استثمار جديد لبعض الجزائريين

الزعفران.. "الذهب الأحمر" معطر المطابخ

الزعفران.. "الذهب الأحمر" معطر المطابخ
عبد الحميد افتيس مستثمر في إنتاج الزعفران في الجزائر نور الهدى بوطيبة
  • القراءات: 2047
❊نور الهدى بوطيبة ❊نور الهدى بوطيبة

يعد عبد الحميد افتيس، من القلائل الذين استثمروا جهدهم ومالهم في إنتاج تابل الزعفران في الجزائر، حيث يعد "الذهب الأحمر"، كما يلقبه البعض، من أغلى التوابل في العالم، إذ يصل سعر الغرام الواحد منه  إلى ستة آلاف دينار، مما يجعل استعماله دقيقا جدا نظرا لندرته وصعوبة إنتاجه، ولفوائده العلاجية العديدة. في هذا الصدد، حدثنا الأخصائي في هذه الأسطر عن سر مزاولته لهذه المهنة، وبعض خصائص هذا التابل الذي لم يكن متوفرا في الجزائر قبل سنوات قليلة، حيث استقطب جناحه خلال المهرجان الدولي للكسكسي، الذي احتضنه قصر الثقافة "مفدي زكرياء" مؤخرا، العديد من الزوار.

دخل عبد الحميد افتيس عالم التوابل سنة 2012، واختص في زراعة الزعفران على مساحة 2000 متر مربع في ولاية تيزي وزو، بعين الحمام تحديدا، وحصيلة إنتاجه تبلغ حوالي 500 غرام من الزعفران في السنة الواحدة.

أشار المتحدث إلى أنه نظرا لما يدره سوق الزعفران من أموال، أصبح الكثيرون يحاولون استغلاله والغش فيه، ولا شيء يردعهم للتحايل على المستهلك، وباتوا يلجأون إلى العديد من الحيل في إنتاج مكونات غير طبيعية ولا علاقة لها بالزعفران، ومن بين تلك الحيل العديدة التي نصح المنتج الحذر منها والتحلي باليقظة خلال اقتناء البهار؛ أن البعض استعمل البلاستيك بدل الزعفران، في حين استعان آخرون بصبغ شعيرات الذرة باللون الأحمر البرتقالي وبيعها على أساس أنها شعيرات الزعفران، وغيرها من الأساليب الأخرى، لهذا يعد من الضروري معرفة طريقة التفرقة بين تلك المنتجات وعدم اقتنائها لدى باعة مجهولين أو محلات مشكوك فيهم.

عن طريقة معرفة أصالة الزعفران وجودته، وعلى أنه غير مغشوش، قال المتحدث "يمكن تحليل بضع شعيرات من الزعفران في كمية من الماء، ولابد أن يكون لون المحلول أصفر يميل إلى اللون الذهبي، وليس أحمر، حتى وإن كان لون شعيرات الزعفران أحمر داكن، كما يمكن أيضا فرك شعيرات قليلة بين أصبعي اليد ويصبح لونهما أصفر وليس أحمر أو برتقالي، وهذا دليل على نوعية الزعفران وجودته العالية، وعلى أنه أصلي وغير مغشوش، فبالنسبة لذوي الخبرة الأكبر، يمكن معرفة النوعية من خلال رائحة الزعفران التي تميز هذا البهار الثمين".

عن ارتفاع سعر الزعفران، يقول المتحدث؛ إن الأمر طبيعي لأن عملية زراعته وجمعه جد حساسة، كما أن النبتة الواحدة لا تعطي شعيرات كثيرة، وللحصول على كمية قليلة من شعيرات الزعفران لابد من تحصيله من العديد من الأزهار بنفسجية اللون، والعملية تتطلب وقتا طويلا وصبرا كبيرا.

