الحملات التحسيسية والتوعوية ضد مختلف أشكال الآفات الاجتماعية
إجماع على أهميتها ونجاعتها كونها مدرسة تغرس قيم المواطنة

- 1281

تعد الحملات التحسيسية والتوعوية من بين أهم الأساليب التي تساهم في نشر الوعي ومن ثم محاربة كل أنواع وأشكال الآفات الاجتماعية التي تمس المجتمع في العمق، خاصة أمام الأرقام المرعبة التي تعرضها المصالح الأمنية بمختلف أسلاكها، والتي تجعلنا ندق ناقوس الخطر، لاسيما أن الأمر أضحى يتطلب تدخل كل الشركاء الاجتماعيين. ويرى الأستاذ ابن زروق جمال، مكلف بالإعلام على مستوى جامعة 20 أوت 55 بسكيكدة أن مثل هذه النشاطات يجب أن تكون متواصلة وغير مناسباتية، لأنها تتطلب التواجد المستمر بالشرح والتفسير وتقديم الأرقام والإحصائيات مع الحلول ولما لا مرافقة الشباب حتى يتمكن من التخلي عن كل السلوكات السلبية. أما عن المدة الزمنية بين النشاط وما يواليه يقول الأستاذ ابن زروق، يجب أن تكون على الأقل كل شهر، لأن النشاط ـ حسبه ـ إذا كان أسبوعيا فإنه سيصبح مملا سواء للجمهور أو لمن يقوم به.
من جهته، يعتبر شحرور المالوف السكيكدي المطرب أحمد شكاط، بأنه أمام تفاقم الآفات الاجتماعية من مخدرات واعتداءات وانحرافات سلوكية، بات من الضروري تكثيف الحملات التحسيسية بإشراك المواطنين والمختصين وكل فئات المجتمع بما فيهم الفنانين من أجل غرس العمل سويا للحد من الظاهرة الخطيرة التي أصبحت أمرا مفروضا. أما الدكتور عيساني محمد الطاهر، أستاذ بجامعة 20 أوت 55 اختصاص علم النفس، فيرى أن الحملات الدورية التي تقوم بها بعض مؤسسات الدولة على غرار المديرية العامة للأمن الوطني، تعتبر قفزة نوعية في العمل المؤسساتي الذي يحمل على عاتقه هموم المواطن وما يقض مضجعه مثل هذه الحملات من شأنها أن تجدر لدى الرأي العام الوطني مدى التفاف مؤسسات الدولة حول المواضيع والتحديات التي يمكن أن تمس بالأمن العام للمواطن.
صحيح هي طريقة مثلى كذلك لتقريب المؤسسة الأمنية من المواطن من جهة ومن جهة أخرى، تساعد إلى أبعد الحدود على ترسيخ الدور التربوي والتحسيسي والإعلامي لهذه المؤسسة العريقة، وصراحة لقد لاحظنا منذ أكثر من عشرية تطورا ملحوظا وإيجابيا في السياسة الإعلامية للأمن الوطني من ناحية تنشيطه لاهتمامات راهنة أهمها مكافحة المخدرات والعنف وإرهاب الطرقات والمحافظة على البيئة، إلى جانب انفتاحه على الكفاءات الوطنية والحركة الجمعوية.. وشخصيا تشرفت بأن أطّرت ندوات ومحاضرات عدة في ميادين مثلا حول السيدا والمخدرات والتبرع بالدم أو حتى الوقاية من سرطانات الثدي وعنق الرحم عند المرأة، ناهيك عن تنظيم حملات التضامن الوطني في شتى المجالات خاصة منها التكفل ببعض الحالات الحرجة للمواطنين وذلك على مستوى ولاية سكيكدة وحتى على مستوى مديرية أمن ولاية سطيف، لكن يبقى ـ كما أضاف ـ أن تقييم هذه الحملات من الناحية بعيدا عن الأكاديميين الذين بإمكانهم تقديم دراسات في هذا الشأن تتطلب تبني استراتيجية وطنية في ميدان مكافحة الآفات الاجتماعية، تكون بفعالية أكثر وبمجهودات أكبر في شقين أساسيين هما التربية والشباب والرياضة، فهؤلاء يكونان قاصرين حينما تمسخ الفرجة الرياضية فتصبح عنفا ويصبح الرياضي متعاطيا للكوكايين والتربية حين تكون قاصرة وتساهم في تفشي الجريمة والآفات الاجتماعية من خلال التسرب المدرسي والجهل.
أما الإعلامي والأستاذ والشاعر محمد بوذيبة، فإنه يقر بالأهمية التي تشكلها الحملات التحسيسية في التصدي لكل الظواهر الاجتماعية السلبية التي تنخر جسد المجتمع إلا أنه يرى بأنه لا توجد حملات تحسيسية بما يكفي لمحاربة الآفات الاجتماعية بأنواعها بخاصة في البلديات والقرى الريفية التي تفتقر أصلا للجمعيات والجهات التي تسهر على تنظيم مثل هذه المبادرات، مشددا على ضرورة تكوين جهاز يسهر على بعث هذه الحملات التحسيسية باستمرار وفي كل المناطق سواء أكانت مدن أو أرياف أوقرى نائية. الجدير بالذكر أن الحملات التحسيسية التي تباشرها في أغلب الأحيان الهيئات النظامية أمام غياب شبه كلي للحركة الجمعوية التي لا يكون نشاطها إلا مناسباتيا تؤتي في كثير من الأحيان أُكلها من خلال النتائج الملموسة ليبقى المجتمع مطالبا أكثر من أي وقت آخر بأن ينفض عن نفسه رداء الخمول وأن يساهم في تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية تنطلق من الأسرة ثم الشارع ثم مختلف المؤسسات التربوية والتكوين والجامعة.