أمام موجة غلاء لوازم المائدة الرمضانية

المرأة البليدية تتفنن في تصبير الطماطم وتخزين "الشربات" وفتل "المقطّفة"

المرأة البليدية تتفنن في تصبير الطماطم وتخزين "الشربات" وفتل "المقطّفة"
  • القراءات: 749
رشيدة بلال رشيدة بلال

تشهد محلات بيع الأواني الفخارية والتوابل والفواكه، بحلول شهر شعبان، إقبالا كبيرا عليها؛ لاقتناء ما تعتبره ربات البيوت ضروريا لاستقبال الضيف الكريم. وعلى الرغم من موجة الغلاء المسجلة في أسواق بعض الخضر كالطماطم والكوسة والفواكه المجففة التي بلغت أسعارا قياسية، اهتدت المرأة البليدية إلى بعض التدابير الاستباقية؛ لتأمين ما أمكن من مستلزمات تعتبرها ضرورية لتحضير المائدة الرمضانية.

وقفت "المساء" لدى تجولها ببعض محلات بيع التوابل والفواكه المجففة، على حالة من عدم الرضا من الباعة والزبائن على حد السواء، بسبب موجة الغلاء الكبيرة المسجلة خاصة في ما يتعلق بالفواكه المجففة التي بلغت أسعارها معدلات غير مسبوقة؛ حيث قُدر ثمن الكيلوغرام الواحد من البرقوق بـ 2280 دج، بينما بلغ سعر المشمش المجفف 2120 دج، أما الزبيب فسعره بلغ سقف 1200 دج.وقال أحد التجار إنه احتار هذه السنة بسبب الغلاء الكبير، بعد جس نبض سوق التجزئة، والاكتفاء بتأمين الزبيب فقط؛ لعدم قدرته على اقتناء كميات من باقي الفواكه المجففة لبيعها في المحل رغم الطلب الكبير المسجل عليها منذ دخول شهر شعبان.

أما في ما يتعلق بباقي التوابل التي تقتنيها ربة البيت لتحضير طبق الشوربة، فهي، حسب البائع، متوفرة، وأسعارها في المعدل الطبيعي. ويتم بيعها حسب الكمية المطلوبة من ربة البيت، مشيرا، بالمناسبة، إلى أنه يقتني مثل هذه التوابل من بائع تجزئة مغربي، يُعد خلطات جاهزة، توضع مباشرة عند تحضير طبق الشوربة أو الحريرة بدون الحاجة لأن تقوم ربة البيت بتحضيرها؛ "يكفي، فقط، أن تشتري باقي التوابل الممثلة في الفلفل الأسود أو بعض الأعشاب مثل النعناع المجفف".

كما أشار المتحدث إلى أن "الفريك"، هو الآخر، لم يشهد أي زيادة، وهو متوفر، ويقدَّر الكيلوغرام الواحد بـ 390 دج، موضحا: "لقد اخترنا هذه السنة اقتناء الفريك من ولاية بسكرة، والذي لقي إقبالا كبيرا عليه من النساء، اللواتي بدأن يقتنين ما يحتجن إليه من مواد؛ تحسبا لاستقبال شهر رمضان"، مشيرا إلى أنه تخصص، أيضا، في بيع الأواني الفخارية، والقدور التي تعرف مع اقتراب شهر رمضان، طلبا كبيرا عليها، مؤكدا أن أسعارها تظل متباينة حسب حجمها؛ حيث تتراوح بين 900 و1700 دينار.

وغير بعيد عنه قال بائع آخر للتوابل والفواكه المجففة: "في الوقت الذي شهدت أسعار التوابل استقرارا من حيث الثمن، لم نشهد أي زيادة، وكلها متوفرة في شكلها المحضَّر مسبقا؛ كتوابل الشوربة، وتوابل الحريرة، أو المتفرقة؛ على اعتبار أن بعض ربات البيوت يرغبن في تحضير خلطاتهم بأنفسهن"، مشيرا إلى أن أسعار الفواكه المجففة تعرف ارتفاعا غير مسبوق؛ حيث بلغ سعر الأناناس المجفف 2500دج للكيلوغرام الواحد في أسواق التجزئة، بينما بلغ سعر الكيوي المجفف 2900، أما البرقوق فقد قفز سعره إلى 2200 دج، بينما الزبيب عرف نوعا من الاستقرار، فلم يتجاوز سعره 1200دج.

