خدمة تنظيفها غائبة في الجزائر

الزربية... امتلاكها واقعٌ والعنايةُ بها خيال

الزربية... امتلاكها واقعٌ والعنايةُ بها خيال
  • القراءات: 925
 نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

لاتزال الزربية من بين المفروشات التي لا يتخلى عنها أي بيت مهما كان مستوى أهله المعيشي عبر ربوع المعمورة. تلك القطعة من الديكور التي كانت قبل آلاف السنين ولاتزال إلى اليوم، تعكس دفء البيت بعدما تلقيها المرأة على أرضيتها لتدفئة سطحها خلال فصل الشتاء، لتتحول، اليوم، وظيفتها الكلاسيكية وتتخطى حدود المفروشات، ببسطها للنوم، أو المشي عليها لتصبح إحدى قطع الديكور التي لا غنى عنها حتى خلال الأجواء الحارة؛ إذ تؤمّن نوعا آخر من الدفء للبيت، لكن ماذا عن نظافة تلك القطع التي تحمل ملايين أو ملايير الجراثيم التي تتراكم وسط آليافها، وقد تشكل مشكلا صحيا جديا؟

حول هذا الموضوع انتقلت "المساء" إلى أحد محلات غسل الملابس بالعاصمة؛ حيث التقت بعمر عامل بالمحل، أكد أن الزربية إحدى قطع المفروشات التي تحمل الكثير من الجراثيم، والعناية بها ليست من الأمر السهل، خصوصا الزربية التقليدية، التي عادة ما تكون مصنوعة من مادة الصوف أو الوبر، والتي تكون سميكة جدا وثقيلة؛ ما يجعل العناية بها في البيت أمرا صعبا جدا، خصوصا إذا ما تم تبليلها بالماء لتصبح أثقل ويصعب حملها، بل لا بد من أن يتعاون عدد من الأفراد ليتمكنوا من حملها. وقال المتحدث إن الزربية أو الحنبل أو السجاد الجزائري، من الحرف التراثية الجزائرية التقليدية التي تعود إلى آلاف السنين، كانت تُصنع منذ القدم لتزيين البيوت، خصوصا لتفريشها، وها هي اليوم تُستعمل لأغراض أخرى؛ سواء بتعليقها على جدران الغرف، أو إلقائها على السرير كنوع الحنبل وإن كان تزيين غرف استقبال الضيوف أو المطبخ وحتى الحمّامات وأحيانا خارج المنزل كالحديقة، ولكل مكان نوعه الخاص. وأضاف محدثنا: "نظرا للاستعمال الواسع لتلك القطع هناك الكثير من الزبائن الذين يتجهون نحو محل للعناية بزرابيهم، التي تُعد من القطع التي يصعب تنظيفها في المنزل". وقال: "في الجزائر، للأسف، لاتزال خدمة غسل الزرابي غير موجودة تماما رغم انتعاش صناعة الزربية، إلا أن خدمة الصيانة بعد البيع، على حد تعبيره، غير متوفرة، خصوصا أن الزربية تتطلب عناية خاصة ليس لحساسية قماشها فقط، وإنما، كذلك، باعتبارها وكرا للجراثيم، ويصعب تنظيفها بالمواد العادية، ولا بد أن تمر بمراحل خاصة ليتم إزالة أكبر قدر ممكن من تلك الجراثيم التي تُعد مضرة بالصحة، ومسببة، بشكل خاص، للإصابة بالحساسية، لا سيما تجاه جرثوم خاص، يجد في المفروشات ذات الوبر والألياف الفرصة المثالية للتكاثر، والتي تُعد نوعا من العنكبوتيات غير المرئية بالعين المجردة، ويصعب تحديد عددها. وقال المختص في التنظيف إن غياب تلك الخدمة الخاصة بتنظيف الزرابي، جعل البعض يغسلها في محلات غسل السيارات؛ باعتبارها محلات واسعة، ويتم تنظيفها كلاسيكيا بمواد تنظيف كيماوية، وباستعمال الماء والصابون، وهذا من جهة لا ينظفها تماماو ويمكن أيضا أن يضر بجمالها وبسلامتها خصوصا الزرابي الأصلية المنسوجة بالصوف أو الوبر أو حتى الحرير.

وقال عمر إن أول مرحلة تمر بها الزربية إذا كانت على أيدي مختصين، نفضها بشكل مستمر بالاستعانة بآلة خاصة بإزالة الغبار؛ حيث يتم، عادة، إزالة قرابة ضعف أو ثلاثة أضعاف وزنها، وهي متسخة فقط من تراكمات الغبار والأوساخ، ثم يتم تنظيفها بمواد عناية خاصة بكل مادة، وهذا لتقليل احتمالية إفساد سطحها؛ إذ إن المواد الكيماوية قد تفقدها جمال لونها أو حتى نعومة وبرها، ليتم بعدها تجفيفها في غرف عالية الحرارة لضمان جفافها بدون أن تتعرض لرطوبة تزيد من احتمالية تراكم الجراثيم أو بقاء بها رائحة الرطوبة. وفي الأخير قال عمر: "بالرغم من حظنا في كوننا إحدى الدول التي لها تاريخ يروى عن أصالة وجودة الزربية، إلا أنه، للأسف، لايزال هذا المجال بعيدا كل البعد عن ثقافة الاهتمام بها، لاسيما التي يصل سعر بعضها إلى أثمان خيالية، إلا أن غسلها يبقى مشكلا حقيقيا أمام كاسبها"، مشيرا إلى أن العناية بها لا بد أن تتم، على الأقل، مرة في السنة، وعلى الأكثر مرتين فقط. وتحدّث عن نقص آخر في السوق، وهو إعادة "صيانة" الزرابي في حال فساد صوفها، وهذا مجال يتخصص فيه الكثير من الحرفيين في دول أخرى رائدة في صناعة الزرابي كإيران، إلا أن عندنا حرفي الزربية لا يمكنه ضمان تلك الخدمة للزبون.