لعبت دورا رياديا في العمل التضامني

الجمعيات المحلية بعنابة مثال في خدمة الفئات الهشة

الجمعيات المحلية بعنابة مثال في خدمة الفئات الهشة
  • 135
سميرة عوام سميرة عوام

ساهمت الجمعيات المحلية في ولاية عنابة، بشكل فعّال وميداني، في خدمة الفئات الهشة، وعلى رأسها الأيتام، وذوو الاحتياجات الخاصة، من خلال مجموعة متنوعة من الأنشطة الاجتماعية، والتربوية، والصحية، والإنسانية. فقد برزت خلال السنوات الأخيرة، خاصة في فترات الأزمات كجائحة كورونا، عدة جمعيات محلية أثبتت حضورها الفعلي في الميدان، من أبرزها جمعية كافل اليتيم، وجمعية بيت الخير، وجمعية الإرشاد والإصلاح، وجمعية نور أنا، وجمعية الغفران، والجمعية الولائية لترقية وإدماج الشباب. وقد لعبت هذه الجمعيات أدوارا ريادية في التخفيف من معاناة الفئات الهشة والمهمشة في المجتمع المحلي.

سميرة عوام

تُعد فئة الأيتام من أكثر الفئات التي حظيت باهتمام واسع من طرف جمعيات ولاية عنابة. فقد تكفلت جمعية كافل اليتيم بمتابعة الوضعية الاجتماعية والتربوية لهؤلاء الأطفال، حيث قامت بتقديم منح ومساعدات مالية دورية، إلى جانب توفير الأدوات المدرسية مع كل دخول مدرسي، وتنظيم أنشطة ترفيهية وتربوية موجهة لهم. كما ساهمت الجمعية في تغطية مصاريف العلاج في بعض الحالات الخاصة بالتنسيق مع محسنين وجهات طبية.إلى جانب ذلك، شاركت جمعيات أخرى كجمعية بيت الخير وجمعية الإرشاد والإصلاح، في تنظيم حملات لتوزيع قفف رمضان على العائلات التي تعيل أيتاما، فضلاً عن توفير أضاحي العيد لهم، وإشراكهم في فرحة المناسبات الدينية والاجتماعية، وهو ما ساهم في خلق جو من الدفء الأسري، والدعم النفسي لهذه الفئة.

رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة

أولت الجمعيات المحلية اهتماما خاصا بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال توفير مستلزمات طبية خاصة؛ كالكراسي المتحركة والأجهزة السمعية، إلى جانب التكفل بتكاليف العلاج الطبيعي، وجلسات التأهيل. كما تم تقديم دعم نفسي واجتماعي عبر تنظيم ورشات وأنشطة ترفيهية؛ لدمجهم في الحياة العامة.

ومن بين أبرز الجمعيات الناشطة في هذا المجال جمعية "نور أنا"، التي تهتم، بوجه خاص، بالأطفال المصابين بالتوحد، حيث تنظم جلسات دعم نفسي لأوليائهم، وورشات تعليمية تساعد الأطفال على تطوير قدراتهم الذهنية والحركية، وتعزز من فرص اندماجهم في المجتمع.

المساهمة في المناسبات الاجتماعية والدينية

تُسجَّل مشاركة قوية للجمعيات في مختلف المناسبات الاجتماعية والدينية، حيث يتم تحضير وتوزيع آلاف القفف الغذائية خلال شهر رمضان، وتنظيم موائد إفطار جماعي في بعض الأحياء. وفي عيد الأضحى تشرف الجمعيات على جمع التبرعات لشراء الأضاحي وتوزيعها على الأسر المعوزة، بما يضمن إشراكهم في الشعائر الدينية.أما مع اقتراب الدخول المدرسي فتنطلق حملات لجمع المحافظ، والكتب، واللوازم المدرسية. وتلعب جمعية الإرشاد والإصلاح - مكتب عنابة، دورا محوريا في هذه الحملات، من خلال تغطية حاجيات مئات التلاميذ سنويا، ومرافقتهم تربويا ولوجستيا؛ حتى لا يشعروا بالحرمان أو النقص مقارنة بأقرانهم.

التكفل بالزواج الجماعي وتأثيث منازل العرسان

من الأنشطة الاجتماعية المهمة التي برزت بها بعض الجمعيات، مساهمتها في تنظيم حفلات الزواج الجماعي للشباب المعوزين، مع التكفل بتأثيث منازل العرسان الجدد. وتُعد "بيت الخير" و«جمعية الغفران" من بين الجمعيات السباقة في هذا المجال، حيث تمكّنت عبر حملات دعم وتبرعات، من تأمين غرف نوم، وتجهيزات كهربائية، وأثاث كامل للعرسان، ما ساعدهم على بناء حياة زوجية مستقرة، تحفظ كرامتهم، وتقلل من أعباء الزواج.

دور الجمعيات خلال جائحة كورونا

أثناء أزمة جائحة كورونا، ظهر جليا الدور الحيوي الذي لعبته الجمعيات المحلية، حيث كانت في مقدمة الصفوف لمواجهة تداعيات الأزمة. فقامت الجمعيات بتوزيع الكمامات، ومواد التعقيم، والإعانات الغذائية على المتضررين، إضافة إلى إطلاق حملات تحسيسية في الأحياء الشعبية، والمساجد، والأسواق؛ لتوعية المواطنين بطرق الوقاية من انتشار الفيروس.

وبرزت الجمعية الولائية لترقية وإدماج الشباب بمبادرات نوعية، منها تنظيم فرق تطوعية لتعقيم الأحياء، وتقديم الدعم النفسي للمرضى وعائلاتهم، وتأمين وسائل النقل للأطقم الطبية والمتطوعين، في وقت عجزت الكثير من الجهات الرسمية عن تلبية جميع الاحتياجات.

التنسيق مع المحسنين والسلطات المحلية

تتميز الجمعيات المحلية في عنابة، بعلاقات قوية مع المحسنين من جهة، ومع السلطات المحلية من جهة أخرى. فقد أثمر هذا التنسيق نتائج إيجابية، من بينها التوسع في قاعدة المستفيدين، وضمان عدالة في توزيع المساعدات، ووصولها إلى الفئات الأكثر احتياجا. 

كما ساعد التنسيق المشترك في تحسين جودة الخدمات الاجتماعية، وتنفيذ المشاريع الخيرية بطريقة منظمة، ومستدامة.ما قامت به الجمعيات المحلية في ولاية عنابة من جهود لخدمة الفئات الهشة، وعلى رأسها الأيتام وذوو الاحتياجات الخاصة، يؤكد أن المجتمع المدني يمكن أن يلعب دورا استراتيجيا في التنمية الاجتماعية، والتكافل الإنساني؛ لذلك يبقى من الضروري اليوم، العمل على دعم هذه الجمعيات، سواء من خلال تسهيلات قانونية وإدارية، أو عبر تعزيز الشراكات مع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص؛ حتى تتمكن من مواصلة أداء رسالتها النبيلة، والمساهمة في بناء مجتمع أكثر عدلاً وتضامناً.