الإرشاد الديني من المسجد إلى الأسرة

المرأة في قلب التحول الاجتماعي

المرأة في قلب التحول الاجتماعي
  • 138
رشيدة بلال رشيدة بلال

شكّل الإرشاد النسوي الديني وأهميته في تقويم سلوك المجتمع محور أشغال الملتقى الوطني الثالث للإرشاد النسوي الديني، الذي احتضنته ولاية البليدة، وسعت من خلاله المرشدات الدينيات المشاركات من مختلف ولايات الوطن إلى تسليط الضوء على أهمية هذا الإرشاد الذي لم يعد محصورًا في المساجد فقط، إضافة إلى مناقشة بعض النقائص التي تعيق عمل المرشدات الدينيات.

كان لـ"المساء" لقاء مع عدد من المرشدات الدينيات المشاركات من مختلف ولايات الوطن. وحول الدور المحوري للمرشدة الدينية وأبرز النقائص، كانت البداية مع الأستاذة عمارية شيخاوي، أستاذة التوجيه الديني والتعليم القرآني بمديرية الشؤون الدينية لولاية تلمسان، التي قالت في معرض حديثها "إن الخطاب الديني النسوي لطالما كان محصورًا على الرجال، غير أن الدور المحوري للمرأة في التربية وتقويم سلوك أفراد الأسرة جعلها تزاحم الرجل في الخطاب الديني”. وأوضحت أن "الإرشاد الديني ليس حديث العهد، بل يعود إلى زمن الرسول عليه الصلاة والسلام والدور الذي كانت تؤديه زوجات النبي ونساء المؤمنين في التوجيه والإرشاد".

وأضافت أن "دور المرشدة الدينية اليوم أصبح أكثر من ضرورة في ظل العولمة التي فاقت كل التوقعات، حيث تقاربت الثقافات، ما يجعل من دور المرشدة الدينية مطلبًا ملحًا للتأكيد على الثوابت التي لا نحيد عنها، مع إيصال رسالة دينية معتدلة لا تبقى محصورة في المساجد فقط"، بل يجب، حسب المتحدثة: "تعزيز حضور المرشدة عبر المواقع التي أصبحت مفتوحة أمام الجميع". وأكدت أن المسجد هو البيت الأول للمرشدة الدينية، غير أن الخروج منه أصبح ضرورة لمواجهة التطورات التي يعرفها المجتمع، لاسيما تحديات التكنولوجيا وآثارها السلبية حمايةً للأسرة والمحافظة على تماسكها.

من جهتها، أوضحت المرشدة الدينية فاطمة شوحات، مرشدة رئيسية من ولاية غرداية، أن “الإرشاد الديني في الجزائر قطع مشوارًا كبيرًا وحقق خطوات مهمة، وكان له دور بارز في الحفاظ على الأسر واستقرارها”، وهو ما يعكسه، حسبها “الوجود المكثف للنساء في المؤسسات المسجدية". وأضافت أن "التحدي الأكبر في ظل الانفتاح الذي تعيشه المجتمعات اليوم يكمن في ضرورة تفاعل المرشدات الدينيات مع هذه المتغيرات وأن لا يظل عملهن محصورًا داخل المؤسسات المسجدية”. وأشارت إلى أن “المرشدة الدينية مطالبة بتكثيف تنظم نشاطات على مستوى الجامعات ومراكز التكوين المهني والمؤسسات التربوية، إضافة إلى محاولات الولوج إلى مواقع التواصل الاجتماعي"، رغم أن حضور المرشدات فيه، حسب تأكيدها “لا يزال محدودًا”، علماً أن بعضهن حوّلن هذه المنصات إلى فضاء حيّ للإرشاد الديني من خلال الإجابة على انشغالات المتابعين.

أما الدكتورة سعاد مولف، مرشدة دينية رئيسية من ولاية قسنطينة، فأكدت أن “دور المرشدة الدينية أصبح ضرورة ملحّة، خاصة في زمن الانفتاح التكنولوجي والابتعاد عن القيم الدينية، حيث يقع على عاتقها توجيه الأفراد إلى جادة الصواب وحماية الأسرة من الإلحاد والشبهات". 

وذكرت المتحدثة أن "دور المرشدة كان فيما مضى مرتبطًا بتحفيظ القرآن الكريم داخل المساجد، لكن اليوم ومع ارتقاء مستوى المرشدة الجامعية توسعت مهامها”. وأشارت إلى أن “أبرز التحديات التي تواجه المرشدات هي قلة الوسائل التكنولوجية”، داعية الجهات الوصية إلى دعم المرشدة الدينية بهذه الوسائل لتعزيز أدائها داخل المساجد وخارجها، مع ضرورة تشجيع الرجال على فتح المجال للنساء للتعلّم، باعتبار ذلك أحد التحديات التي تحول دون وصول المرشدة إلى كل الفئات النسوية، إضافة إلى أهمية تعزيز دور المرشدة لضمان أداء أفضل.

من جهتها، أوضحت المرشدة حياة بكاي من ولاية البليدة، وهي استشارية أسرية، أن “التطورات التي يشهدها مجال الإرشاد النسوي وما آل إليه من تطور في الجانب التقني تفرض على المرشدة تعلّم العديد من المهارات وتفعيلها خلال أداء مهامها، بما يسمح لها بالتفاعل مع مختلف فئات المجتمع”. وأضافت أن “الطريقة الصحيحة للارتقاء بالخطاب الديني النسوي هي تزويد المرشدة بالآليات الكفيلة بتطوير عملها”، داعية إلى ضرورة تعزيز مهارات المرشدة اليوم في الإرشاد الأسري وعلم النفس والاجتماع، لما لذلك من أثر مباشر في تحسين أدائها وتعزيزه.