك فيها الجمهور، خاصة فئة الأطفال، الذين يتعلمون فنون التلوين على الخزف، وتقنيات الخياطة والتطريز، والنقش على الخشب، وسط أجواء ترفيهية تربوية تُقوي الصلة بين الأجيال وترسخ قيم المحافظة على التراث.
الحرفيون القادمون من مختلف ولايات الشرق الجزائري، عبروا عن ارتياحهم لحجم الإقبال وتفاعل الجمهور، مؤكدين أن عنابة أظهرت هذا العام، اهتمامًا نوعيًا بدعم الحرفة التقليدية وتسويق المنتوج المحلي. وتحدثت إحدى العارضات من سوق أهراس، عن أهمية المشاركة في هذا النوع من المعارض، قائلة: "نحن لا نبيع منتوجًا فقط، بل نُعرف الناس بجذورهم، وهذا ما يجعلنا نعود في كل موسم بإصرار أكبر."
كما شهدت بعض الليالي الصيفية، تنظيم سهرات فنية تُحييها فرق فلكلورية، تقدم عروضًا موسيقية راقصة، تعكس عمق الموروث الثقافي للمنطقة، وتجعل من زيارة المعرض تجربة ثقافية متكاملة. وتواصل معارض الصناعة التقليدية نشاطها، طيلة موسم الاصطياف، وسط آمال واسعة في أن تتحول هذه المبادرات إلى تقليد سنوي دائم، يربط السائح بالتراث، ويدعم الحرفي، ويمنح للصيف في عنابة طعمًا لا يُنسى.