خلال السحور

العائلات العنابية تشتاق لبوطبيلة

العائلات العنابية تشتاق لبوطبيلة
العائلات العنابية تشتاق لبوطبيلة
  • القراءات: 802
سميرة عوام سميرة عوام

لاتزال العائلات العنابية تتذكر خدمة المسحراتي المعروف بـ "بوطبيلة"، الذي كان يرافقهم في وقت مضى ليدعوهم إلى السحور، وله مكانة كبيرة في قلوب لعنانبة، الذين يحكون عن فضله وحرصه الكبير على دعوتهم إلى السحور، إلا أنه بعد سنوات مضت مع تطور التكنولوجيا غاب صوت هذا الأنيس والمرافق لهم، الذي كان يحمل طبلا ليصول ويجول به في أزقة المدينة القديمة والأحياء العتيقة، ليذكّر أهلها بفضل السحور وأهميته الصحية للصائم.

رغم صعوبة مهامه خاصة خلال أيام الشتاء الباردة أو ليالي الصيف المتثاقلة وتعب الصيام، إلا أن ذلك لم يقلل من جهد المسحراتي وحبه لهذه المهنة، حيث يُسمع صوته إلى آخر أطراف المدينة وهو يهلل ويصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويردد شعاره الدائم "اِنهض يا نائم وحد الدايم".

وحسب سكان مدينة عنابة، فإن مظاهر الاحتفال بالشهر الكريم قد غابت عنهم تقريبا؛ فطعم رمضان في الماضي يختلف كثيرا عن رمضان هذه السنة بعد أن فرقتهم كورونا، وهو ما زاد من صعوبة الأمر وعدم تأقلمهم مع الجو الرمضاني لهذا العام، حيث يتوقف على صوت الأذان وبعض قراءات من القرآن قبل الإفطار.

وفي حديثهم عن المسحراتي أو "بوطبيلة أجمع سكان المنطقة على أن عنابة الأنيقة كانت تتباهى بالكثير من العادات والتقاليد خلال هذا الشهر الفضيل، خاصة عند قدوم بوطبيلة، الذي أخذ مكانة واسعة في  قلوب الصائمين؛ إذ اعتادوا على صيحاته وكلماته المستوحاة من الحكمة والشعر القديم. وهناك، حسب لالة زبيدة التي بلغت من العمر 75 سنة، من يدعو بوطبيلة على السحور أو يعطيه بعض النقود مقابل عمله الدائم، لكن المسحراتي كثيرا ما يعتبر نشاطه في سبيل الله وهو يدعو الصائمون إلى السحور وصلاة الفجر، ليشاركهم فرحتهم عند عيد الفطر.

وبعد غياب بوطبيلة واندثار هذه المهنة أصبحت العائلات تنهض على صوت المنبه، وهناك من يفوته السحور، فيما تفضل عائلات أخرى التسحر بعد السهرة مباشرة والخلود إلى النوم.

وتختلف عادات السحور من حي لآخر بعنابة، فيما يجمعهم الحنين إلى المسحراتي، ودوره الفعال خلال أيام رمضان المباركة، في الوقت الذي يبقى بوطبيلة حاضرا عند الكبار. ويسعى الجيل الصاعد لتخيل هذا الرجل وصموده وأداء مهامه بحب وإتقان بدون ملل وهو يخدم الناس بدون مقابل.