بعدما كانت عنصر مودة بين العائلتين
"المهيبة"... حينما تفسد المغالاة الرباط المقدس

- 1032

تحولت الهدية التي يقدمها الخاطب إلى خطيبته، أو ما يسمى بـ"المهيبة"، خلال المواسم والأعياد الدينية، إلى مصدر تكليف والتزام، يقود في بعض الأحياء إلى تعريض عائلة الخاطب للحرج، بسبب عدم رضا أهل المخطوبة وحتى المخطوبة في حد ذاتها، بما يقدم لها من هدية، والتي تقود حسب المختصين في الدين، في كثير من الأحيان، إلى انفصال المخطوبين، ومنه عدم تحقيق المقصد الشرعي من الزواج، الذي يطغى عليه التفاخر وانتهاز الفرصة، للضغط على الخاطب.
تعودت العائلات الجزائرية، خصوصا عند الاحتفال بعيد الاضحى المبارك، أن تخصص جزء من الأضحية لتقدمها كهدية لأهل المخطوبة، حيث يتم لف فخذ الخروف في شكل هدية، مرفقا بكيس من الكسكسي، وأخذه عند زيارة أهل المخطوبة، وهو ما يسمى في تقاليد المجتمع الجزائري بـ"المهيبة"، غير أن هذا التقليد في السنوات الأخيرة، يبدو أنه لم يعد يفي بالغرض المطلوب، ويترتب على الخاطب أن يجتهد أكثر في تحصيل هدايا ذات قيمة مالية أكبر من مجرد فخذ الأضحية، وهو ما أكدته لـ"المساء"، عدد من المواطنات المستجوبات، اللواتي أكدن أن أخذ جزء من الأضحية بعد عيد الأضحى كهدية للمخطوبة وأهلها، تحول إلى تحصيل حاصل، وأن المخطوبة دائما تتطلع إلى أكثر من ذلك، حيث تلزم الخاطب باقتناء هدية أخرى ذات قيمة، وبعدما كان يقوم الخاطب باختيار الهدية بمفرده، أصبحت ترافقه عشية العيد إلى بعض الأسواق، من أجل اختيار هديتها التي ترغب فيها، والتي تكون في أغلب الأحيان باهظة الثمن، حتى تتفاخر بها، وحسب ما علقت مواطنة أخرى، فإن خطيبة ابنها طلبت منه أن لا يحضر لها جزء من الأضحية، لأنه تقليد قديم، واشترطت عليه خاتما من الذهب، من أجل التفاخر به بين أهلها، وهو الأمر ـ حسب المتحدثة ـ الذي يعتبر مبالغا فيه، خاصة مع ارتفاع تكاليف الهدايا".
وحسب أغلب محدثات "المساء"، فإن واحدا من الأسباب التي جعلت البركة تقل في عقود الزواج، "التخلي عن عادات وتقاليد زمان"، حيث كانت المخطوبة وأهلها يفرحون بالزيارة أكثر من فرحتهم بالهدية التي تقدم لهم، وأكثر من هذا، أصبح يتم نشر كل هذه الأمور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتتحول الهدية التي تُقدم، إلى مصدر للهزل والتنمر عليها، دون مراعاة مشاعر الخاطب ولا حتى أهله.
ماذا عن رأي الدين في "المهيبة"؟
يقول الإمام أمين شعبان، ردا على سؤال "المساء"، حول الطريقة التي أصبح ينظر من خلالها إلى "المهيبة"، التي تحولت إلى التزام، وسبب الانفصال المخطوبين، بأن "المهيبة" هي ما يأخذه العريس وأهله إلى المخطوبة وأهلها، وهي من العادات الحسنة، لأنها من الوسائل التي تقرب العائلتين من بعضهما البعض، لقوله صلى الله عليه وسلم "تهادوا تحابوا"، غيرها أنها في السنوات الأخيرة، حسب المتحدث، فقدت الغاية منها وتحولت إلى مصدر تكليف، حيث يشعر أهل الخاطب بنوع من الالتزام، إذ تحولت "المهيبة" إلى واجب لابد أن يؤدى بعناية، وليست مجرد جزء من الأضحية فقط.
وحسب الإمام، فإن الإسلام حث على التقليل من المهور لتيسير الزواج، وتحقيق مقاصده، والمعلوم أنه أحد أركان الزواج، ورغم ذلك، أكد على التقليل فيه، فما بالك بتكاليف أخرى كـ"المهيبة" وغيرها، التي تعتبر من الكماليات، والتي لا ينبغي الوقوف عندها ومحاسبة الخاطب عليها، وأردف المتحدث: "المهيبة عادة حسنة للمستطيع أن يكرم زوجته، ولغير المستطيع قد تكون رمزيات معبرة عن المودة، وتزيد في تمتين العلاقات بين المخطوبين، وتركها أولى تيسيرا ورفعا للحرج والمشقة على غير المستطيع، غير أن ما يحدث في مجتمعنا غير ذلك، حيث تكون في بعض الأحيان سببا في انفصال المخطوبين، إما لأنه لم يقدمها لخطيبته أو بسبب بساطتها".
ويختم الإمام أمين شعبان، بالتأكيد على أن الإسلام بين بأن المقصد الشرعي للزواج، هو العفة وتكوين أسرة مبنية على المودة والرحمة والمعروف، وليس على التفاخر بما هو مادي، وانتهاز الفرصة من أجل تكليف الزوج بما لا يستطيع، والنتيجة انفصال الطرفين بسبب الماديات.