الحرفية التونسية هند قرقوش لـ "المساء":

استخراج روح الزهر والورود حرفة أعشقها

استخراج روح الزهر والورود حرفة أعشقها
  • 2115
 سميرة عوام سميرة عوام

أكدت الحرفية هند قرقوش من أصول تونسية، أن مدينة عنابة مفتوحة على مختلف الحرف والمهن التي من شأنها تعزيز التراث التقليدي، وهذا ما اكتشفته خلال مشاركتها مؤخرا في الصالون الدولي الأول للسياحة. وحسب ذات المتحدثة فإن قرب المنطقة من تونس يُعد مكسبا لكل الحرفيات؛ حتى يسهل لهن ترويج منتجاتهن للسياح، خاصة مع اقتراب موسم الاصطياف.

كما كشفت الحرفية هند قرقوش أنها مغرمة بالأشغال اليدوية، وتعشق الطبيعة؛ حيث اكتشفت ذلك من خلال علاقتها الروحية بحديقة منزلها، التي حوّلتها إلى جنة فوق الأرض؛ من خلال غرس مختلف أنواع الزهور والورود، منها العطرشية والياسمين، ومن هنا بدأت حكايتها مع استخراج الزيوت وعطور الأزهار، ورغم مشقة العمل إلا أن ذلك لم يعطلها عن خلق زاوية بمنزلها مخصصة لصناعة العطور ومركزاتها بالإضافة إلى الزيوت التي تستعملها السيدات في الزينة وفي الحمّامات الشعبية.

وأشارت المتحدثة إلى أن والدتها تساعدها على تطوير نشاطها الحرفي، الذي تعتبره مكسبا لها بعد الرسم بالحرقوس.

وعن هذه الأخيرة قالت الحرفية هند إن حكايتها مع الحرقوس بدأت مع تعلقها بالريشة والرسم على اللوحة، وعليه هي ترى أن الحرقوس فن مفتوح على الرسم، مؤكدة أن معصم المرأة أو ذراعها عبارة عن فضاء تشكيلي بالنسبة لها، أو هو "المحمل الذي أرسم عليه"، تضيف الحرفية؛ لأنها تتنفس فيه حريّتها وإبداعها الداخل. 

وفي سياق متصل أشارت الفنانة والمبدعة هند قرقوش، إلى أن علاقتها بالزبونات في مختلف الدول العربية خاصة بتونس والجزائر، وطيدة، وتربطها بهن ثقة لاختيار النقوش والرسومات التي تتناسب مع المناسبات وحتى الأعراس، لكن، على حد تعبيرها، فإنها توقفت عن رسم الحرقوس في الأعراس؛ لأنه يتطلب جهدا إضافيا لتزيين العروس وأهلها، وهي مضطرة لخلق رسومات وزخرفات جديدة، لكن اهتمامها باستخراج عطور الزينة أخذ كل وقتها في الوقت الراهن. ولم تغفل محدثتنا الحديث على أن العروس التونسية في زفافها لها تقاليد خاصة هي ملزمة باحترامها، بأن تضع لها امرأة مسنّة الحرقوس والحناء،  وذلك حسب كل منطقة وخصوصيتها.

وعلى صعيد آخر، تطرقت الحرفية قرقوش لطريقة استخراج ماء الزهر من زهور شجرة البرتقال وغيرها؛ يتم عرضها بعد ترتيبها وإعدادها في السوق الشعبية؛ حيث يكون الطلب عليها كبيرا؛ لأن المرأة التونسية تفضّل إضافة روح ماء الزهر إلى القهوة العربية الأصيلة، بالإضافة إلى استعمالها في الحلويات وبعض الأطباق التقليدية الأخرى. وللحفاظ على الإرث التونسي أضافت الحرفية أن عملية استخراج وصناعة العطور وما شابه ذلك، مستمرة، وهي تفكر في إنشاء محل خاص بهذه الحرفة حتى لا تندثر؛ لأنها أخذتها عن والدته. 

ولتنويع نشاطها تصنع السيدة هند بعض المراهم والعنبر لتعبيق زوايا المنزل، خاصة في شهر رمضان وفي المولد النبوي الشريف، ويكون الطلب عليها كبيرا من طرف العائلات التونسية وحتى السياح الأجانب، إلى جانب صنعها السخاب لتضعه المرأة لتعطير جسدها، كل هذه التشكيلات ولدت عندها يوما بعد يوم عالم الإبداع والتنفس طويلا لاستحداث كل ما هو تقليدي، يتماشى ومتطلبات العصر.