لكسر سبات أشهُر الجائحة

الوكالات السياحية تراهن على الوجهات المحلية

الوكالات السياحية تراهن على الوجهات المحلية
سفيان زان، مدير وكالة "سياحة وسفر" بالعاصمة
  • 832
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تحاول الوكالات السياحية جاهدة خلال هذه الأيام، كسر السبات الذي دخلت فيه قبل سنة ونصف سنة، والذي أدخلها في أزمة اقتصادية مالية حادة بسبب وباء كورونا، الذي أحبط كل محاولاتها في تجاوز المأزق، الذي بقي معلقا بإعادة بعث الحركة الجوية والبرية والبحرية، بعد قرار الإغلاق التام للحدود. ومع حلول موسم الصيف والعطل ها هي تحاول من جديد في ظل تخفيف إجراءات الحجر وقيود الحركة بين الولايات، الترويج للوجهات المحلية؛ من خلال تسطير برامج تتوافق والوضعية الحالية من جهة، وتراعي ميزانية الجزائري من جهة أخرى.

في هذا الصدد حدثنا سفيان زان، مدير وكالة "سياحة وسفر" بالعاصمة قائلا: "إن بعض الوكالات السياحية تحاول، اليوم، إعادة بعث نشاطها من خلال الترويج للسياحة المحلية رغم صعوبة الظروف التي تعمل فيها، لا سيما أن الحدود لا يمكن اعتبارها مفتوحة نظرا للقيود التي ترتبط بإعادة الحركة، والشروط القائمة التي لا تسمح إلى حد الساعة بالحديث عن السياحة الأجنبية؛ إذ إن سعر التذاكر باهظ جدا، والشروط المرتبطة بإمكانية السفر لاتزال ضيقة جدا؛ الأمر الذي دفع ببعض الوكالات إلى محاولة الخروج من ركودها؛ بالعمل على السياحة الداخلية. هذه الأخيرة التي لا تقل صعوبة بسبب ما يشهده القطاع من نقائص مقابل ارتفاع أسعار وتكاليف الفنادق، وضعف خدماتها. وأضاف زان: "اليوم، بعض الوكالات تراهن على بعض البرامج المحلية التي نسقتها وفق السائح الجزائري، والتي لا بد أن تكون متنوعة وبأسعار مدروسة".

وأشار إلى أن الجزائري له شروطه، وهذا أمر طبيعي على حد قوله؛ نظرا لتفتّحه على السياحة الأجنبية؛ ما يجعله يقارن الأسعار والتكاليف بين السياحة المحلية والسياحة في دول الجوار، موضحا أن تكلفة ثلاث ليال فقط في إحدى الفنادق بالجزائر مثلا، تضاهي أسبوعا كاملا أو أكثر في تونس؛ الأمر الذي يجعله يتذمر من ذلك، ويفضل التوجه نحو دول الجوار. وأشار مدير الوكالة إلى أنه اليوم في ظل الظروف القائمة، لا بد من إيجاد البديل للسماح للجزائري بكسر الروتين، والخروج من الأجواء التي يعيشها لأكثر من سنة بسبب الوضعية الصحية العالمية، فضلا عن محاولة إنعاش الوكالات التي دخلت الكساد بسبب عدم عملها.

وتبقى الوجهات الساحلية أكبر رهان أمام تلك الوكالات، حسب زان، الذي أوضح أن بعض الوكالات تعمل على منتج بعض الوجهات الساحلية، على غرار عنابة، وبجاية، وعين تموشنت وغيرها، وهذا بوضع برامج شبابية وأخرى عائلية، ومحاولة مراعاة التكاليف، مشيرا إلى أن برنامجه الشبابي الذي حاول هو وعددا من الوكالات العمل عليه ضمن مخيم شبابي، يحتوي على برنامج خاص بتلك الفئة؛ ألعاب على الشاطئ، وتنشيط، وخرجات، وموضحا أن شهري جويلية وأوت واعدان للراغبين في إعادة بعث نشاط وكالاتهم، لكن تبقى في ظروف صعبة؛ نظرا لارتفاع أسعار الفنادق خلال هذه السنة، بسبب الجائحة، التي يحاول من خلالها أصحاب تلك المؤسسات، تعويض الخسائر التي تكبّدونها خلال وقف نشاطهم.