يضيف محدثنا قائلا؛ "للزعفران نوعيات كثيرة، والفرق يكون واضحا من خلال لون الشعيرات، فكلما مال اللون إلى الأحمر، تأكدت جودة البهار، وكلما مال إلى الأصفر أو البرتقالي، قلت جودته، فالاختلاف لا يكمن في نوعية الزهرة في حد ذاتها، وهنا تجدر الإشارة إلى أن لكل زهرة ثلاث أو أربع طبقات، فالشعرة الواحدة تتدرج بين تلك الألوان، أعلاها "أي الشعيرة" والجهة الخارجية والسطح المقابل للشمس يكون باللون الأحمر الداكن، وكلما اتجهنا نحو الأسفل، أي جذر النبتة، كلما اصفر اللون، وبذلك يبدأ التدرج بالأحمر الداكن، فالأحمر، ثم البرتقالي، فالأصفر، وأصفر يميل إلى البياض، لذا، لابد من قص الشعيرة في الجزء الأحمر الداكن وليس الأحمر، وهو من النوعية الأولى".

فيما يخص النوعية الثانية ـ قال محدثتنا ـ تتمثل في الطبقة البرتقالية، ثم الطبقة الصفراء التي تعد النوعية الثالثة ذات جودة أقل، ومن الضروري فصل كل تلك الطبقات عن بعضها، لكن السعر يختلف من لون لآخر، كلما ارتفعنا في الزهرة كلما كان السعر أغلى، حسب جودة هذه الأخيرة، ليس من حيث اللون فقط وإنما من غناها بالمعادن والفوائد المركزة في تلك الأجزاء، لكن هناك من يبحث عن الكسب المادي، فيلجأ إلى نزع الشعيرات كلها وبيعها بنفس السعر". 

شدد المتحدث على ضرورة الابتعاد تماما عن الملون الاصطناعي الذي يباع في المحلات التجارية، على أساس غبرة الزعفران، وهو ملون غذائي "E 112"، اسمه الكيماوي "تارتازين"، وهو مادة مسرطنة خالية تماما من الزعفران، لأنها مجرد غبرة كيماوية ملونة، تستعين بها بعض النساء في إعداد أطباقهن، مشيرا إلى ضرورة سحبه تماما من السوق بسبب خطورته على الصحة العمومية.

عن الأطباق التي ترتكز على هذا البهار الثمين، قال المتحدث؛ من أكثر مستعملي الزعفران؛ سكان المدن الغربية، الذين تشتهر أطباقهم باللون الأصفر أو ما يعرف بالمرق الذهبي، على عكس الأطباق الشرقية ذات اللون الأحمر، التي يركزون فيها على التوابل الحارة، ومن أشهر الأطباق التي يضاف إليها الزعفران؛ الكسكسي، الطواجين بأنواعها، وأطباق السمك والأرز، فالزعفران مثالي في تعطير الأرز، كما تستعمله المطابخ العالمية الأخرى لتلوين بعض التحليات، أشهرها تحلية "الكريم برولي" ذات الشهرة العالمية. 

عن طريقة استعماله، نصح المنتج بخلط شعيرات قليلة في الماء الدافئ وتركها لحوالي 8 أو 10 ساعات، وتمريق الطبق به في اليوم الموالي، أو إضافة شعيرات قليلة فقط في الطبق قبل الاستواء بلحظات، فلا ينصح باستعماله في بداية عملية الطهي، لأنه يفقد كل منافعه والعناصر التي يحتوي عليها.

في الأخير، ذكر افتيس أن للزعفران فوائد كثيرة، منها أنه يحسن عمل الجهاز الهضمي ويطرد الغازات ويزيل انتفاخ البطن والتهابات المعدة، كما أنه يعالج الإمساك والإسهال المزمن، ويدر الطمث المحتبس "الدورة الشهرية"، ويخفف من آلامها، كما ينهي التقلصات في الرحم والنزيف المزمن، إلى جانب العديد من الفوائد الأخرى المذهلة التي يجب معرفتها، حيث يحتوي على العديد من العناصر الغذائية ذات الأهمية الكبيرة، مثل الكالسيوم، الحديد، الفسفور، البوتاسيوم، الدهون، البروتين، وفيتامينات عديدة مثل؛ فيتامين "سي، ب1، ب2، ب3"، إضافة إلى الأحماض الدهنية غير المشبعة والكربوهيدرات، والكمية الموصى باستهلاكها يوميا تبلغ حوالي 0.20 ملغ يوميا.