الإمام مايدة بشأن الزوجة العاملة:

الإنفاق عليها واجب ويمكنها المساهمة برضاها

الإنفاق عليها واجب ويمكنها المساهمة برضاها
عمار مايدة، إمام مسجد "الينابيع" ببلدية بئر مراد رايس، ومرشد أسري
  • 994
❊نور الهدى بوطيبة ❊نور الهدى بوطيبة

أكد عمار مايدة، إمام مسجد "الينابيع" ببلدية بئر مراد رايس، ومرشد أسري، أن المرأة العاملة تنفق على بيتها فقط في حال رضاها، بعد اتفاق بينها وبين زوجها إذا كانت حالته غير ميسورة، حيث لا يتم الأمر رغما عنها. مشيرا إلى أن الزوج مهما كانت حالته المادية، فهو القوام، وهو المسؤول على الإنفاق على بيته وأسرته من زوجته وأطفاله، حيث تبيّن بما يكفي من الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع العلماء، على وجوب نفقة الزوج على زوجته، حسب وسعه ومقدرته، وليس له أن يحمّلها نفقة نفسها ولو كانت غنية، إلا برضاها.

انتشرت في السنوات القليلة الأخيرة، ظاهرة بحث الرجل الراغب في الزواج عن امرأة ذات حال ميسور، تكون عاملة أو من عائلة غنية، والدليل على ذلك بعض الشروط الذي يطلبونها في الزوجات، عند الرغبة في البحث عن شريكة الحياة بأتم معنى الكلمة. من خلال ذلك، ظهر انقلاب في موازين عديدة منذ خروج المرأة إلى سوق العمل، وبات من المفروض عليها تقاسم أعباء الحياة مع زوجها، كأنها قاعدة جاءت خصيصا لتنص على ذلك.

في جولة استطلاعية قامت بها "المساء" بين عدد من المواطنين، تبين أن الظاهرة أخذت أبعادا كبيرة لنساء مؤيدات للفكرة، لا يجدن مشكلا في الإنفاق على أزواجهن وبرضا الطرفين. كما يوجد من جهة أخرى، سيدات أرغمن على الأمر أو هددن من طرف أزواجهن بتوقيفهن عن العمل، في حين لا يناقش البعض هذا الأمر أبدا، حتى إذا كانت حالة الزوج المادية ضيقة.

بداية حدثتنا وسيلة (عزباء) أنها ترفض بتاتا فكرة الارتباط بشخص يبحث عن امرأة عاملة، ليعتمد عليها في الإنفاق، وأشارت إلى أن هذا التفكير نابع من "طمع" الزوج في مالها، على حد تعبيرها، موضحة أنها تفضل بذلك، عدم الزواج عن تحمل عبء رجل غير عامل ويرغمها على الإنفاق عليه.

أما فريال (متزوجة حديثا)، فلم تجد مشكلة في الأمر، بل أكدت أن غلاء المعيشة الذي مس كل الجوانب، سواء في المواد الاستهلاكية أو في جانب الخدمات، على غرار دفع فواتير الإيجار، الكهرباء والغاز، إذ أصبحت الحالة المادية للرجال متوسطي الحال لا تكفي من أجل إعالة عائلة كاملة، وتقول؛ "يعد من الضروري التعاون معا لمجابهة تلك الوضعية وعيش حياة كريمة دون الحاجة إلى شيء". وأضافت أن نفقاتها تتمثّل في دفع نسبة من إيجار البيت، حتى لا تضطر إلى العيش في بيت الأهل، لاسيما أن المساحة لا تتسع لكافة أفراد العائلة، لكن ما  تقوم به نابع عن قناعتها التامة، وزوجها لا يفرض عليها الأمر مطلقا، لكنها تتفهم وضعيته وتحاول مساعدته.

في حين أجمعت أخريات على أن تخلي الزوج عن بعض مهام البيت، هو ما دفعهن إلى الإنفاق رغما عنهن، حتى وإن لم يطلب الزوج ذلك بتعبير صريح أو بطلب محدد، إلا أنهن وجدن أنفسهن تحت واقعة شراء مستلزمات البيت من الأكل ولباس الأطفال وبعض التفاصيل الأخرى، ليكتفي أزواجهن بفواتير الكراء والغاز والكهرباء والماء وغيرها.

على صعيد آخر، ذكر عبد الحكيم (أب لثلاثة أطفال) أنه لم يطلب أبدا من زوجته أن تنفق عليه أو على الأسرة، لكنه لا يمنعها إن رغبت في القيام بمبادرة اقتناء أي شيء للبيت برضاها الكامل. مشيرا إلى أنه من حين لآخر، يشتركان في تكاليف السفر فقط، أما باقي مدخولها فتنفقه في اقتناء ملابس وأحذية لنفسها، إلى جانب بعض الملابس للأطفال، حيث أبدى شعوره بالمسؤولية. من غير المنطقي أن تقوم الزوجة بالإنفاق على زوجها، لاسيما أنها من غير الشهامة ولم يقم أحد الآباء أو الأجداد قديما بأمر مماثل.

أما رؤوف (متزوج حديثا)، فكانت قناعته مختلفة عن عبد الحكيم، قائلا "لماذا تخرج الزوجة إلى العمل إذا لم تساعد زوجها"؟، مشيرا إلى أن غلاء المعيشة يتطلب التعاون بين الطرفين، لاسيما في سبيل تحقيق كماليات الحياة، كالسفر مثلا، أو اقتناء سيارة أو بناء منزل صغير أو غير ذلك، على أن يكون ـ بطبيعة الحال ـ برضا الزوجة وليس رغما عنها.

في هذا الخصوص، ذكر المرشد الأسري عمار مايدة، أن الرجال قوامون، والالتزام بهذه الصفة يعني الأخذ بالواجب تجاه الأسرة، فمن غير المنطقي أن يمكث الرجل في البيت وتعمل الزوجة بدلا عنه، هذا مناف لقواعد شريعتنا وتقاليد أجدادنا وعقيدتنا، إلا في حال مرض الزوج مثلا، فلا حرج في مساعدته، والدليل على ذلك قول الله تعالى "وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلّا وُسْعَهَا" (البقرة/233).

أوضح الإمام أنه، من جهة أخرى، التعاون على الحياة برضا الزوجة لا مشكل فيه، ويجوز الأمر دون إرغامها على ذلك، لأن دور الزوجة يتمثل في تربية الأولاد وخدمة الزوج في أمور البيت، أما إذا كانت عاملة، فلها نفس المهام التي لابد أن لا تتخلى عنها بدورها، ويمكن حينها الاستعانة بخادمة لمساعدتها في البيت، يبقى أصل الشيء الاتفاق فقط بين الطرفين على تلك التفاصيل. فراتب الزوجة العاملة من حقها، وليس للزوج أن يأخذ منه شيئا إلا بطيب نفس منها، في حال يكون العمل مشترطا عليه عند عقد الزواج. نبّه الإمام إلى أنه على الزوجين ألا يكدرا بمثل تلك المحاسبات التي من شأنها أن تجعل منهما شريكين في تجارة، وليس شريكين في تأسيس أسرة وبناء بيت، ولا يصلح مثل هذه الخلافات أن تكون بين زوجين، كتعفّف الزوج قدر استطاعته عن أخذ المال منها، لأن هذا الأمر يؤثر في قوامته التي تميزه عن الزوجة.