`الحرفية زهرة باشا أخصائية في الأواني التقليدية
تحضير المائدة فن لا يكتمل إلا بالقطع الطينية والخشبية

- 1101

ترى الحرفية زهرة باشا، أخصائية في صناعة الأواني التقليدية، أن جمالية الأكل التقليدي لا تكتمل إلا بتقديمه في الأواني الطينية والخشبية التقليدية، التي كانت ولا زالت فخر الأسر المحافظة على تراث الأجداد، مشيرة إلى أنه رغم التطور الذي مس عالم الأواني من المواد أكثر صلابة، إلا أن مكانة الأواني التقليدية لا زالت في الصدارة.
عالم تصنيع الأواني ـ حسب محدثتنا ـ جد مثمر، الأمر الذي دفع بالعديد من العلامات التجارية الشهيرة في صناعة الأدوات "الكهرومنزلية"، إلى التوجه نحو التخصص في صناعة الأواني الحديدية، على غرار المقلاة وقدر الضغط وغيرها من الطناجر الأخرى، التي كلما كانت ثقيلة، كلما كانت تطهو بشكل أسرع وأفضل.
أشارت الحرفية إلى أن تخصص بعض الماركات الشهيرة في صناعة الأواني، دليل على الأهمية التي توليها لها النساء حول العالم وكل الطباخين، لإيجاد أواني طهي جيدة لها ميزات عديدة، تبدأ بعدم اللصق، سريعة الطهي ومدة صلاحيتها أطول لا تتطلب اقتناء أوان جديدة في كل مرة.
رغم كل التطورات التي مست هذا الجانب، حسب زهرة باشا، إلا أن الأواني التقليدية لا زالت تحافظ على مكانتها في مطبخ الكثيرات، لقناعتهن بصعوبة منافستها، لاسيما أن لها ميزات خاصة، لا يمكن إيجادها في الأواني الأخرى الحديثة.
حسب الحرفية، تحتوي السوق على نوعين أساسين من الأواني الحديثة، منها الزهيدة التي عادة ما يكون مصدرها الصين، تتميز بالخفة، وتحترق بسرعة، تلصق الأكل عند طهيه، تغيب من الأكل المطبوخ فيها اللّذة، وهي رخيصة السعر نظرا للمواد الأولية البخسة التي تصنع بها، في حين هناك أوان أخرى مصنعة من مواد مدروسة، تتميز بثقلها، كما أنها فعالة في الطبخ، إلا أن أسعارها مرتفعة، يتعذر على الجميع اقتناءها لغلاء ثمنها، مشيرة إلى أن الخيار المناسب يتمثل في العودة إلى الأواني التقليدية المصنوعة من الطين، التي كانت تحضر فيها النساء الأكل قديما، وكان يتميز بلذة لا تقاوم، فالسر لم يكمن فقط في مكونات الطبق، إنما في طريقة تحضيره أيضا، وفق الأواني التي تستعمل من أجل طبخه.
ترى الحرفية التي تنحدر من منطقة "تقصراين" بالعاصمة، أن الكثير من العائلات عادت إلى استعمال تلك الأواني من جديد، بعدما تخلت عنها في مرحلة مضت، والفضل يعود إلى الحرفيين والسياسة التي انتهجتها الدولة في إعادة الاعتبار للحرف التقليدية قبل بضعة سنوات، الأمر الذي شجع، حسبها، "على التكثيف من المعارض الخاصة بالصناعة التقليدية والحرف اليدوية، وشجع الأخصائيين في مجالات مختلفة على الخروج إلى الساحة وعرض إبداعاتهم الفنية، التي تركز على إحياء تقاليد الأجداد".
تحضير الأكل وإعداد المائدة فن حقيقي، تقول المتحدثة، لا يتقنه الجميع إلا أصحاب الذوق الرفيع، وما يميز مائدتنا العربية والجزائرية بشكل خاص، الأواني التقليدية المصنوعة من الخشب والطين، والتي تزيد من جمال الطبق ولذة الأكل المعد فيها، لهذا، لا زالت الحرفيات يحضرن طقما كاملا من الأطباق التقليدية، على غرار طبق الكسكسي، حيث يتكون الطقم من صحن كبير للكسكسي، وصحون فردية لكل شخص، إلى جانب آنية لبن، وأكواب فردية، كلها مصنوعة من الطين.
تختص الحرفية باشا في صناعة الأواني من مادة الحجر الرملي، مصدره ولاية تلمسان، وهو مادة خزفية تتميّز بصلابة عالية ومقاومة ممتازة للمواد الكيميائية، حيث تتحقق هذه المقاومة عن طريق الطهي عند درجة حرارة من 980 إلى 1800 درجة مئوية، وتمر بمراحل عديدة تطهى من ثلاث إلى أربع مرات في فرن كهربائي، ثم تتواصل عملية الطهي في الكربون الذي تطرحه، وتلك المراحل التي تمر بها هي التي تعطيها صلابة في تحمل درجات عالية من الحرارة عند استعمالها في الطبخ.
كما تعد جد صحية وتحافظ على لذة الطبق، لاسيما عند تحضير الأكل فيها، إذ تعد طريقة طهيها على نار هادئة الأحسن، مما يجعل الأكل يطهى تدريجيا ولا تتسرب منه النكهات.