المؤلف الصغير عبد الرحمن رضوان بقدي في "إشراقة إبداعية"
الخلَف يروي بطولات السلف.. "أسود الظل في جبال الونشريس"

- 854

تحدّث الطفل عبد الرحمن رضوان بقدي، المؤلف المبدع صاحب 12 ربيعا، خلال كلمة ألقاها بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي ضد عمالة الأطفال الذي نظمته وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، عن ضرورة تكاتف الجميع؛ من أجل السماح للأطفال بالعيش في كنف البراءة والطفولة السعيدة، بعيدا عن لغة الشقاء التي تسرق من البراءة فرحتها.
اختار الطفل عبد الرحمان بقدي المتمدرس بمتوسطة محمد الطاهر بن عواج ببن عكنون، المؤلف والمبدع، أن يروي بطولات الرجال للأجيال؛ حيث قدّم أول إبداعاته في هذا المجال، في شكل كتيّب صغير حمل اسم "أسود الظل في جبال الونشريس".
عبد الرحمان المبدع صاحب 12 ربيعا، محب للقراءة والمطالعة، يعشق مجالسة الكتب والنهل من فيضها، قال عن نفسه إنه يحب مداعبة القلم، ويهوى الخطابة وفن الإلقاء. وشارك في عدة مسابقات، من بينها مسابقة "أقلام بلادي" وكان عمره ثماني سنوات، تأهل فيها إلى المرحلة الولائية، وكذا "خطيب المحروسة الصغير" التي نُظمت من طرف مجلس اِقرأ والتعليم المسجدي بالجزائر العاصمة، في سن 11.
كما شارك الطفل عبد الرحمان في مسابقة كتابة قصة قصيرة ملحمية نظمتها وزارة التربية الوطنية في 2022 ـ 2023؛ إحياء للذكرى الستين لعيد الاستقلال، تُوج فيها بالمرتبة الأولى وطنيا، والتي حملت عنوان "أسود الظل في جبال الونشريس". وذكر في هذا السياق، أن جدته كانت ملهمته؛ حيث قصت عليه ما اختزنته ذاكرتها من أحداث.
وحملت القصة الثورية للطفل المبدع عبد الرحمان، جانبا من البطولة؛ إذ غاص في عمق القرى والمداشر، ليكشف الستار عن يوميات أشخاص عانوا الكثير من الألم، وبشاعة الظلم، والمناظر المرعبة من أطفال ونساء وشيوخ وشباب، والتي بقيت في ذاكرة من عاش ليرويها للأجيال بكل مرارة. واختار منطقة غير بعيدة عن جبال المداد بدوار "الزبغة"، وهي إحدى بلديات ثنية الحد؛ حيث سُجلت بطولات المجاهد الشاب عبد القادر سدار يعقوب، الذي آثر وطنه عن نفسه، ولم يخش ردة فعل المستعمر، فكرس وقته لتحفيظ القرآن الكريم، مستغلا جلسات الذكر للحث على الجهاد، والانضمام لصفوف الثورة، ودعمها من خلال زرع حب الوطن في النفوس، بالموازاة مع جمع السلاح، والمال، والمؤونة للمجاهدين. وساعد عبدَ القادر سدار يعقوب في ذلك أختُه سعدة، التي كانت تخفي الرسائل والأسلحة تحت قماط ابنتها الرضيعة، لتسلّمه للمجاهدين.
وأشار الطفل عبد الرحمان إلى أن المجاهد يعقوب شارك في العديد من العمليات الفدائية ليلا، والتي مست أجهزة ومقرات الجيش الفرنسي؛ إذ عمل على تشتيت تركيز قوة العدو حيث كان شديد التعلق بالوطن، حتى أهله كان يمر عليهم في نظرة خاطفة على غرار زوجته وابنيه محمد وفاطمة الصغيرة، مودّعا إياهم بنظرات حزينة على أمل لقاء قريب... لكن هيهات هيهات... فعل الدساسون والحركى فعلتهم الحقيرة، وتمت الوشاية به، فأصبح محل مراقبة إلى أن تم التربص به، وإلقاء القبض عليه رفقة زملائه، فاقتيدوا إلى سجن تيسمسيلت؛ حيث سُلط عليهم العذاب بوضعهم فوق المسامير مجردين من الثياب، مع الصعق بالكهرباء، والكلاب الناهشة للحومهم، والحرمان من الطعام والشراب مع تجرّع كل أنواع القهر.
وقد عمد الطفل المبدع إلى عرض الحقائق بصورة تجعل القارئ يتفاعل مع كل كلمة وحرف بشوق عظيم. كما حملت صفحات الكتيب صورا للمجاهد وعائلته، وجلسات التعليم، والسجن الذي شهد فيه المجاهدون أشد أنواع العذاب... وجاءت البشرى قبل أن ينفَّذ فيه حكم الإعدام .. التي قال عنها عبد الرحمان: "وجاءته البشرى بيسرين بعد عسر مستطير؛ بشرى الاستقلال، وعهد جديد بالحياة الكريمة. خرج من الظلمات يلتحف العزة، وتمام الرجولة، وبرنوس الوطنية الحقة، التي لم ينل الغاصب منها".