يعتبره المختصون أشد خطورة

الاستلاب الثقافي شكل من أشكال اختطاف الأطفال

الاستلاب الثقافي شكل من أشكال اختطاف الأطفال
  • القراءات: 2122
حنان. س حنان. س

يحذر الخبراء في تربية الطفل من ترك هذا الأخير لساعات طويلة أمام مختلف وسائط التكنولوجيا دون مراقبة، خاصة البرامج التلفزيونية الموجهة للجمهور الصغير التي تعتبر استيرادا، مع سبق الإصرار لثقافات الغرب الرامي إلى غرس التبعية في أجيال الأمة. معتبرين أن الحوار الأسري البنّاء كفيل بإعداد نشء متشبع بتعاليم تربوية متوازنة بعيدا عن تأثيرات وسائط التكنولوجيا.

قدم الأستاذ سعيد بن يحيى بهون علي، أستاذ أدب الطفل بجامعة بومرداس، خلال سلسلة الندوات المنظمة بالمركز الثقافي الإسلامي لولاية الجزائر، حول ظاهرة اختطاف الأطفال، محاضرة قيمة بعنوان الاستلاب الثقافي للطفولة، ويشرح المحاضر معنى الاستلاب بالغياب المعنوي الذي يغرق فيه الطفل أثناء اهتمامه بألعاب الفيديو أو متابعته للمسلسلات الكرتونية المستوردة من بيئة وثقافة مختلفتين، "والتي يكون من نتائجها على المدى البعيد التفكير الاستهلاكي، أي التبعية للغير في كل شيء"، يشرح الأستاذ.

والاستلاب الثقافي نقصد به اختطاف الطفولة فكريا أو معنويا، وهذا يعد ثاني نوع من الاختطاف بعد الاختطاف المادي أو اختطاف الطفل من طرف بالغين، "فحتى وإن كان الطفل في أسرته وبين والديه، إلا أنه مختطف فكريا، وثقافيا من طرف الغرب باختصار، ونقصد بذلك كل البرامج التلفزيونية الموجهة للطفل والتي تختبئ وراء واجهة الترفيه، إنما هي في الحقيقة تحمل حقيقة أخرى وهدفا آخر، وهو إبعاد الطفل عن ثقافته وهويته الحقيقية، إذ يغرس فيه أنماطا سلوكية يريدها هو (أي الغرب)".

وتكمن وسائل الاستلاب الفكري في وسائط التكنولوجيا المتعددة، فقد تكون الفضائيات، ألعاب الفيديو، الأنترنت وحتى المجلات الموجهة للأطفال، كلها وسائل ووسائط ينقل من خلالها أو يمارس من خلالها عملية الاستلاب الثقافي.

ويتأسف الأستاذ من جهل الأولياء لخطورة هذا الاستلاب الثقافي، حيث أصبحوا من المسهلين لهذه العملية من خلال توفير وسائط التكنولوجيا لأبنائهم بعيدا عن كل قيود أو رقابة، وهو ما ينتج عنه لا محالة "امتصاص الأبناء لثقافة الآخر الذي نختلف معه في الأعراف والتقاليد والقيم المجتمعية عموما".

أما عن علاقة الاستلاب الثقافي بعمليات اختطاف الأطفال التي شهدت تفاقما في السنوات الأخيرة، يذكر الأستاذ في حديث لـ"المساء"، أنه من مظاهر الاستلاب الثقافي انتشار العنف الذي يولد كل أشكال الجرائم ومنها الاختطاف المادي، أضف إلى ذلك،  الأمراض الاجتماعية الأخرى، ومنها معاداة المجتمع بسبب طغيان الوحدانية وما قد ينجر عن ذلك من جرائم ضد الغير، وحتى ضد النفس مثل الانتحار، "فحتى وإن كنا لا نهون إطلاقا خطورة الاختطاف المادي للأطفال لما تخلفه من أثار سلبية على الطفل المختطف وعلى أهله، إلا أن الاختطاف الفكري الذي نتحدث عنه له آثار تمتد لعقود، فقد تنحاز أمة عن مسارها بسبب استلاب أجيالها فكريا".

ويعيب الأستاذ على الجهات المعنية، تغييب الصناعة الثقافية الموجهة للجمهور الصغير والاكتفاء بالاستيراد العشوائي لبرامج مجتمعات أخرى تصدر لأطفالنا ثقافاتها، ناهيك عن غياب الحوار الأسري الذي يجمع بين الوالدين وأبنائهم من أجل إفهامهم إيجابيات الأمور وسلبياتها: "لذلك نلفت انتباه الأولياء إلى أهمية منح الوقت للاستماع إلى أبنائهم واحتوائهم وتوجيههم، مع تقليل حجم المكوث أمام وسائط التكنولوجيا وترشيد أوقات متابعة البرامج التلفزيونية".

من جهة أخرى، يقترح الأستاذ سعيد بن يحي بهون علي، في معرض حديثه الموّجه، خطوات على المربين من أجل تنمية المهارات والذكاء لدى أطفالهم، ومنها إشراكهم في مختلف الجمعيات الثقافية والرياضية، مثل الكشافة والنوادي الرياضية والمدارس القرآنية وغيرها، بهدف ملء أوقات فراغهم وانتشالهم من مظاهر الاستلاب الثقافي.