الدكتورة حدة بن عياش تميط اللثام عن بعض الحقائق

مكر الإعلام الفرنسي في تناول مجازر الثامن ماي

مكر الإعلام الفرنسي في تناول مجازر الثامن ماي
  • 928
رشيدة بلال رشيدة بلال

اهتمت الدكتورة حدة بن عياش، مختصة في علم المكتبات، بالبحث في الكتابات الفرنسية، حول ما يتعلق بالحقائق التاريخية المرتبطة بمجازر الثامن ماي 1945، التي حاول المستعمر الفرنسي إخفاءها لتلميع صورته، حتى لا تأخذ الأحداث صفة الجريمة، وحسبها، فإنه على الرغم من التعتيم الإعلامي الذي فرض على القضية الجزائرية عموما، وعلى أحداث مجزرة الثامن ماي، إلا أن العالم وقتها، وبفضل بعض وسائل الإعلام التي اهتمت بالقضية الجزائرية، تم إسماع صوتها والتأكيد على وحشية المستعمر الفرنسي.

أكدت الدكتورة حدة بن عياش، في تصريح خصت به "المساء"، على هامش مشاركتها في فعاليات الندوة التاريخية حول "صدى مجازر الثامن ماي على مستوى الصحافة والإعلام"، بأنها حاولت بحكم تجربتها الكبيرة في مجال البحث في الوثائق التاريخية والكتب، أن تشارك في مختلف المؤتمرات الدولية، للكشف عن العديد من الحقائق التاريخية المرتبطة بهذا الحدث الهام، الذي كان واحدا من الأسباب التي عجلت في اندلاع الثورة التحريرية المباركة، وحسبها، فإن السبب الذي جعلها تختار البحث فيما كتبته الأقلام الإعلامية، كونها كانت السباقة في تغطية الأحداث ونقل الحقائق التاريخية لحظة وقوها، رغم التعتيم الإعلامي الذي كان ممارسا، موضحة بقولها: "قمت بالبحث في مختلف الجرائد الفرنسية التي كانت موجودة وقتها، مثل"لومانيتي" و"لوفيقارو"، وتبين أن محاولات عديد تمت لطمس هذه المحطة التاريخية، خاصة أن الإعلام الغربي لم يكتب عنها، بسبب الانغلاق الإعلامي الذي كانت تمارسه فرنسا"، مشيرة إلى أن الجريدة الوحيد التي كتبت وقتها عن هذه المحطة التاريخية، كانت يومية "لومانيتي الشيوعية"، التي وصفت الحدث بأنه عبارة عن تظاهرة، ووصفت الضحايا بـ"المتعاطفين مع النازية".

وحول أهم النتائج التي توصلت إليها الباحثة، من خلال ما تم تداوله بخصوص أحداث مجازر الثامن ماي في الصحف الفرنسية، أنها "حاولت من خلال التغطية الإعلامية، التي كانت وقتها تظهر الصورة على أنها حتمية سياسية وأمنية، مرجعها اندفاع الشاب الجزائر الذي كان يرفع العمل الوطني بألوانه الثلاثة وسط الأوروبيين، الذين كانوا يحتفلون بانتصار النازية، بمعنى أنها محاولة لتبرير الفعل، وفي المقابل، يلمعون صورة الشاب الأوروبي الذي ـ حسبهم ـ كان يتوسل الجندي حتى لا يطلق النار على الجزائريين"، وأشارت الباحثة، إلى أنه حتى المصطلحات التي كانت تستعمل في المقالات لم تكن بريئة، حيث كان الجزائريون يوصفون بالمسلمين، لإزالة صفة الجزائر من الوجود، وكانت تصف المتظاهرين الذين كانوا يحتفلون بالانتصار على النازية بـ"الأوروبيين"، حتى يتم توريط أوربا وتبقى فرنسا دائما إلى جانب من يتحالف معها ضد جرائمها الاستعمارية في حق الشعب الجزائري.

تردف الدكتورة: "الملاحظة الثانية التي شدت انتباهي، أن كل المقالات التي كتبت، تشير إلى وجود اعتراف ضمني حول وقوع هذه الأحداث المرتبطة بمجازر 8 ماي، لكن دون أن تكون هناك أي إشارة إلى وجود التوبة، أي أن الاعتراف موجود بهذه التجاوزات، لكن دون وجود أي اعتراف صريح بارتكابها لمثل هذه الجرائم، التي تعد جرائم حرب"، مشيرة إلى أن ما يمكن التأكيد عليه في قضية التناول الإعلامي لمجازر الثامن ماي، وجود مكر وذكاء وحيلة لتمرير فكرة، مفادها أن "فرنسا أيضا كانت ضحية، وأن للجزائريين والفرنسيين ذكريات مشتركة".

  مكر الإعلام الفرنسي في تناول مجازر الثامن ماي