وسط تحذيرات مصالح الحماية المدنية والتجارة

"القاتل الصامت"يجدد الموعد مع انخفاض درجات الحرارة

"القاتل الصامت"يجدد الموعد مع انخفاض درجات الحرارة
  • 190
رشيدة بلال رشيدة بلال

سجّلت بعض ولايات الوطن خاصة الداخلية منها، خلال الأيام الأخيرة، حالات اختناق بغاز أحادي أكسيد الكربون المنبعث من سخانات الماء أو أجهزة التدفئة؛ ما أعاد إلى الواجهة، الحديث عن القاتل الصامت، الذي يتحوّل في كل موسم خريف، إلى هاجس يطارد العائلات. في هذا السياق، تسارع مصالح الحماية المدنية، ككلّ سنة، إلى إطلاق برامجها التوعوية، الرامية إلى التذكير بسبل الوقاية، ورفع الوعي حول الأسباب المتكرّرة التي تؤدي سنويا، إلى وفاة عائلات بأكملها، خاصة ما تعلق بسد منافذ التهوية، أو إهمال صيانة أجهزة التدفئة.

وحسب العريف مريم صايغي بوعوينة من مديرية الحماية المدنية لولاية البليدة، فإنّ الحديث عن خطر الغاز، يتجدّد مع كل انخفاض في درجات الحرارة وبداية موسم الأمطار؛ إذ تتزايد حوادث الاختناق بسبب سوء استعمال وسائل التدفئة. وأوضحت أنّ التهاون في صيانة الأجهزة أو سدّ منافذ التهوية رغم بساطته في الظاهر، يُعد من أبرز الأسباب التي ترفع من عدد الضحايا سنويا.

وأضافت العريف أن البليدة سجلت مؤخرا، حالة اختناق سيدة تبلغ من العمر 40 سنة، أصيبت جراء تسرب غاز أحادي أكسيد الكربون المنبعث من سخان الماء، مشيرةً إلى أن مثل هذه الحالات تتكرر رغم التحذيرات المستمرة، فضلا عن عدم مطابقة بعض الأجهزة للمعايير اللازمة، أو سوء تركيبها. وأكدت أن مصالح الحماية المدنية تركز سنويا، على تكثيف النشاط الجواري لرفع الثقافة الوقائية، حيث يتم تنظيم حملات توعوية في الأماكن التي تعرف إقبالًا كبيرا من المواطنين مثل المساجد والساحات العمومية، إلى جانب استهداف التلاميذ داخل المدارس، ليكونوا وسطاء لنقل الرسائل التوعوية إلى أسرهم.

وأضافت المتحدّثة أن الجهود لا تقتصر على سكان المناطق الحضرية فقط، بل تمتد أيضا إلى المناطق النائية، التي لاتزال تعتمد على وسائل تدفئة تقليدية كـ « الطابونة »، فضلًا عن زيارة المستفيدين من السكنات الجديدة؛ لتفقد توصيلات الغاز، وضمان سلامتها؛ لكون التوصيلات غير السليمة من الأسباب الرئيسية لحوادث الاختناق.

كما شددت العريف صايغي على ضرورة تضافر جهود مختلف القطاعات، وفي مقدّمتها مصالح التجارة؛ لمراقبة أجهزة التدفئة المطروحة في الأسواق، وضمان مطابقتها لمعايير السلامة. وأشارت إلى أنّ ولاية البليدة سجلت منذ بداية الموسم، حالة اختناق بغاز أحادي أكسيد الكربون واحدة فقط، في حين لم تُسجّل أيّ حالة وفاة السنة الماضية، بفضل الحملات التحسيسية الميدانية، وتعميم استعمال أجهزة الكشف عن تسرب الغاز، التي أثبتت فعاليتها في إنقاذ الأرواح، والتنبيه المبكر لوجود تسربات. وتراهن الحماية المدنية هذه السنة أيضا، على تعميم استعمال الكاشف كشريك فعّال في محاربة القاتل الصامت، إلى جانب استمرار الجهود التوعوية الموجهة لكل الفئات الاجتماعية؛ حفاظا على سلامة المواطنين خلال فصل البرد.

مديرية التجارة تكثف نشاطها الجواري

من جهتها، شرعت مديرية التجارة لولاية البليدة في إطار النشاطات التحسيسية والتوعوية، في تنظيم يوم إعلامي لفائدة متربصي مركز التكوين والتعليم المهنيين “طالب محمد” ببلدية أولاد يعيش، وذلك بالتنسيق مع الجمعية الجزائرية للتجار والقوى المنتجة، حول مخاطر الاختناق بغاز أحادي أكسيد الكربون؛ حيث تم التطرق خلال اليوم الإعلامي، لعدة محاور هامة تتعلق بطرق الوقاية من حالات الاختناق، وضرورة الصيانة الدورية لأجهزة التدفئة والتسخين، إلى جانب تقديم جملة من الإرشادات والنصائح الموجهة للمستهلكين؛ بهدف الحفاظ على سلامتهم وصحتهم مع حلول موسم البرد.

ويهدف هذا اليوم التحسيسي، حسب مصالح مديرية التجارة، إلى تعزيز الوعي بخطورة الغاز القاتل الصامت، ونشر ثقافة الوقاية داخل المؤسّسات التكوينية والأسر، خاصة في هذه الفترة التي تشهد انخفاضا في درجات الحرارة. وبالمناسبة، تؤكد مديرية التجارة لولاية البليدة أنها تواصل جهودها في مجال التوعية والوقاية لحماية المستهلك، وضمان سلامته، من خلال تنظيم أنشطة ميدانية مستمرة بالتنسيق مع مختلف الشركاء والفاعلين في الميدان.