لتمكين المرأة اقتصاديا وشغل وقت فراغها
"الكروشي".. حرفة تقليدية تُبعث عبر مشروع "كفاف"
- 129
رشيدة بلال
إعادة الاعتبار لبعض الأنشطة التقليدية واستغلالها كمشاريع مدرّة للدخل، هي أحد الأهداف التي تعمل عليها جمعية "نور" لرعاية المرأة والأسرة والطفل، والتي اختارت ضمن هذا الإطار حرفة "الكروشي" باعتبارها من أرقى الحرف التقليدية التي كانت تُجهَّز بها العروس قديماً. كما تُصنع منها تشكيلة مميزة من الهدايا التي تُقدَّم في مختلف المناسبات.
ووفقاً لما أوضحت رئيسة الجمعية دليلة حسين، فإن الهدف من هذه المبادرة هو إعادة بعث هذه الصنعة التقليدية، وفتح باب الرزق للمرأة المنتجة، إلى جانب شغل وقت فراغ الفتيات بما هو مفيد في إطار مشروع "كفاف" الموجه لتمكين المرأة اقتصادياً.
وتقول رئيسة الجمعية دليلة حسين إن حرفة "الكروشي" من أرقى الحرف التي اشتهرت بها المرأة العاصمية والبليدية، وهي من الحرف التي لا تتطلب تكاليف كبيرة. إذ يكفي توفر إبرة معقوفة وخيوط لتصنيع منتجات متنوعة من ألبسة وأفرشة ومفارش وأكسسوارات. وتضيف: "كانت الفتاة قديماً تجهز جهازها خلال فترة الخطوبة بصنع عدد من المشغولات بخيوط الكروشي، التي كانت تُعدّ شرطاً أساسياً ضمن الجهاز سواء لتزيين المنزل، أو ضمن اللباس التقليدي، بل كانت تُستعمل أيضاً في إعداد الهدايا الخاصة بالمولد الجديد، أو في صناعة الملابس الصوفية لأفراد العائلة".
وفي إطار مشروع "كفاف" لتمكين المرأة اقتصادياً، تعمل الجمعية عبر نادي الشابات، على دعم الفتيات مادياً واجتماعياً، من خلال ورشات لتطوير المهارات الحياتية، وتعزيز الثقة بالنفس، وتكوينهن في مجالات الريادة والمشاريع الصغيرة.
وتوضح رئيسة الجمعية أن غياب الدعم المالي للجمعية لم يمنعهن من البحث عن حلول عملية. حيث تم إطلاق عدد من الأنشطة البسيطة وغير المكلفة؛ مثل تشكيل باقات زهور، والطرز، وتركيب العقيق، وحرفة "الكروشي" التي لاقت رواجاً كبيراً، وإقبالاً ملحوظاً من الفتيات الراغبات في تعلمها. وقالت في هذا السياق: "الكروشي مشروع مثمر من حيث المردودية؛ إذ يمكن إنتاج دمى وألبسة وأفرشة وأكسسوارات متنوعة؛ لذلك نسعى إلى دعمه أكثر، وتشجيع الفتيات على تبنّيه كحرفة منتجة، تضمن لهن الاستقلال المالي، وتساهم في الحفاظ على تراثنا اليدوي".
وأكدت المتحدثة أن اختيار "الكروشي" لم يكن عشوائياً، بل راعى البعد الثقافي والاجتماعي لهذه الحرفة التي كانت قديماً جزءاً من حياة الجزائريين؛ إذ كان حتى بعض العلماء يمارسون الصناعات التقليدية لكسب قوتهم، مثل معلمي القرآن الكريم الذين كانوا يعيشون من عائدات حرفهم اليدوية، ومن بينها صناعة ""الشاشية" بخيوط "الكروشي".
وترى أن هذه الحرف رغم بساطتها تلعب دوراً مهمّاً في دعم الاقتصاد الأسري خصوصاً بالنسبة للنساء الماكثات بالبيت؛ كونها تساعد على شغل الوقت، وتوفر دخلاً إضافياً من خلال تسويق المشغولات اليدوية، فضلاً عن الحفاظ على حرفة تقليدية راقية، بدأت تتراجع بسبب قلة الإقبال عليها؛ لما تتطلبه من تركيز، وذوق فني وابتكار.
ومن جانب آخر، كشفت رئيسة الجمعية أن ورشات "الكروشي" تُستغل أيضاً كوسيلة للعلاج النفسي لبعض النساء الوافدات على الجمعية ممن يعانين من اضطرابات أو ضغوط نفسية؛ حيث يساعد الانخراط في هذه الأنشطة اليدوية على إزالة التوتر، والاسترخاء، واستعادة التوازن النفسي في إطار مشروع "كفاف" الإنساني والاجتماعي.