وعن الأسعار يبدو أن الوكالات "تحاول أن لا تخرج عن المعقول" وفق ميزانية الجزائري، الذي يعيش، هو الآخر، أزمة مالية بسبب الجائحة ووقف نشاط الكثيرين خلال السنة المنصرمة، التي أدت إلى مراجعة الكثيرين أولوياتهم، ليتم التضحية بأول شيء؛ راحتهم وعطلتهم الصيفية؛ إذ تراوحت أغلب عروض الوكالات بين 15000 دينار جزائري و30000 دينار لبرنامج لا يتعدى 4 أيام وثلاث ليال، وهذا ما أشار إليه، بدوره، محمد صاحب وكالة سياحية، تبنى برنامجا عائليا خاصا نحو مدينة عنابة، بسعر لا يفوق 18000 دينار جزائري للشخص الواحد، لثلاثة ليال فقط في فندق ثلاث نجوم، مشيرا إلى أن التكلفة تضم النقل والفندق، إلى جانب فطور الصباح والعشاء والخرجات الميدانية هناك.

مصائب قوم عند قوم فوائد

هي المقولة التي تنطبق تماما على بعض الصفحات الفايسبوكية التي انتشرت قبل بضع سنوات، والتي تخصصت في تنظيم خرجات سياحية بتكاليف لا تهزم من الوكالات السياحية؛ إذ لا تتعدى تكاليف عطلة نهاية الأسبوع ليومين وثلاثة ليال، 5000 دينار جزائري، لكنها لا تراهن، مطلقا، على الخرجات ذات “5 نجوم، بل تعتمد على البساطة والمغامرة والتخييم سواء على شاطئ البحر أو في الغابات. ولا يدخل في تكاليفها إلا النقل والأجواء الممتعة؛ إذ لا يتردد أصحاب تلك الصفحات في الإشارة إلى ذلك عبر برنامجهم المخصص للشباب؛ فالأجواء الممتعة لا ثمن لها، وتبقى، أحيانا، أفضل من رفاهية أربع أو خمس نجوم.

حقيبة يد وخيمة تكفيان...

وقد حملت تلك الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أسماء تدل على السياحة المحلية، اشتهر عدد منها بفضل سمعتها وما خلّفته من انطباعات إيجابية لبعض الذين خاضوا التجربة رفقتها؛ إذ يبدو أن بعض الصفحات باتت تأخذ التجربة من الميدان، لا سيما بعد استغلالها وضعية وقف نشاط الوكالات السياحية المعتمدة، وجعلت من نفسها بديلا أمام الشباب الذين لا يرفعون كثيرا معاييرهم من حيث الرفاهية والراحة خلال السفر، ليكتفوا بحقيبة يد وخيمة ولباس السباحة، لخوض المغامرة بأقل تكلفة، هذا ما أشار إليه أحد رواد الصفحات الرائدة في العاصمة، والتي تروّج في كل مرة، لوجهة جديدة؛ سكيكدة، أو تلمسان، أو القالة، أو بجاية، أو عنابة وغيرها؛ حيث قال: "إن التكاليف هي أكثر ما يثير اهتمام الشباب، وبهذا تعتمد تلك الصفحات التي باتت اليوم كل واحدة تختص في منتج معيّن.

السياحة الصحراوية، أو الحمّامات، أو الساحل، أو خرجات التصوير وغيرها، تعتمد على المغامر بأقل تكلفة، لا تتحمل إلا سعر النقل، وأحيانا تضمن توفير الخيمات للمستفيدين من خدماتها، موضحا أن الشباب خاصة، هذا أكثر ما يبحثون عنه نظرا لضعف ميزانيتهم". وأضاف محمد أن انتعاش اعمال تلك الصفحات حتى قبل ازمة كورونا وغلق الحدود والكثير من تلك الصفحات حولت عملها الصغير الى وكالة سياحية بعد توسع نشاطها، الامر الذي جعلها تعمل بوتيرة أكبر، فالمشكل الوحيد الذي تحتاجه تلك المؤسسات المجهرية هو الاعتماد لضمان التأطير والحماية القانونية.