وأما في ما يتعلق بمادة "الفريك"، فقد عرفت استقرارا في الأسعار؛ إذ هي متوفرة وبأنواع مختلفة، ولا يتجاوز معدل الكيلوغرام الواحد 350 دج، مشيرا في السياق، إلى أنه لن يقوم خلال هذا الموسم باقتناء ما يحتاج إليه من فواكه مجففة، بل يكتفي بتصريف ما لديه من بضاعة بالنظر إلى الغلاء الكبير المسجل في سعر الفواكه المجففة.ومن جهته، أكد باعة المواد الغذائية التي يكثر عليها الطلب خلال شهر رمضان على غرار الفرينة لتحضير المطلوع، والزيت، توفرها في الأسواق وبأسعارها المقنَّنة، مؤكدين أن الطلب خلال هذه الأيام على هذه المواد رغم توفرها، كبير.

"الأزمة تلد الهمّة"

وإذا كان هذا رأي التجار فكيف قابلت النساء موجة الغلاء في بعض لوازم الشهر الفضيل؟ حيث تحدثت "المساء" خلال جولتها الاستطلاعية بالأسواق، إلى بعض ربات البيوت حول تحضيرات الشهر الفضيل، فأكدت بعض المستجوَبات أن المرأة البليدية معروف عنها مسارعتها خلال شهر شعبان، إلى تنظيف المنزل، وإن تيسّر لها الوقت والإمكانيات المالية، تقوم بإعادة دهن بعض الغرف، خاصة المطبخ، وغرفة استقبال الضيوف، وهذا تقليد يسمى "شعبونية" رمضان، بعدها تتفرغ لتحضير ما يلزم من أجل المطبخ، وتبدأ، عادة، باقتناء قدر الفخار، وهو تقليد لا غنى عنه.

أما في ما يتعلق باقتناء بعض المستلزمات فاختلفت آراء النسوة؛ إذ لكل واحدة منهن طريقتها في مواجهة موجة الغلاء ببعض المواد؛ حيث جاء على لسان محبات الشربات، أنهن شرعن، منذ مدة، في شراء البرتقال والليمون؛ تجنبا لغلاء أسعارهما، خاصة الليمون؛ من أجل عصره وتخزينه، ومن ثَم يتم عند حلول شهر رمضان، تحضير الشربات بخلط المكونات، الممثلة في ماء الزهر، والماء، والسكر، والفانيلا، وعصير الليمون. وفي ما يتعلق بالتوابل، كشفت أخريات أنهن قمن باختيار ما يلزم من حبوب في شكلها الخام؛ مثل الفلفل الأسود والقرفة والكروية وطحنها بالمهراس، بينما باقي التوابل، حسب ما جاء على لسان مواطنة، أصبحت تباع معَدة؛ فنجد توابل الشوربة وتوابل الحريرة جاهزة؛ الأمر الذي سهّل تحضير الدرسة.

وحسبها، فإن مواجهة موجة الغلاء تتم باقتناء كميات قليلة.وأشارت سيدة أخرى إلى أن موجة الغلاء التي تعرفها الفواكه المجففة، جعلتها  تحضّر، مسبقا، بعض الفواكه في المنزل؛ حيث جهّزت حبات التفاح والفراولة وحتى البرتقال والليمون؛ من أجل تحضير طاجين اللحم الحلو. وحسبها فإن الفواكه المجففة تعرف ارتفاعا كبيرا في أثمانها؛ الأمر الذي يجعلها تقتني كميات قليلة جدا وتخزّنها، وهي تلك التي لا يمكنها تحضيرها في المنزل، مثل الأناناس والمشمش.

وحسب مواطنة أخرى فإن أهم ما يميز المرأة البليدية هو تجنبها الطبخ بالطماطم المصبّرة عند تحضير طبق الشوربة. وبحكم ارتفاع أسعار بعض الخضر خاصة ما تعلق منها بالطماطم التي بلغت سقف 200 دج، تبادر ربة البيت باقتناء كميات كبيرة منها؛ من أجل توفيرها، وتحضير معجون الطماطم المنزلي لتحضير طبق الشوربة، إلى جانب تحضير تحميرة الشوربة؛ من خلال تفوير الفلفل الأحمر، وطحنه، وتتبيله، وتخزينه.

وأوضحت مواطنة أخرى أن ربة البيت البليدية لا تميل كثيرا إلى تحضير شوربة الفريك، وإنما تحب تحضير الشوربة المقطّفة؛ من أجل هذا تعمل على تحضيرها مسبقا، مشيرة في السياق، إلى أن المرأة البليدية معروفة، أيضا، بعجن خبر "المطلوع"، وتحضير أوراق "الديول"؛ من أجل هذا تقوم خلال شهر شعبان، باقتناء ما تحتاج إليه من فرينة، وتخزينها في المنزل؛ تحسبا للشهر الفضيل.