فيما تدعو "حماية المستهلك" إلى مقاطعة المفرقعات

اللمة العائلية وإخراج الصدقات والتغني بأخلاق النبي احتفالا بمولده

اللمة العائلية وإخراج الصدقات والتغني بأخلاق النبي احتفالا بمولده
  • 260
رشيدة بلال رشيدة بلال

تشكل الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، على مستوى ولاية البليدة، محطة هامة لإحياء العادات والتقاليد الراسخة، التي تجسد معاني التماسك والمحبة والتضامن الاجتماعي، من خلال اللمة العائلية، وإخراج الصدقات، والتغني بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وقراءة القرآن وختمه في المساجد.

على الرغم من أن مظاهر الاحتفال أخذت في السنوات الأخيرة، منعرجًا عنيفًا، بفعل انتشار المفرقعات المدوية في الشوارع، إلا أن مصالح حماية المستهلك تؤكد تسجيل تراجع لهذه الظاهرة، داعية العائلات إلى توعية أبنائها، والعودة إلى الأسلوب التقليدي في الاحتفال، القائم على سرد السيرة النبوية، التغني بخصال الرسول وإشعال الشموع.

لا تستغني المرأة البليدية في هذه المناسبة، عن اقتناء المستلزمات الضرورية للاحتفال، حيث تختار دقيق "السميد" والقرفة والمكسرات لتحضير "الطمينة"، التي تُعد من أبرز رمزيات المولد، حسبما تؤكده سيدة التراث، سعاد زفوني. وتوضح أن ما يميز المجتمع البليدي، تركيزه على اللمة العائلية، التي تُحضَّر لها الولائم التقليدية، مثل "الرشة"، الكسكسي بالدجاج، "المقرون لعمى"، اللحم المفروم، الفطائر باللفت والحمص، إضافة إلى إشعال الشموع والعنبر والبخور، وغيرها من الأعواد التي تنشر الروائح الزكية في البيوت. كما يُقتنى للأطفال اللباس التقليدي المطرز، الذي يُلبس ليلة الاحتفال، ولا تُنسى الحنّاء التي تُخضب بها أيادي أفراد العائلة جميعًا.

تضيف سيدة التراث، أن إشعال الشموع يحمل دلالة رمزية، باعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلم، بمولده، أخرج الناس من الظلمات إلى النور، من أجل هذا يتم تزيين الشرفات بالشموع الملونة. كما تحرص العائلات عند إقامة وليمة المولد النبوي الشريف، من خلال إعداد أطعمة من العجين بكميات كبيرة، على توزيع جزء منها كصدقة، باعتبارها من أهم الأعمال التي تُقدَّم ليلة المولد. وفي صباح المناسبة، تحضر "الطمينة" من جديد، إلى جانب حلويات العجين، مثل "البغرير، المسمن، الخشخاش، والمثقبة المعسلة".

"المنارة"… تصنع فرحة الأطفال

من العادات المتوارثة، التي لا تزال حاضرة في الأحياء الشعبية القديمة بالبليدة، مثل حي الدويرات، صناعة "المنارة" من القصب أو من الزهور والياسمين، حيث توضع بداخلها شمعة مضاءة، يحملها الأطفال مرتدين اللباس التقليدي، قبل أن يتوجهوا بها إلى ضريح الولي الصالح "سيدي الكبير". وتشير المتحدثة، إلى أن العائلات البليدية، ما تزال متمسكة بهذه الطقوس، وتسعى إلى إبرازها في كل مناسبة، خاصة في ظل ما يتعرض له الموروث الجزائري من سرقات، والمساعي الجارية لتصنيف هذه العادات ضمن التراث اللامادي في "اليونسكو".

المفرقعات… عادة دخيلة

رغم تسجيل تراجع في بيع المفرقعات على مستوى أسواق البليدة، إلا أنها لا تزال متاحة، ويقبل عليها الأطفال والمراهقون قبل ليلة المولد. ويؤكد وحيد بن راجة، عضو المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك بالبليدة، أن المسؤولية تقع على عاتق العائلات التي توفر لأبنائها المال لشرائها، بل إن بعض الأولياء هم من يقتنونها. ويرى أن هذه الظاهرة الاجتماعية التي تفشت على مدار سنوات، أساءت للمناسبة الدينية وتتنافى مع العقيدة.

ويضيف المتحدث، أن الوعي الاجتماعي ما يزال ضعيفًا، رغم أن المنظمة تعمل طوال السنة عبر مختلف المنابر، للتحذير من خطورتها، خاصة وأنها تهدد الصحة العمومية، بما قد تسببه من حوادث بتر الأيدي وفقدان البصر.

ويشير المتحدث، إلى أن المفرقعات عادة دخيلة، اقتُبست من المجتمعات الآسيوية، التي تحتفل بها في مناسباتها الاجتماعية، ثم انتقلت تدريجيًا إلى المجتمع الجزائري. داعيًا العائلات إلى التعامل معها بصرامة، من خلال مقاطعتها، لأن العبرة في الاحتفال تكمن في التغني بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، واستذكار خصاله واعتباره القدوة.