"المساء" تدخل عالم "صنّاع المحتوى" في الجزائر

بين راغب في الشهرة وباحث عن مصدر رزق

بين راغب في الشهرة وباحث عن مصدر رزق
  • 782
رشيدة بلال رشيدة بلال

شعار بعضهم: "المشهور من طينة الجمهور" وآخرون لنشر الفضائح

عرفت صناعة المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، في السنوات الأخيرة، إقبالا كبيرا من طرف الجزائريين، ولم تعد تقتصر على فئة معينة، وإنما مست كل شرائح المجتمع؛ المثقف وغير المثقف، والكبير و الشاب، وحتى الأطفال، الذين حوّلوا هذا الفضاء إلى وسيلة للتسلية، وبعضهم يصنع محتواه بحثا عن الشهرة، وآخرون جعلوا منه مصدرا للرزق، فتحوّل إلى وظيفية رقمية. غير أن المؤكد أن البعض تمكن بفضل ما يقدمه من محتوى هادف تعليمي أو مرتبط بالحياة الاجتماعية، من حصد الجوائز بعدما روّج للجزائر في مجالات مختلفة؛ على غرار السياحية والثقافية، وحتى الصحة والغذاء، وأخرى مرتبطة بالجمال والأزياء، فأسالوا بذلك لعاب بعض صنّاع المحتوى من دول عربية وأجنبية؛ لاكتشاف هذا البلد الجميل، والترويج له كلٌّ على طريقته.

ويبقى السؤال المطروح: هل يمكن أن نهذّب صناعة المحتوى بعدما تغلّب عليها المحتوى غير الهادف، حسب ما أكد المختصون؟ وكيف يمكننا أن نجعل من صناع المحتوى مؤثرين، يعوَّل عليهم في الترويج للجزائر في مجالات مختلفة، تساهم في تنميتها، وتوعية المجتمع، وتثقيفه؟

ونعرض، في هذا السياق، نماذج لصنّاع محتوى حازوا على أعلى المتابعات رغم أن محتواهم تثقيفي وتعليمي؛ إذ قدّم نضال قسوم الأستاذ الجزائري المختص في علم الفلك، شرحا مبسطا لعلوم الفلك، وهو صاحب محتوى "مباشر سيلكون بالي"، الذي يتحدث عن الحواسيب، وكل ما له علاقة بالتكنولوجيا، ويعرض في محتواه السيرة الذاتية لعلماء جزائريين، برعوا في التحكم في علوم التكنولوجيا؛ حيث يعرض تجاربهم، وكذا صانع المحتوى المدرب فيصل لوري، الذي اختار التنمية الذاتية من خلال إجراء مقابلات إعلامية، والمدرب مهدي رمضاني الذي يطرح مواضيع مختلفة في الجانب الذاتي والمؤسساتي، وصُنف ضمن صنّاع المحتوى الهادف والمؤثرين.

وفي المجال السياحي نجد محمد جمال طالب، الذي اختار الترويج لمختلف المناطق السياحية في الجزائر، والمؤثر خبيب الذي حصد جائزة أفضل صانع محتوى في السياحة، لسنة 2023، بعدما سبق له أن فاز بجائزة أفضل صانع محتوى عربي؛ لكونه يروج للسياحة في مختلف الدول العربية والأجنبية، وغيرها كثير من المحتويات التي سلطت الضوء على التغذية، والأكل الصحي، والفكاهة الهادفة إن صح التعبير، والأعمال الخيرية.

وفي مجال الطبخ مثلا، نجد المؤثر "غانو كويزين" المشهور بعبارة "الهبال تاع الدنيا"، الذي حاز، هو الآخر، على جائزة أفضل صانع محتوى في مجال الطبخ. وأكد في تصريحه على هامش الاحتفال، أن "المنافسة كانت كبيرة، وصناعة المحتوى ليست بالعمل السهل"، بينما فاز كريم كروبي بجائزة أفضل صانع محتوى في مجال الفكاهة، مؤكدا أن "الفكاهة وسيلة لرسم الابتسامة". وجائزة أفضل صانع محتوى "ديني في الجزائر" لعمر خريب، وغيرهم من صناع المحتوى الهادف، الذين تحولوا إلى مؤثرين؛ ما يوحي بأن المجتمع الجزائري يحوز على مؤثرين إيجابيين، ذاع صيتهم خارج حدود الوطن.

وفي الجهة المقابلة، نجد ما يسمى بالمحتوى غير الهادف أو المحتوى الهزلي، والذي يتجه بعضه إلى غير الأخلاقي، الذي يبدو أنه حاز، هو الآخر، على شعبية كبيرة، وهو ما يعكسه عدد المتابعين الكبير من الجمهور؛ ربما لحاجة المجتمع الجزائري إلى الضحك، والابتعاد عن ضغوط الحياة؛ حيث نجد، مثلا، في فئة الأطفال، المؤثر يونس، الذي ذاع صيته مؤخرا، بمحتوى يُظهر فيه غباءه في الدراسة. وقد حصد العديد من المعجبين والمتابعين. وعلى الرغم من أن المحتوى بسيط، غير أن عدد المتابعين كبير، بينما حول البعض الآخر محتواه، إلى يوميات، ينشرون من خلالها الفضائح، ويتبادلون فيها الشتائم. والغريب أنها تلقى عددا من المتابعين. وعند البحث عن المسؤول عن تفشي المحتوى غير الهادف أو غير الأخلاقي، نجد أن المختصين يوجهون أصابع الاتهام إلى المتابعين الذين يقومون بنشر مثل هذه المحتويات، ويروّجون لها، وبالتالي فإن المستهلك وحده المسؤول عن اختيار ما يستهلكه من محتوى هادف أو غير هادف.