استقطبت العائلات بعد انخفاض درجات الحرارة

المساحات الغابية قبلة الباحثين عن الهدوء

المساحات الغابية قبلة الباحثين عن الهدوء
  • 1114
 كريم.ب كريم.ب

تحولت المساحات الغابية والحدائق الخضراء الجوارية إلى ملاذ الكثير من العائلات الباحثة عن المتعة بعيدا عن صخب الشواطئ، لاسيما بعد التغير الحاصل في الأحوال الجوية وتراجع نسبة إقبال المصطافين على الشواطئ، حيث باتت الكثير من العائلات تفضل التوجه إليها لتمضية أوقات ممتعة مع أفراد العائلة على طاولة للعشاء أو حتى لارتشاف الشاي.

غابة "بني مراد" ببلدية برج الكيفان بالعاصمة من بين الحدائق العمومية التي تتوفر على مساحات غابية معتبرة وفضاءات مخصصة للعب الأطفال وترفيههم، تقصدها  العائلات الفارة من ضجيج الشواطئ وزحمة المرور وحتى مشكلة الركن العشوائي للسيارات.

إلياس، رب عائلة يقطن بـ "درقانة"، فضّل هو وأفراد عائلته تناول وجبة العشاء وسط المساحة الغابية؛ قال في معرض حديثه: "كثيرا من نأتي إلى الحديقة لتمضية أوقات ممتعة رفقة العائلة. وفي بعض الأحيان نحضر معنا وجبات جاهزة من المنزل بعيدا عن ضجيج المدينة، فحديقة "بني مراد" تُعد القبلة المفضلة لنا بالنظر إلى قربها من المنزل، وكثيرا ما نتوجه إلى المساحات الغابية المتواجدة ببومرداس". ويضيف: "..صراحة، الشواطئ بات فيها الكثير من الصخب والإزعاج، ومع الانخفاض المحسوس في درجة الحرارة بتنا نفضل التوجه إلى الغابة بدل الشاطئ، هذا الأخير الذي باتت تحكمه عصابات في تأجير المظليات الشمسية، ودفع مبالغ تفوق 200 دج مقابل ركن السيارات".

المساحات الغابية لبومرداس تأسر العاصميين

غابة "الشويشة" التابعة لبلدية "لقاطة" ببومرداس هي إحدى المساحات الغابية المتواجدة على حافة الطريق الرابط بين زموري وبلدية كاب جنات ببومرداس، وهي من بين الفضاءات الخضراء التي باتت تستقطب الكثير من العائلات القادمة من العاصمة، بحثا عن الهدوء وتمضية وقت في كنف العائلة، لاسيما مع توفر الأمن بالمنطقة.

ويؤكد "فتحي" أحد أبناء المنطقة، أن غابة "الشويشة" كانت في وقت مضى، بؤرة سوداء بسبب تردي الوضع الأمني بالمنطقة قبل عشر سنوات على الأقل، وها هي اليوم تتحول إلى فضاء محبب للعائلات الباحثة عن المتعة، وسط جو مملوء بالأمن والأمان، فالدخول إليها ليس بالأمر الصعب، كونها تتواجد على الطريق العمومي، حتى إن ركن المركبات لا يكلف الانتقال إلى مسافات بعيدة.

تواجدنا بالمساحة الغابية كشف لنا وجود عدد كبير من العائلات التي فضلت الاستمتاع بخضرة الطبيعة وسط أشجار غابية عالية عوض التوجه إلى شواطئ البحر، حيث احتلت معظم العائلات أماكن مختلفة من المساحة الغابية، ورغم المساحة الصغيرة للغابة إلا أن الجميع كانوا مستمتعين بأجواء عائلية تغلب عليها "الحرمة" حتى مع وجود بعض الشباب الذين فضلوا الانزواء لوحدهم، مستمتعين بأحاديتهم الخاصة في جو يسوده الاحترام.

القاسم المشترك بين العائلات التي تتواجد بالمنطقة هو "اللّمة" العائلية التي تطبعها الأطباق المتنوعة التي باتت تحضرها العائلات معها من البيت، لكي تصنع بها أجواء ممتعة، حتى إن الكثير من أفراد العائلة الواحدة يجتمعون على طاولة واحدة للاستمتاع بنكهتها وسط منظر طبيعي فريد من نوعه.

محمد هو أحد المغتربين في فرنسا وجدناه رفقة عائلته على مستوى غابة "الشويشة"، أشار في حديثه معنا إلى أنه لم يكن يعرف اسم المساحة "الشويشة"، فقد اكتشفها عن طريق بعض الأصدقاء الذين دلوه عليها، مشيرا إلى أنها منطقة طبيعية مميزة، وتُعتبر فضاء للعائلات الباحثة عن الجلسات العائلية والهدوء. ويضيف: "كلما كان البحر هائجا نأتي رفقة أفراد العائلة إلى الغابة طلبا للهدوء، مستمتعين بتناول وجبات نصنعها في المنزل مع ارتشاف الشاي في أجواء أقل ما يقال عنها رائعة، لاسيما أن "الحرمة" موجودة، والجميع يستمتع في المكان التي يختاره في الغابة".

من جهته، محسن، أحد الشباب وجدناه في الغابة رفقة أصحابه، قال إن غابة "الشويشة" هي ملاذهم الأخير في حال وجدوا البحر هائجا، وكثيرا ما يأتون لتنظيم جلسات الشواء فيما بينهم، مشيرا في معرض حديثه: "المنطقة تُعتبر آمنة جدا، وبإمكان العائلات الجلوس في هدوء وبدون خوف من الاعتداءات".

جلسات عائلية وتوفر كبير للأمن

المساحة الغابية لزموري ببومرداس هي أيضا إحدى المناطق التي باتت تستقطب المئات من العائلات بشكل يومي، وحتى تواجد العديد من الأفواج الكشفية التي فضلت تمضية عطلة الصيف على مستوى الغابة، وتنظيم عدة نشاطات كشفية. هذا الوضع ساهم بقدر كبير في جلب أكبر قدر ممكن من العائلات التي وجدت كل الظروف المناسبة لتمضية أوقات ممتعة مع تواجد محلات ومقاهي بالمنطقة.

ويؤكد سعيد، أحد الشباب الذي كان يتواجد بالمنقطة رفقة أصدقائه، أن غابة زموري تُعد من بين المساحات الغابية المفضلة لتمضية الكثير من الوقت الجميل ولعب "الدومينو" رفقة أصحابه. ويضيف: "في كثير من الأحيان نحضر معنا بعض المأكولات لتناولها وسط خضرة الطبيعة وتبادل أطراف الحديث، بعيدا عن ضجيج المقاهي وصخب الشواطئ".

وأشار أفراد إحدى العائلات القادمة من بلدية حسين داي بالعاصمة، إلى أنهم على الرغم من شساعة المساحة الغابية لزموري، غير أن العامل الأمني متوفر إلى حد كبير، "فلا اعتداءات على العائلات المتواجدة بالمنطقة". ويضيف سمير أن المرافق الموجودة على مستوى المساحة الغابية من مقاه ومحلات صغيرة، لا تكفي لسد حاجيات العائلات التي تتنقل إلى المنطقة، لذا من الواجب التفكير في توفير مرافق خدماتية أوفر، وفي مقدمتها مراحيض عمومية لتحسين مستوى الخدمات.