باحثون يؤكدون في ملتقى بسكيكدة:

المرأة شريك اجتماعي بامتياز في التنمية الاقتصادية

المرأة شريك اجتماعي بامتياز في التنمية الاقتصادية
  • القراءات: 640
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

دعت المختصة في علم الاجتماع الدكتورة ليلى العرباوي من جامعة سكيكدة، إلى الخروج من الصورة النمطية اللصيقة بالمرأة، ومن الدائرة المغلقة، ومن تناقضات السجلات التي تتحدث عن المرأة من منظور سلبي. وتشير إلى أن المرأة أقل رمزية من الرجل في مداخلتها "مكانة المرأة الجزائرية ورهانات اختلاف السجلات" خلال أشغال الملتقى الوطني الأول حول "المرأة الجزائرية، الراهن والرؤى الاستشرافية"، التي احتضنتها دار الثقافة "محمد سراج" بسكيكدة.

أعطت العرباوي أمثلة عن تناقضات السجلات التي تتحدث عن المرأة؛ فالسجل اللغوي يصور المرأة تصويرا سلبيا؛ سواء بالدارجة أو الفصحى؛ من خلال بعض الأوصاف التي تطلَق على المرأة، وفيها مقاربات سلبية؛ كأن توصف بـ "أوْلِيَة" أو "عيشة راجل". ونفس الشيء في اللغة الفصحى؛ حيث نجد أن تصوير المرأة يكون قريبا من "البقرة" أو "الناقة". وكذلك الأمر بالنسبة للتسجيل الرمزي الذي يَعتبر المرأة في مجتمعنا، أقلّ رمزية من الرجل، مشيرة في السياق، إلى أنّ هناك كثيرا من النساء يَقبلن الخضوع للرجال، وتجدهن يدافعن عن ذلك الخضوع.

وحتى في السجل التجاري، تقول الدكتورة، هناك نساء ممن يملكن ذمة مالية مستقلة قانونا، يوسّطن الرجال في استثماراتهن. ونادرا ما نجد مستثمِرة مستقلة تستثمر أموالها بنفسها، معتبرة أن السجل العلمي هو الوحيد المخوَّل لتحرير المرأة؛ لأن الأمر هنا يتعلق بالعقل. وأشارت المحاضرة إلى أن المرأة لا يجب حصرها في احتفالية مارّة وعابرة؛ لأنّ في الواقع كل أيام السنة احتفال بالمرأة نظير الدور الريادي الذي تلعبه في المجتمع؛ فاختصاره في يوم "مساسٌ بجهود المرأة". وتؤكد قائلة: "صحيح أن المرأة أضحت تفرض نفسها، لكنها بحاجة للبروز أكثر، حسب الجهود التي تبذلها؛ فالمرأة تستحق، فعلا، مكانة مرموقة في المجتمع".

ومن جهتها، ثمّنت الأستاذة إيمان بوخلوط في مداخلتها "واقع المرأة المقاولة في الجزائر"، الإمكانات التي سخّرتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للطلبة؛ من خلال دور حاضنات الأعمال، التي ستمكّنهم، مستقبلا، من إنجاز مشاريع عملية، مضيفة أن جلّها للمرأة المقاولة. وأوضحت ضرورة إعطاء فرصة للأخصائيين في علم الاجتماع والعلوم الإنسانية، مع وضع الثقة في مخابر البحوث والدراسات الاجتماعية، لتصحيح الكتابات الخاطئة حول المرأة، التي اعتبرتها شريكا اجتماعيا بامتياز في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، داعية إلى التفعيل العملي لبعض المواد القانونية لدعم المرأة وحمايتها، سيما تفعيل العقوبات التي تهينها، وتطيح من كرامتها، وتحتقرها.

المرأة الريفية مَثلٌ في العطاء

أما الطالبة الدكتورة نور الهدى مرابط، فقالت في محاضرتها "المرأة الريفية وفرصة المشروع الناشئ"، إن المشروع الناشئ بالنسبة للمرأة الريفية، هو الاتجاه الجديد والصحيح في التنمية الاقتصادية؛ كون المرأة الريفية تشكل رصيدا لا يستهان به من خلال تمكينها اجتماعيا، نظير الدور الفعال الذي تلعبه في كل المجالات، ومشاركتها الكبيرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، إضافة إلى كون المرأة العاملة في الوقت الراهن، تشكل محورا أساسيا في العملية الإنتاجية نظرا لساهماتها في أغلب الأعمال الداخلية والخارجية للأسرة، مضيفة أن المرأة الريفية بدأت تتحرر من قيود السلطة الذكورية، وتشق طريقها إلى عالم الشغل والمقاولاتية.

ومن ناحية أخرى، أبرز السيد مصطفى مجاهدي، باحث في المركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران، عند حديثه عن مسارات تأنيث فضاءات التعليم والتكوين في الجزائر، التحولات في الجزائر التي ظهرت مؤشراتها منذ 2000 إلى غاية 2023. وقال: "مستقبلا، سنجد في الفضاءات التي تتطلب كفاءات علمية وفكرية، حضورا أكبر للعنصر الأنثوي مقارنة بالحضور الذكوري". وأضاف أنّ هناك استثمارا أقل للذكور في قضية التعليم والتربية والتكوين؛ ما أثر سلبا من الناحية الاجتماعية؛ حيث باتت الآفات الاجتماعية مرتبطة بالذكور أكثر من الإناث. للإشارة، الملتقى الوطني الأول الذي نظمه مخبر البحوث والدراسات الاجتماعية بجامعة "20 أوت 1955" بالتنسيق مع دار الثقافة "محمد سراج"، عرف مشاركة أساتذة ودكاترة وباحثين من جامعات الوطن، تمحورت أشغاله حول واقع أدوار المرأة الفاعلة في الخطاب الاجتماعي والسياسي، وتمكين المرأة الفاعلة كراهن لتنمية المشاريع الناشئة ومتوسطة المدى، إلى جانب محور الرؤى المستقبلية لمشاريع التنمية المستدامة لإدماج المرأة الفاعلة في المخطط الاستراتيجي.