باتيك الجزائر 2023

أندونيسيا تستعرض أحد أشهر الفنون الشعبية لجزيرة جاوة

أندونيسيا تستعرض أحد أشهر الفنون الشعبية لجزيرة جاوة
  • القراءات: 388
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

عرضت السفارة الأندونيسية بالجزائر، أحد أهم فنونها الشعبية، التي تعكس تقاليدها، وتمثل التراث المحمي بأندونيسيا منذ سنة 2008، وهو فن الباتيك، أو الرسم بالشمع على القماش، تحت شعار باتيك الجزائر 2023. هذا الفن الذي يمارسه عدد من النساء، توارثته حرفيات عن الأجداد، ويحترفنه بشكل جعلهن يكتسبن به شهرة عالمية، لتتحول أندونيسيا إلى واحدة من أكبر وأشهر مدارس هذا الفن، تنظم في كل مرة ورشات، يستفيد منها فنانون ومصممو أزياء حول العالم على أيدي خبراء رائدين في المجال.

نظمت السفارة على هامش احتفاليتها بالذكرى 78 لتأسيس جمهورية أندونيسيا، ورشة كبيرة لتعليم فن الباتيك للراغبين في ذلك، ونشر هذه الثقافة العريقة لواحد من أطيب شعوب العالم.

والباتيك من الفنون الرائدة والشهيرة، والتي تكسب لقمة عيش الملايين من سكانها، يحترفها النساء وكذا الرجال، بتصاميم مختلفة، يبدع المحترف في رسمها على العديد من القطع التقليدية؛ من ألبسة، وحتى أفرشة منزلية، وقطع الديكور.

ولقد أصبح فن الباتيك وسما من الدرجة الأولى للمنسوجات الأندونيسية، يعدّه، بشكل مدهش، الأندونيسيون فخرا كبيرا لهم؛ إذ يعكس عراقة تاريخهم، ويعتبرونه واحدا من الجسور الرابطة بين الدولة وباقي دول العالم، لعبور الثقافة المحلية للأندونيسيين.

"الباتيك" كلمة مشتقة من اللغة الجاوية الخاصة بالشعب الجاوي، من الأجزاء الوسطى والشرقية من جزيرة جاوة، في أندونيسيا. ومعناها التنقيط؛ نسبة إلى طريقة العمل على القماش بالشمع؛ إذ يتم استخدام الشمع والصباغ بعدها لتزيين الأقمشة، والزخرفة عليها برسوم ونقوش، تعكس الثقافة المحلية، ويتم استعمال في كل مرة، ألوان مختلفة.

والباتيك، حسب ريزي المكلفة بالإعلام والاتصال لدى السفارة الأندونيسية، حرفة وفن متكامل. يتم العمل فيه بمجموعات، تبدأ في مرحلة أولى بإعداد القماش الذي يكون عادة من القطن أو الكتان، أو حتى أقمشة أخرى، تكون غالبا من الأنواع الرفيعة؛ لأن ذلك ضروري، حتى تتم عليها عملية الزخرفة بالأسلوب الصحيح. بعد ذلك يتم الاستعانة بأدوات خاصة للرسم على تلك الأقمشة بالشمع، وهي أقلام خشبية تحمل نوعا من الأنابيب المخروطية، بها مادة الشمع، ليتم تنزيلها تدريجيا على القماش، والرسم في الأماكن التي يراد أن تظل غير ملونة بعد صباغتها، ثم يُترك القماش إلى حين يجف الشمع. ثم تُغطس القطع في صباغة بلون محدد. وبعدما تجف مرة أخرى يتم إزالة ذلك الشمع، وإعادة صباغة الفراغ بلون مغاير، وما إلى ذلك من تكرار العمليات إلى حين بلوغ الشكل والرسم المطلوب.

وفي الأخير تُغسل تلك الأقمشة في الماء الساخن، وتُعرض لدرجة حرارة تجعل كافة الشمع يذوب قبل تلوينها مرى أخيرة، لتبقى تلك الصباغة بدون أن تحول أو تزول بفعل الغسيل المتكرر.

وحسب ويزي، فإن كل تلك الزخارف لها معان واضحة في الثقافة الأندونيسية؛ فهي ترمز إلى جزء من الثقافة المحلية. وتعكس الإيمان الكبير بالطاقة الإيجابية والطاقة التي تمدها الطبيعة؛ فمثلا هناك رسوم ساتريو ويبوو،  وهي ترمز إلى الرجل الذي يتميز بكرامة. وكذا سيدو موليو، وهي تلمح للسعادة الدائمة. كما إن رسوما أخرى تعكس مدى ارتباط الشعب الأندونيسي بمختلف عاداته الفسيفسائية بالطبيعة؛ من اخضرارها، وزرقة مياهها، وألوان أحجارها الكريمة، وغيرها من جمال تلك الدولة، وكذا شعبها.

و"الباتيك"، حسب المكلفة بالاتصال، نوعان؛ أحدهما مصنوع يدويا، ويتم في ورشات عائلية، يتطلب الكثير من الجهد، والصبر، والدقة، والإتقان في العمل. وهي القطع الأغلى ثمنا. وتسمى بالتوليس.

أما النوع الثاني المعروف بالكاب، فتتم طباعته في قوالب جاهزة، ثم يلوَّن ويصبَغ بمواد جيدة. ولا يقل جمالا إلا أنه أقل تكلفة؛ فلا يتطلب جهدا عضليا خاصا مقارنة بنظيره المصنوع يدويا.

وللإشارة، تعتمد، اليوم، العديد من الدول على هذا الفن في ثقافتها المحلية؛ على غرار السينغال، والهند وكذا الصين واليابان، إلا أنه في أندونيسيا لايزال الباتيك يحتل المساحة الثقافية الأوسع وسط سكانها. ولا يتردد الأجانب والسياح في اقتناء قطع من تلك الألبسة للتزين بها كتذكار من هذه الدولة، أو من إحدى جزرها الخلابة.