يلجأ كثير من الناس مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، إلى شرب الماء المثلّج أو القريب من درجة التجميد؛ بهدف الانتعاش الفوري. وعلى الرغم من الشعور اللحظي بالراحة يحذّر خبراء التغذية والأطباء من تناول الماء البارد جداً، خاصة بدرجة التجميد (0° مئوية أو أقل)؛ فقد يحمل مخاطر صحية غير متوقَّعة على الجسم، خصوصا إذا أصبح سلوكا يوميا متكررا.

ونظرا لأهمية الموضوع في فصل الحر وما يقتضيه الاحتياط لتجنب مخاطر التغذية الصحية، أوضحت الدكتورة المستشارة نعمة زدام، أن ما يحدث للجسم عند شرب الماء المتجمد، ينجم عنه رد فعل سريع، يشمل انقباض الأوعية الدموية في الفم، والحلق، والمعدة. وهذا التقلص المفاجئ قد يؤدي إلى تباطؤ عملية الهضم، حيث يعيق الماء البارد إفراز العصارات الهضمية، ويؤخر امتصاص العناصر الغذائية.

وأكدت المتحدثة في السياق، أن التشنجات المعدية نتيجةُ تغير درجة حرارة المعدة بشكل حاد، مع ضعف مؤقت في الدورة الدموية إلى الجهاز الهضمي. واستدلت بما أكدته دراسات بخصوص شرب الماء المثلّج، الذي يسبب، أيضا، نوعا من "الصداع المفاجئ" ، الذي يُعرف شعبيا بـ«تجمّد الدماغ"، وهو ناتج عن تحفيز العصب ثلاثي التوائم في الرأس؛ بسبب البرودة المفاجئة.

وحرصت المتحدثة على إبراز أهمية الوقاية من المخاطر الصيفية باتباع الطرق العلمية في شرب الماء المتجمد. كما استطردت قائلة: " لا يُعد آمنا لجميع الفئات؛ فبعض الحالات قد تتضرر منه بشكل مباشر، في حالات مرضى القولون العصبي؛ لكون الماء البارد يسبب تهيّجا في الأمعاء، ويزيد من التقلصات عند الأشخاص المصابين بالصداع النصفي؛ إذ إن الماء شديد البرودة قد يكون محفزا مباشرا لهجمة الصداع خلال نزلات البرد أو بعد العمليات الجراحية؛ لأن البرودة قد تُضعف الاستجابة المناعية، وتؤخر التعافي ".

واقترحت الدكتورة، من جهة أخرى، الحلول الممكنة التي تراها صحية، وأنفع في الحالات التي يُسمح فيها بشرب الماء البارد في بعض الظروف؛ مثلا بعد التمارين الرياضية الشاقة، أو حال ارتفاع حرارة الجسم؛ فقد يساعد شرب الماء البارد (وليس المثلج)، في تبريد الجسم بشكل آمن. ومع ذلك يُنصح دائما بتناول الماء بدرجة حرارة معتدلة، وتجنب شرب الماء المثلّج مباشرة بعد الأكل، أو على معدة فارغة.

وأوصت الدكتورة نعمة زدام في ختام حديثها، بممارسة الرياضة، وتناول الماء البارد المعتدل غير المثلَّج، مؤكدة أن الماء هو أساس الحياة، لكن طريقة شربه لا تقل أهمية عن كميته، مع الحفاظ على درجة حرارة معتدلة للماء. وعدَّت ذلك أكثر أمانا للجسم، خاصة على المدى الطويل، مضيفة: "في المرة القادمة التي تمسك فيها بكوب ماء مثلَّج، فكّر مرتين قبل أن تتناوله دفعة واحدة".