الباحثة الجزائرية حليمة بن بوزة لـ«المساء”:

المجتمع لا زال يشكل عائقا للنساء الباحثات

المجتمع لا زال يشكل عائقا للنساء الباحثات
الباحثة الجزائرية حليمة بن بوزة ب.هشام
  • 1915
❊ حاورها: ب.هشام  ❊ حاورها: ب.هشام

تعتبر الباحثة العلمية حليمة بن بوزة من بين الكفاءات الجزائرية التي تمكنت من فرض اسمها في مجال تخصصها داخل وخارج الوطن، حيث تولت خلال مشوارها عدة مناصب ومسؤوليات، أهمها مديرة المركز الوطني للبحث العلمي والتقني في البيولوجيا الحيوية، الذي أشرفت عليه منذ انطلاقه عام 2010 إلى غاية 2016، في حقيبة بن بوزة عدة تكريمات وجوائز، حيث تم اختيارها عام 2016 من طرف منتدى أينشتاين القادم الذي عقد بالعاصمة السنغالية داكار، من بين أفضل ست باحثات يساهمن في دفع عجلة العلوم في قارة إفريقيا. كما فازت محدّثتنا عام 2014 بجائزة أفضل باحثة عربية تمنحها قاعة نساء العلوم الأمريكية،    في هذا الحوار، تحدثنا بن بوزة عن حياتها العلمية، ومفاتيح نجاحها في تولي مناصب قيادية والعقبات التي تواجهها في تحقيق الأمر.

من كان يدعمك في مسيرتك العلمية؟ وكيف كان شغفك بالعلوم في الجامعة؟

ككل الباحثات ـ على ما أعتقد ـ كان الدعم يأتيني باستمرار من الوالدين الكريمين، خاصة بعد مغادرتي الجزائر لإكمال دراستي في بلجيكا وأمريكا،  ثم من الأساتذة الذين درست عندهم، خاصة خارج الوطن. العلم بالنسبة لي  حياتي، فقد كنت شغوفة به ويدفعني إلى العمل إلى ساعات متأخرة من الليل دون أن أشعر بالكلل أو الملل.

لا أخفي عنك أن فترة التحاقي بإحدى الجامعات البلجيكية في مطلع عام  2000 كان حافزا كبيرا لي في مساري العلمي، هناك تمكّنت من الفوز ببراءة اختراع في مجال تخصصي، وهو ما مكنني من الظفر بمنحة لإكمال دراستي، قبل أن أنتقل إلى أمريكا، حيث تلقيت دعوة للمشاركة في مشروع بحث علمي بإحدى مراكز البحث العلمية المرموقة في ولاية ميسيسيبي. 

هل واجهت عقبات أثناء ترقيتك في مجال عملك؟

لم أواجه عقبات كثيرة، فإشرافي على مركز البحث العلمي في البيوتكنولوجيا كان بطلب من الوزارة الوصية التي حملتني مسؤولية تأسيس هذا المركز الذي أفتخر به، لكنه عرف تأخرا في إطلاقه بسبب نقص الموارد المالية الكافية، وهو ما جعلني أخوض عدة معارك للظفر بما يلزمنا من مؤهلات مادية وبشرية.

هل تقلُّد المرأة لمنصب قيادي في المجال العلمي له مزايا؟

أبدا، ليس هناك أية مزايا بالنسبة للمرأة الباحث في الجزائر، ولا حتى في الدول العربية التي أعرفها، بالعكس فهي تشتغل كما يشتغل الرجل وربما أكثر، لأنّها مجبرة على التعامل مع محيط رجالي. فأغلب المناصب المسؤولة في البحث العلمي تعرف هيمنة الرجال، وهذا يضطرها في الكثير من الأحيان إلى الدخول في مواجهات من أجل تسيير شؤونها، وعليه أعتقد أن من مفاتيح نجاح الباحثة كمسؤولة، أن تكون ذات شخصية قوية، فضلا عن تفوّقها العلمي.

ما هي معوقات تَوَلّي المرأة مناصب قيادية في مجتمعنا؟ أم أن الأمر سواء حتى في الغرب؟

يجب أن نكون صرحاء، المجتمع العربي بصفة عامة لا زال محافظا، خاصة الرجال، والمرأة في المنطقة العربية لازالت تواجه مشاكل اجتماعية عميقة، فالكثير من الأزواج لا يسمحن لزوجاتهن بالعمل في عطلة نهاية الأسبوع أو التأخر في آخر اليوم أو السفر مثلا، لذلك فإن التوفيق بين الحياة الأسرية والعمل صعب جدا.

أعتقد أن الباحثة العربية مطالبة بتقديم تضحيات كثيرة من أجل بلوغ مناصب قيادية، فإما أن تتولى المناصب في آخر سنوات حياتها العملية، أي عندما يكبر أولادها ويصبحون قادرين على تسيير شؤونهم اليومية، وإما بذل جهود مضنية، وهذا سيكون له تأثير على صحتها.

بصفة عامة، يختلف الأمر تماما عما هو حاصل في الغرب، حيث تجد الباحثة والقيادية الكثير من التسهيلات سواء في مجال عملها أو في البيت أو حتى داخل المجتمع.

هل فتيات الجزائر مهتمات بالمجالات العلمية أم هناك إحجام عنها، لصعوبتها مثلا؟

هناك اهتمام كبير من طرف الفتيات بالمجالات العلمية، أنا لم ألمس خلال سنوات تدريسي في الجامعة أي إحجام لديهن، بالعكس فهن شغوفات بالبحث العلمي، لكن مشكلتهن أنهن لا يطمحن إلى تولي مناصب قيادية حتى يتمكنّ من التوفيق بين عملهن وأسرهن.