خلال يوم تحسيسي حول السكري

المختصون يوصون المرضى الراغبين في الصوم بالحذر

المختصون يوصون المرضى الراغبين في الصوم بالحذر
  • القراءات: 2980
حنان. س حنان. س

تزداد وتيرة العمل التوعوي الصحي أكثر مع حلول رمضان الكريم، والهدف طبعا تحسيس أكبر قدر ممكن من المواطنين، خاصة المرضى المزمنين. وكان الموعد هذه المرة مع تحسيس مرضى السكري القاطنين بضواحي العاصمة الشرقية، وتمكينهم من فهم العلاقة بين الصيام والمرض، وهي العلاقة التي يتفق فيها الدين والعلم بأنها تسيير للمريض بسبب مرضه وحتى لا يودي بنفسه إلى التهلكة.

كان الموعد هذه المرة مع مرضى السكري الذين استفادوا من يوم دراسي حضره العديد من الأطباء ممن وضعوا أنفسهم تحت تصرف المرضى لسماع تساؤلاتهم حول المرض المزمن، وحتى حول إمكانية إتمام فريضة الصيام من عدمها. ولئن أبدى العديد من المرضى تحرجهم من عدم الصوم، خاصة بالنسبة للذين أمضوا حياتهم في إتيان هذا الركن من أركان الإسلام، ثم وجدوا أنفسهم فجأة مطالبين بتجاوزه حفاظا على حياتهم، إلا أن الأطباء وبحضور إمام شرحوا للمرضى أن صوم يوم إلى شهر كامل صحيح أنه ممكن، لكن بصعوبة كبيرة، كما أن المضاعفات تظهر بعد انقضاء شهر الصيام، ”حينما يحس المريض أنه تمكن من أداء الصيام دون أية خطورة تذكر على حالته الصحية، لكنه لا يدري تماما أن المضاعفات ستبدأ بعد حوالي شهر من ذلك”، تقول الدكتورة سعدوني المختصة في الأمراض الباطنية من مستشفى الثنية، مضيفة أن المرضى كثيرا ما يضغطون على الطبيب المعالج من أجل السماح لهم بالصيام، رغم أن الدين واضح في مثل هذه الأمور.

وأضافت المختصة التي أحاطت بمرض السكري من كل جوانبه أثناء مداخلتها، إلى أن التربية العلاجية تعتبر المنفذ الوحيد المساعد للمريض على أداء فريضة الصيام شريطة توفر عامل المرافقة، وهو نفس ما ذهب إليه الدكتور عبدي طبيب عام بدار السكري لبودواو، حيث أكد أنه يعمل مع مرضى السكري منذ قرابة الـ20 سنة والأسلوب الأمثل لتحقيق معادلة إيجابية بين المرض والمريض نفسه، هو التثقيف الصحي الذي يمكن من تجنيب المريض مضاعفات السكري الثقيلة، وعلى رأسها القصور الكلوي.

في هذا السياق، يشير الدكتور لوني المختص في أمراض الكلى بمستشفى الثنية، بأن الجزائر تحصي اليوم 20 ألف مريض يخضعون للتصفية الدموية، ثلثا العدد من مرضى السكري، مؤكدا بقوله: ”لا بد من وضع مخطط وطني لمكافحة هذا الداء الذي نرتقب وقوع انفجار في نسبة الإصابة به إن لم يتم تفعيل مخطط جدي للوقاية، ومن ذلك أن تكون منظومة الضمان الاجتماعي حاضرة فيه وبقوة، والقصد أن يكون التعويض للمرضى المزمنين حسب معدل الاستجابة منهم لمخطط الوقاية”. ويضيف المختص في طرحه إلى أن النسبة الكبرى من مرضى السكري يتكّلون على تعويضات صندوق الضمان الاجتماعي، لأنهم مصابون بمرض مزمن، في المقابل لا يقومون بأدنى جهد للخروج بأنفسهم على الأقل من خانة الإصابة بتعقيدات المرض، بالتالي فإن كل مصاب بالسكري مرشح لأن يصاب أيضا بمرض الضغط أو القلب أو القصور الكلوي.

ومع اقتراب شهر الصيام، تزداد حاجة المرضى إلى معرفة إن كان يجوز لهم الإفطار أو الصوم، بالرغم من أن الدراسات الحديثة بينت أن حوالي 80 بالمائة من مرضى السكري 2 يصومون، وأن 43 بالمائة من مرضى السكري 1 يصومون كذلك، مما يعني أن كل مجهودات التوعية بتجاوز فريضة الصوم حفاظا على الحياة لا تؤتي ثمارها. وأمام هذا الوضع، فإن أحسن الأمور أن يتم مرافقة المريض الراغب في الصيام من خلال إفهامه بأن عليه الإفطار بمجرد الإحساس بهبوط في نسبة السكري خلال اليوم، وأن يأكل بصفة معتدلة بعد الإفطار تجنبا لارتفاع السكر، يشير الدكتور عبدي. في الوقت الذي تضيف الدكتورة سعدوني أن كمية الأكل لا تنقص في رمضان، إنما تزيد مع قلة النشاط البدني، مما يؤدي إلى زيادة في الوزن، وهناك عامل مهم لمريض السكري وهو ارتفاع درجات الحرارة في شهر رمضان هذه السنة، لتزامنه مع فصل الصيف وطول فترة الصيام إلى ما يقارب 16 ساعة تقريبا، وشددت المختصة في هذا المجال على أنه يجب على مريض السكري أثناء الصوم أن يناقش طبيبه المعالج قبل رمضان عن إمكانية الصوم، وكيفية تغيير العلاج والنمط الغذائي، فرغم أن معظم مرضى السكري يستطيعون الصيام، بل والغالبية يستفيدون كثيرا من الصوم، إلا أن هناك بعض المرضى الذين يشق عليهم ذلك، مثل معظم مرضى النوع الأول.

من جهته، أوضح الشيخ رابح مداحي إمام مسجد عبد الحميد ابن باديس ببلدية تيجلابين ببومرداس، أن الإسلام دين يسر وأن النصوص القرآنية واضحة تمام الوضوح إزاء المسائل المتعلقة بصحة الإنسان، وبالتالي حياته. وإذا نصح الطبيب المعالج مريض السكري بعدم الصوم خوفا على حياته، فعلى هذا الأخير الانصياع والله يقول؛ ”فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر”، ”وإذا كان يجوز للمسافر الإفطار، فإنه أولى بذلك لأن لديه عذرا شرعيا، وعليه قدر العلماء الفدية بـ100 دينار عن كل يوم، أو أن يطعم مسكينا عن كل يوم من أوسط مما يأكل”.

جدير بالذكر أن اليوم التحسيسي كان من تنظيم جمعية مرضى السكري لبومرداس، وهي الجمعية التي تحصي 7 آلاف مريض منخرط ضمنها، إلا أن عدد المصابين بالسكري في تراب الولاية يتجاوز ذلك بكثير، حسبما أشار إليه محمد مقري رئيس الجمعية، مناديا الجهات المختصة بإجراء تشخيص كامل لتجديد الإحصائيات ومعرفة عدد المصابين بهذا المرض المزمن في الولاية والجزائر بصفة أكثر دقة بعيدا عن الاحتمالات.