المكلفة ببرنامج السيدا والعمل لدى الاتحاد العام للعمال الجزائريين:

"الأيدز" يهضم حق الفرد في عدم التمييز

"الأيدز" يهضم حق الفرد في عدم التمييز
مليكة مقراني، المكلفة ببرنامج دراسة "السيدا" في وسط العمل لدى الاتحاد العام للعمال الجزائريين نور الهدى بوطيبة
  • 914
❊ نور الهدى بوطيبة ❊ نور الهدى بوطيبة

أشارت مليكة مقراني، المكلفة ببرنامج دراسة "السيدا" في وسط العمل لدى الاتحاد العام للعمال الجزائريين، إلى أن إصابة الفئة العاملة بهذا المرض له عدة انعكاسات سلبية على الفرد من جهة، والاقتصاد الوطني عامة، من جهة أخرى، ولعل أكثر ما تعاني منه في الوسط المهني؛ التمييز الذي يعتبر هضما لحق من حقوق الإنسان، الذي ينص عليه القانون الدولي لحقوق الإنسان.

تضيف المتحدثة أن هذا المرض بات يهدد الكثير من الحقوق، وعلى رأسها الحق في عدم التمييز، في الخصوصية، في العمل وفي تكفّل صحي يغطي كافة حاجيات الفرد، وعليه يعتبر مرض "السيدا" تهديدا لحقوق المصاب به.

قالت مليكة مقراني، إن عدم التمييز، مع المساواة أمام القانون والحماية المتساوية التي يكفلها القانون دون أي تمييز، يعد مبدأ أساسيا يتعلق بحماية حقوق الإنسان، حسبما ينص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يلزم كل دولة باحترام الحقوق المعترف بها في العهد، وضمان الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها، والخاضعين لولايتها دون أي تمييز، بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب أو بسبب الإصابة بمرض معين، كإعاقة أو مرض مزمن أو غير ذلك.

أضافت مقراني أن تلك البنود الدولية تحظر كل  أنواع التمييز، لأن ذلك سيؤثر على حرية الفرد في عيش حياة هنيئة، لاسيما بالنسبة للشخص المريض، وكأن معاناة المرض لا تكفي حتى يجد نفسه أمام أعين تميزه عن باقي الأشخاص الأسوياء، ويجد بذلك نفسه مضطرا إلى الاختفاء عن الأنظار، وإخفاء مرضه وعدم العلاج، وهو ما سيزيد الطين بلة، لذلك، تقول؛ إن مبدأ عدم التمييز أساسي إلى حد أنه تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية أو العنصرية، أو أي نوع من التحريض على التمييز.

على صعيد آخر، ذكرت محدثتنا أن العاملين المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة، فرص العمل لديهم أقل، رغم القوانين وبرامج التثقيف الشامل الداعمة لهم، كل ذلك ـ على حد تعبيرها ـ ناتج عن المعلومات الخاطئة التي يحملها الفرد في مخيلته، بأن المصابين بهذا الداء منبوذون ولا يمكنهم العمل، ويحكمون مسبقا على فعالية هؤلاء وعلى إنتاجيتهم، لذلك، تشير المتحدثة إلى أن الكثيرين يتجنبون فحوص الدم، بسبب وصمة العار الملازمة لحمل فيروس نقص المناعة البشرية، ومخافة فقدانهم لوظائفهم، أو عدم الحصول على وظيفة تقدموا إليها.

كما أكدت أن التأخر أو العطل المرضية التي يدفعها المصابون من حين لآخر بسبب علاجهم وحاجاتهم للراحة، تدفع في بعض الحالات أرباب العمل إلى وضعهم في الخانة الحمراء، بذلك يكونون تحت التهديد بفقدان العمل، وهو ما يجعل من هذا المرض عدو صاحبه، نظرا لمختلف العوائق التي قد تزيده معاناة هو في غنى عنها، حيث تقدر المنظمات المختصة بفيروس نقص المناعة المكتسبة، ومرض "الآيدز" الناجم عنه، حسب المتحدثة، معدل البطالة لدى المصابين بهذا الفيروس عالميا، حسب إحصائيات عالمية، بما يصل إلى ثلاثة أضعاف معدل البطالة في أوطانهم، فذلك التمييز في المعاملة هو أحد الحواجز التي تحول دون تقليل مستوى الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، تقول مقراني، مضيفة أن أرباب العمل يتجنبون توظيف حاملي فيروس نقص المناعة المكتسبة، لأنهم يخشون أن تكون نفقات التأمين مكلفة للغاية، وأن هؤلاء العاملين غالبا ما سيتغيبون عن العمل لأسباب صحية، وأنهم قد يتسببون في عدم ارتياح بقية الموظفين.

على صعيد آخر، ذكرت المتحدثة التمييز الذي يحدث في الأوساط والمرافق الصحية، حيث قالت، إنه لا زال البعض يعتقد خطأ أن فيروس نقص المناعة البشرية ومرض "الآيدز" يتنقل بمجرد اللمس، وأن هذا المرض يؤدي حتما إلى الوفاة، وعليه لا يتم التكفل ورعاية هؤلاء المصابين صحيا لدى عدد من الأطباء الذين يرفضون إجراء عمليات جراحية لهم، ويتفادون التعامل معهم، رغم أن عملهم ينص على ذلك.

وعن دور الاتحاد العام للعمال الجزائريين، تقول المتحدثة، إنه يلعب دور الوسيط بين العامل ومفتشية العمل، في حالة ما إذا تم هضم حق من حقوقه، لأن الاتحاد يعتبر ممثل العامل، وقبل كل شيء، تقوم في كل مرة بحملات توعوية تثقيفية، تساهم في تبليغ العامل بكل ما يحتاجه في وسطه المهني من المهام التي لابد أن يؤديها، ومن المقابل الذي يعتبر حقا له، إلى جانب توعية العمال بأهمية القيام بالفحص المبكر، الذي لا زال يحترم فيه الخصوصية والسرية التامة، إلى جانب توضيح حقيقة هذا المرض، بهدف ترقية وسط العمل بالنسبة للعامل المصاب أو للمحيطين به من بقية العاملين، إلى جانب حماية الموظف المصاب من أي شكل من أشكال التمييز الذي ينغص راحته، لاسيما إذا كان المصاب يمارس عمله بشكل عادي ولا يشكل أية عرقلة لإنتاجية المؤسسة أو على سيرورتها العادية.

خلال سنتي 2015 و2018، كانت بومرداس، الولاية النموذجية التي أجرى الاتحاد العام للعمال الجزائريين على أكثر من 600 مؤسسة وشركة، الدراسة المتعلقة بفيروس نقص المناعة المكتسبة في الوسط المهني"، وتم تسجيل حينها صفر حالة إصابة بالمرض بالنسبة للعاملين فيها، الذين عادل عددهم 1500 عامل، تقول المتحدثة، وسوف تشمل خلال سنة 2019، ولايات أخرى من الوطن، لدراسة من جهة، عدد المصابين بهذا الفيروس في الوسط المهني، ومحاولة مد يد المساعدة لحماية حقوقهم من جهة، وتثقيف محيطهم بحقيقة المرض من ناحية أخرى.